القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة
آخر تحديث GMT18:47:13
 لبنان اليوم -

يشكل نموذجًَا للتعرف على عمارة القصور خلال القرن 16 في المغرب

القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة

القصر البديع في مراكش
مراكش_ثورية ايشرم

تعتبر مدينة مراكش المغربيّة، من بين أجمل المدن العتيقة، وكسبت سمعة جيدة وشهرة عالميّة دفعتها إلى التربع على عرش السياحة المغربيّة، لتصبح الملاذ السياحي الأول لكل من يرغب في قضاء أجمل الأوقات بين أحضان الحاضر بتطوراته، والاستمتاع بالطبيعة الخلابة، والعيش في أحضان الماضي بتفاصيله والاستمتاع بمآثره التاريخية التي تعود بك إلى عبق زمن جميل.
ومن بين هذه المآثر الخالدة في العاصمة الحمراء يقع القصر البديع، اسم البديع، وهو من أسماء الله الحسنى، من جهة أخرى تعني تسمية القصر البديع باللهجة المغربية "قصر الخزف"، الأمر الذي قد يكون مرده لكسوات الجدران الغنيّة بالزليج التي زينت الصرح بكثرة، والذي يعتبر من منجزات الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي عام 1578، وتزامن بناؤه مع انتصار المغرب على الجيش البرتغالي في معركة وادي المخازن. وحسب ما تشير إليه المصادر التاريخيّة إلى أن السلطان جلب لبنائه وزخرفته أمهر الصناع والمهندسين المغاربة والأجانب حتى أن بعض المؤرخين والجغرافيين القدامى اعتبروه من عجائب الدنيا.
ويقع القصر البديع في الجانب الشمالي الشرقي لمدينة مراكش، ويتميز التصميم العام للمعلمة بتوزيع متناسق للبنايات حول ساحة مستطيلة الشكل. يتوسطها صهريج كبير طوله 90 مترًا وعرضه 20 مترًا وأربعة صهاريج أخرى جانبية تتخللها أربع حدائق مميزة. وأهم ما يميز القصر البديع كثرة الزخارف وتنوع المواد المستعملة كالرخام والتيجان والأعمدة المكسوة بأوراق الذهب والزليج المتعدد الألوان والخشب المنقوش والمصبوغ والجبس.
واختار أحمد المنصور الزاوية الشرقية لبناء هذا القصر حتى يخصصه لإقامة الحفلات وتنظيم الاستقبالات الرسميّة، وقد انطلقت الأشغال به بعد كانون الأول/ديسمبر 1578، واستمرت دون انقطاع لمدة 16 عامًا. وبالرغم من أن القصر يوجد حاليًا في حالة خراب، إلا أنه مازال يتوفر على تصاميمه التاريخية التي تمكن من التعرف على هندسته ومكوناته المعمارية وزخارفه. وتشير هذه التصاميم إلى 1585، والتي تبين أنّ القصر محاط بسور مدعم في زواياه الأربعة بأبراج وأن الولوج إليه كان يتم عبر أبواب عدة تتواجد الرئيسية منها بالجهة الجنوبية الغربية. ويوجد القصر حول ساحة مركزية كبرى تتوسطها بركة مائية كبيرة تتوفر على نافـورة، وفي جنباتها روضتان مغروستان بالأشجار والزهور وصهاريج مائية ذات حجم أصغر، ووسط الضلعين الصغيرين للساحة يرتفع جناحان لم يتبق منهما إلا آثار واحد فقط، وهما ذوا تصميم مربع وكانا مغطيين بقبة يحملهما 12 عمودًا ضخمًا تذكرنا بتلك الحقبة الزمنية التي مازال أثارها محفورة في كل جانب من جوانب القصر، كما أنه يحتوي على أرضية مغطاة بالزليج تتخللها برك مائية صغيرة تغذيها قنوات، مما كان يساهم في تلطيف الجو داخل القصر.
وعلى الجنبات الطويلة للساحة تمتد أجنحة مستطيلة تنفتح بواسطة أقواس لم يتبقى منها إلا أطلالها والتي تتجلى في  قاعة الذهب، وقاعة البلور وقاعة الخيزران ، أما القاعة الخمسينية التي كانت تستعمل كقاعة للاستقبالات فلا زالت قائمة في الجهة الشرقية بالقرب من المدخل الرئيسي للقصر. إضافة إلى أن القصر البديع يتميز بعناصر تاريخية ذات زخارف من الرخام والجزع من شتى الألوان التي تغطي الأسقف والجدران والأرضية، إضافة إلى التيجان المذهبة والزليج المُتعدد  ويمكننا أنّ نتخيل حلة القصر البديع من خلال روائع الفن المعماري السعدي المتبقية في مراكش.
وبرغم الإهمال الذي عاشه القصر البديع وما أدى إلى دمار معظمه إلا أنه مازال يشكل نموذجًَا حيًا يمكننا من التعرف على عمارة القصور خلال القرن 16 في المغرب، فهو يحمل تأثيرات أجنبية تتجسد من خلال تصميمه الأندلسي الشكل، فالأجنحة المحورية مستوحاة من ساحة الأسود في غرناطة ونجدها أيضًا في صحن مسجد القرويين في فاس، والبركة المائية المستطيلة والكبيرة الحجم نجدها في ساحة الريحان، أما نظام البرك والقنوات المائية داخل القاعات فنجد مثيلاً لها في قصر الحمراء بغرناطة، ويفهم من هذا أنّ الفن الأندلسي في غرناطة ظل يمارس تأثيره على الفن المغربي خلال هذه الفترة بفضل هجرات المورسكيين الفارين من حروب الاسترداد المسيحية.
وحسب ما أكده به المؤرخ الإفراني لـ"المغرب اليوم"  في فهم بعض مصادر التأثير الأخرى، حيث يذكر "أن المنصور الذهبي استقدم العمال والحرفيين من كل البلاد وحتى من أوروبا كما جلب الرخام من مدينة بيز من إيطاليا، وهي طرق وتقاليد شائعة في القرون الوسطى ببلاد الإسلام، وكان قصر البديع يتكون من 20 قبة، بالإضافة إلى العديد من المخازن والغرف المزخرفة رغم تعددها ومساجد الصلاة، هذا وقد احتل الزجاج مكانة خاصة في النفس المعماري بالمغرب السعدي وكان يستغل في الزخرفة".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة القصر البديع في مراكش كنز لا يفنى ولا يقدر بثمن بفضل مآثره التاريخيّة



GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 لبنان اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
 لبنان اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 لبنان اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon