كتبت مدونة السفر في صحيفة "التلغراف" البريطانية فيونا دنكان عن تجربتها في الابحار عبر اليونان قائلة " أبحرنا أثناء العاصفة، بدون دراسة الاحوال الجوية وبدون دراسة الاحوال الاقتصادية التي عصفت باليونان في نهاية حزيران/يونيو العام الماضي، حيث وقفت طوابير الناس في أثنيا امام الصرافات الألية في فترة ذروة الأزمة الاقتصادية."
وقالت: " وكما البحارة منذ العصور القديمة سافرنا بعيدا عن العاصفة الاقتصادية، ولكن زرنا قبلها "البارثينون" ودُرنا حول قرية لاكا، ونزلنا تحت "الأكروبوليس"، والتي تعتبر واحدة من اهم مزايا استئجار قارب في خليج "سارونيك" في أن البداية تكون من أثنيا، ويمكن أن يكون الخليج أقل شعبية ومعرفة لدى السياح من جزر البحر الأيوني أو سيكلادديز، الا أنه ليس أقل متعة من جزر بوروس حيث ترسو الأساطيل، بالإضافة الى جزيرتي هيدرا وسبيتسيس التي تمتلك كلها سفن سياحية على مدار الأسبوع."
وأضافت :" ويعتبر أخد النصائح من الأشخاص الذين زروا المنطقة من قبل وخصوصا خلال الابحار في منطقة جديدة مثالياً في مثل هذه الرحلات. وفي رحلتنا امتلكنا شخصا مثل هذا لديه شعر أحمر يدعى ستاماتوس ويعمل كربان للقارب، وقد كان هذا الرجل مفتاح سعادتنا طوال الرحلة، فاستمعنا معه في أفضل الحانات والخلجان الهادئة، واستطعنا أن نركب سيارات مجانية لنقلنا الى مستودعات النبيذ والمشروبات الروحية والتجول في الأسواق ثم العودة الى القارب المسى كامارا."
وتابعت فيونا دنكان تقول: " ولم تمنعنا العواصف الجوية أو الاقتصادية من الاستمتاع برحلتنا ومواصلة طريقنا، وضمنت رحلاتنا ثلاثة رجال من عائلة دنكان هم أب مع ابنيه يأتون لقضاء عطلة في الابحار، وبعد أربع ساعات من الابحار وصلنا الى أول ميناء لنا في الرحلة في بيرديكا القريبة من قريتي الصيد في ايجينا والتي تمتلك سلسلة من المقاهي والمطاعم تحت الأروقة على طول الواجهة البحرية."
ويعد خليج سارونيك موقعا جيدا للبحارة المبتدئين أو المتوسطين، سواء أبحروا مع ربان محترف او بدونه، ولو ابحروا على قارب واحد أو ضمن اسطول من القوراب، فمسافاته قصيرة ورياحه خفيفة بالعموم، وتمتاز جزره بالرمال البيضاء والمياه الفيروزية والتي تعبر عن روح اليونان الحقيقة الطبيعية مع الكثير من المعالم التاريخية الجميلة من بينها كان ابيدوراس على البر الغربي.
وأفادت أنه " بعد ركوب التاكسي لمدة سبعة اميال من الميناء وصلنا الى مسرح ابيدوراس الذي يعود للقرن الرابع قبل الميلاد، والذي يقع الى جانبه عدد من المعابد الأخرى التي يمكن زيارتها لالهة الماء افايا في ايجينا ومعبد بودسيدون في كيب سونيون الذي يعتبر واحد من المعالم السياحية الكبيرة على البر الشرقي لليونان."
وأكدت فيونا دنكان " وكان الطقس جميلا في الفترة التي أبحرنا بها، والبحر دافئ، وسرعان ما أصبحنا يونانين مع ابتسامات كبيرة على اوجهنا على الدوام، وبعد الوصول الى ميناء بوروس الصاخب التي لا تتقاضي أي رسوم على السفن الراسية فيها، ورحب بنا أحد أصدقاء قبطان القارب الذي كنا نستقله، ولكن كانت الصرافات الالية خالية من الأموال واليونان على عتبه اعلان الافلاس، الا أن هذا لم يمنعنا من التمتع بالشوارع الجميلة وراء الواجهة البحرية، حيث وجدنا حانة ديميتريس التي تقدم الأطباق اليونانية مثل شرائح اللحم الرائعة، ورفض مالك الحانة أن يقبل دفعنا ثمن الوجبات باستخدام بطاقات الصرف، وأصر على الدفع الكاش."
