صورة من الارشيف للقصر الحكومي اللبناني
بيروت ـ جورج شاهين
لم يتوصل اللقاء، الذي جمع أركان قوى "8 آذار" والتيار "الوطني الحر" في مقر العماد ميشال عون، بعد ظهر الاثنين، إلى أي اتفاق بشأن تسمية من سيشكل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد استقالة الرئيس نجيب ميقاتي، بعدما اشترط العماد ميشال عون على حلفائه الإتفاق مسبقًا على قانون الانتخاب الجديد، قبل تسمية رئيس
الحكومة، لأنه سيكون واحدًا من الفريق، الذي تتشكل منه الغالبية الجديدة، إذا نجحت قوى "8 آذار" بالاحتفاظ بهذه الغالبية.
وجاء هذا التطور السلبي ليعبر عن أجواء التردد في مختلف الأوساط السياسية والحزبية، إزاء الملف الحكومي، والتي عبرت عنها أوساط قوى "14 آذار"، التي لم تتفق بعد على اسم مرشحها، بانتظار لقاء أقطابها، في مهلة أقصاها عصر الأربعاء المقبل، بعدما اكتمل عقدهم في بيروت، بعودة رئيس الكتائب أمين الجميّل من واشنطن، والرئيس فؤاد السنيورة من الرياض.
وعُقد الاجتماع الموسع لأقطاب "8 آذار" في منزل رئيس تكتل "الإصلاح والتغيير" العماد ميشال عون في الرابية، في غياب ممثلي حركة "أمل"، وضم الاجتماع إلى عون وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال المهندس جبران باسيل (صهره)، ووفدًا من تيار "المردة" برئاسة النائب سليمان فرنجية، ومعه الوزير السابق يوسف سعادة، وممثلاً عن حزب "الطاشناق" النائب آغوب بقرادونيان، كذلك إنضم إليهم وفد من "حزب الله"، ضم المعاون السياسي للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله حسين خليل، ورئيس لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا.
واستمر الاجتماع لساعتين، لم يُدلِ بعده أحد بأي تصريح، باستثناء النائب بقرادونيان، الذي قال أن المشاورات ما زالت مستمرة.
وعقب الاجتماع، انتقل الجميع إلى منزل النائب فرنجية، قبل أن يقصد المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله حسين خليل المستشار السياسي للرئيس نبيه بري وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، حيث تم الإتفاق على عقد لقاء موسع، الثلاثاء، في مقر رئيس مجلس النواب، ورئيس حركة "أمل" الرئيس نبيه بري.
وقالت مصادر من بين المجتمعين لـ " العرب اليوم" أن "الإجتماع لم يتوصل إلى صيغة توافقية بشأن اسم الرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة، ومرد ذلك إلى إصرار العماد ميشال عون على الإتفاق أولاً بين مكونات قوى 8 آذار، والتيار الوطني الحر، وحلفائهما على قانون الانتخاب في مرحلة تسبق الحديث عن اسم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة الجديدة، معتبرًا أن من يتفق عليه لتسميته في الإستشارات المقبلة، يجب أن يكون واحدًا من فريق يلتزم التفاهمات على أنها حزمة كاملة، تبدأ بالتفاهم على القانون الجديد للانتخابات، ثم على اسم الرئيس المكلف، فشكل الحكومة، ودورها في المرحلة المقبلة".
وقالت المصادر أن العماد عون كان واضحًا في سياق الاجتماع عندما أشار إلى أنه "لا يمكننا أن نستمر على الوتيرة التي نحن فيها اليوم، ولا بد من توضيح المواقف، وتظهير الصورة النهائية لموقف جامع، وإلا ليقدم كل فريق على ما ينوي القيام به منفردًا"، معتبرًا أن "التفاهم على قانون الانتخاب هو المقدمة المنطقية لأي تفاهم، وأن الأيام الفاصلة عن الاستشارات كافية لتظهير القانون الجديد، في ضوء وجود أكثرية"، دون الإشارة عما إذا كان يحتسب جنبلاط في إطار الأكثرية الحكومية، التي انهارت وتشتت بعد استقالة ميقاتي.