وتابعت :" قبل يوم من اعلان الافلاس الرسمي، استيقظنا في مكان مثل الجنة فيما سفينتنا راسية تحت بستان من شجر الزيتون في خليج فارغ باستثناء كنيسة صغيرة بيضا في جزيرة دهوكس التي لا تمتلك أي حانة، فقط تناولنا الطعام على متن السفينة، مما أتاح لنا تناول وجبات رائعة بالرغم من أنني أحب الطهي المنزلي ولكن الاطباق على متن السفن بعد الابحار لديها مذاق مميز ومختلف."
وأوضحت فيونا دنكان أنه " وبعد الغداء كنا قد وصلنا الى هيدرة التي تعتبر بمثابة سان توربيه ولكن في خليج سارونيك، والتي تمتاز بميناء بأرصفة رخامية أمامها نصف دائرة من المنازل الانيقة والمحلات التجارية وصالونات التجميل، وكانت أجهزة الصرافة في هذه الجزيرة تقدم 60 جنيها استرلينيا في اليوم الواحد لليونانيين وأتاحت الفرصة للأجانب بسحب ما يريدون، مما زاد من تألق ذلك اليوم."
وأكملت " وأمضينا الليل في هيدرة وتناولنا الطعام في مطعم أزيري الذي تديره عائلة وراء الواجهة البحرية في شارع طويل، وفي اليوم التالي وصلنا الى خليج صغير بين أنجستري ودهروسا بصخور بيضاء ومياه زرقاء بلورية، ويقع على شاطئه حانة بسيطة، تناولنا فيها سمك الشبوط بينما جلسنا ننظر من خلال النافذة على البحر وجبال بيلوبونيز الرمادية البعيدة ونتمتع بمنظر الطعام وهو في طور الاعداد، وفي هذا اليوم بالذات أعلنت اليونان الافلاس، وفي هذا اليوم يبدو أن الهة اليونان قررت اظهار استيائها فتلبدت السماء بالسحب السوداء وبدأ الرعد والبرق وتصاعدت الرياح وهاج البحر وبدأت عاصفة اعصارية مرت على بعد ميلين منا."
ويمكن للسياح الاستمتاع برحلة مشابهة باستخدام احدى يخوت شركة كوزموس الراسية في أثينا وأفريو وكورفو وليفكاس وسكياثوس وكوس ورودس وباروس، تستوعب لغاية ستة اشخاص بتكلفة 1300 جنيه استرليني في الأسبوع، مع تكاليف اضافية بقيمة 105 جنيه يوميا، ويمكن للبريطانيين الوصول الى اثنيا من لندن على متن "ايزي جيت" مقابل 60 جنيها استرلينيا للشخص الواحد، فيما تسير الخطوط الجوية البريطانية رحلات بين لندن وأثينا مقابل 100 جنيه استرليني للشخص الواحد، وتكلف سيارات الأجرة من المطار الى اليموس مارينا حوالي 25 جنيها استرلينيا.
وتبدأ الرحلات عادة يوم السبت في متصف النهار لإتاحة الوقت للزبائن بالتسوق من السوبرماركت القريب من الميناء ويجب عليها العودة يوم الجمعة الساعة السادسة مساء حتى يكون البحارة قد قضوا أسبوع كامل عليها، ومن الأفضل الوصول الى أثينا قبل يوم من انطلاق الرحلة، ويعتبر فندق كوكو مات نافسيكا في ضاحية كيفيسيا مكانا مثاليا لقضاء الليلة ما قبل الابحار مقابل 120 جنيها استرلينيا.
ويعتبر أفضل موسم لخوض هذه الرحلة بين نيسان/أبريل و تشرين الأول/أكتوبر، فيما شهري حزيزان/يونيو وأيلول/سبتمبر هما الأفضل لعدم وجود الازدحام ولهبوب الرياح الخفيفة، ويعتبر شخص اب/أغسطس الأصعب نظرا لارتفاع درجة الحرارة كثيرا.
ويجب على البحارة الذي لن يستخدموا قبطانا محترفا أن يستأجروا عدة شراعية جيدة بتكلفة 50 جنيه استرليني وأن يأخذوا معهم أغطية ومناشف لما بعد السباحة ووسائد مريحة، وارتداء الأحذية المناسبة بعد السباحة في الخلجان الصخرية لتفادي قنافذ البحر، وجلب التوصيلات وشواحن الهواتف المحمولة، وبعض من الاطعمة التي يمكن استعمالها في حال لم يستطيعوا ايجاد مكان لتناول الطعام فيه.
وتعتبر حانة ديميتريس في بوروس مثالية لتناول شريحة اللحم والكباب، فيما مطعم بوسيدون في بوروس أفضل مكان في المدينة لتناول الأسماك، ومطعم بارادوسكاوي في هيدرا مكان مثالي لحانة تقع بجانب رصيف البحر تديره عائلة.
أرسل تعليقك