وقال عون أنه "لا يمكننا أن نبدي موقفًا من اسم الرئيس الذي سنسميه في الاستشارات النيابية، قبل التفاهم معه، فالاسم أمر ثانوي، وهو إمتداد لمشروع إما نتفاهم على بنوده كافة أو لا، وإذا أرادوا حكومة تمدد للمجلس النيابي بلا قانون جديد للانتخاب، لن نكون فيها ولا معها، فنحن ضد التمديد لمجلس النواب، وفي كل المواقع الإدارية والعسكرية، وصولاً إلى رئاسة الجمهورية، ما يعني أننا ضد كل صور التمديد.
وأضافت المصادر عن عون قائلة أن "البحث تناول كيفية انبثاق القرارات"، معترضًا على "أي محاولة تغييب التيار عن أي قرار"، لافتًا إلى "إننا جزء من هذه التركيبة السياسية، ولا يجوز أن يصير هناك أي تفاهم أو قرار دون استشارتنا، أو علمنا ومشاركتنا، فلنقرر معًا، ومن يقرر نيابة عنا فليتحمل مسؤولية قراره لوحده".
وانتهت المصادر لتقول أن "الاجتماع لم يكن حاسمًا، وأن البحث لم ينته إلى صيغة توافقية، لكن ممثل حزب الله تعهد بالمزيد من الاتصالات، التي ستشمل لاحقًا الرئيس نبيه بري، سعيًا وراء إجماع مرغوب فيه، سيما وأن من يقررون، لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، ويجب أن يقرروا معًا".
ودعت المصادر إلى انتظار ما سيكشفه العماد عون في المقابلة التلفزيونية، مساء الثلاثاء، عبر تلفزيونه الخاص الـ "أو تي في"، حيث من المتوقع أن تكون قد استنفدت كل المساعي المبذولة لمواكبة المرحلة الراهنة، وصولاً إلى استشارات يوم الجمعة.
وفي سياق متصل، أجمعت مصادر المجتمعين على استبعاد تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد دراسة المواقف التي أدت إلى استقالة الحكومة، وما عبر عنه من مواقف في الأيام القليلة الماضية.
وعلى خط مواز، تواصلت الاتصالات على مستوى أقطاب "14 آذار"، بصورة ثنائية، وقال أحد الأقطاب لـ "العرب اليوم" أن الاتصالات والمشاورات مستمرة لحظة بلحظة، توصلاً إلى قرار جامع، لم يتم التوصل إليه بعد.
وقالت مصادر، اطلعت على جوانب ما دار من اتصالات ولقاءات في الرياض، لـ"العرب اليوم"، أن الرئيس سعد الحريري، الذي بات يتمتع بتفويض القيادة السعودية في هذا الملف، لم يقرر بعد من سيكون الاسم المرشح لديه لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما نقله العائدون من الرياض على دفعات، وآخرهم مدير مكتبه نادر الحريري، الذي عاد، الأحد، إلى بيروت بعدما سبقه زوار الحريري، ومن بينهم الرئيس السنيورة.
وبينما كان وفد "المستقبل" في طريقه إلى بيروت، عائدًا من الرياض، توجه إليها وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، والنائب نعمة طعمة، متوجهين إلى جدة على متن طائرة خاصة.
وقالت مصادر مطلعة على حركة الاتصالات أن أبو فاعور توجه للقاء المسؤولين السعوديين، وفي مقدمهم الأمير بندر بن سلطان، للبحث في الملفات المطروحة، وسيلتقي الحريري.
وأكدت المصادر أن "التحرك الجنبلاطي العاجل بإتجاه الرياض، مرده إلى رسالة تبلغها جنبلاط، وهي تقول بأن المطلوب هذه المرة موقفًا نهائيًا وحاسمًا من جنبلاط، فهو إما معنا في المواجهة التي ترعاها السعودية، أو أنه ضدنا، وبالتالي سيبنى على الشيء مقتضاه".
وفي هذه الأجواء نأت أوساط الرئيس ميقاتي عبر "العرب اليوم" بنفسها عن التطورات في البلاد، وقالت أنها لم ولن تخرج عن نطاق تصريف الأعمال، بانتظار تكليف من سيشكل الحكومة.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس ميقاتي، الذي أمضى عطلة عيد الفصح في الخارج، سيعود في الساعات المقبلة إلى بيروت، وأن سجل مواعيده خال من أي اجتماعات طارئة أو عادية.
أرسل تعليقك