الرئيس الفلسطيني محمود عباس
بيروت ـ جورج شاهين
أكد "عدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني"، مجددًا القول إن "الفلسطينيين في لبنان هم تحت القانون وليس فوقه"، وأشاد بدور لبنان الذي "ضحى بالكثير ورفع ويرفع لواء القضية الفلسطينية".بدوره، ومن جانبه أثنى رئيس مجلس النواب نبيه بري على الموقف الفلسطيني
الأخير خلال أحداث صيدا ب"عدم امتدادها وإطفائها"، ونبه إلى أن إسرائيل تحاول إقامة أشرطة حدود حولها فيما نحن نتلهى بأمور تغيب القضية المركزية أي القضية الفلسطينية".
وكان عباس قد واصل لقاءاته مع القيادات السياسية والحزبية والتقى الرئيس أمين الجميل رئيس "حزب الكتائب اللبنانية" يرافقه نائب رئيس الحزب سجعان قزي، في فندق "فينيسيا". قبل أن يلتقي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام، ووفدًا من الحزب التقدمي الاشتراكي يتقدمه وزير القوى العامة في حكومة تصريف الأعمال ممثلا النائب وليد جنبلاط والسفراء العرب.
وفي بداية نشاطه بعد، ظهر الخميس، استقبل بري عند الواحدة والنصف من بعد ظهر الخميس في عين التينة، الرئيس الفلسطيني والوفد المرافق وسفير فلسطين في لبنان أشرف دبور وأركان السفارة، وسفير الجامعة العربية في بيروت عبد الرحمن الصلح والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي نور الدين بوشكوج.
وقد أقيمت للرئيس الفلسطيني مراسم استقبال رسمي حيث كان بري في استقباله عند مدخل قصر عين التينة، قبل أن يستعرضا ثلة من موسيقى قوى الأمن الداخلي وشرطة المجلس، بعد عزف النشيدين الوطني الفلسطيني واللبناني. وبعد الاجتماع عقد عباس وبري مؤتمرًا صحافيًا استهله رئيس المجلس بالترحيب بالرئيس الفلسطيني فقال: "من نوافل القول الترحيب بفخامة الرئيس أبو مازن محمود عباس العريق ليس فقط بفلسطينيته بل أيضا بلبنانيته، كما سمعتم أقواله وكلماته وخصوصا بالأمس لدى اللقاء عند فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية. نستقبله حاملا غصن الزيتون، ونستقبله أيضا ببندقية ياسر عرفات رحمه الله، ولا ننسى أنه هو من بلد القداسة ومن بلد الإسراء والمعراج، ومن بلد مولد السيد المسيح بزيارته إلى لبنان أيضا الذي هو بلد قداسة".
أضاف: "هذا من جهة أما من جهة ثانية، فإنني أبدأ بالشكر، وقد بدأت بالشكر خلال المحادثات التي بدأت بيننا الآن للدور الفلسطيني إبان الأحداث المؤسفة والمتتالية في لبنان في أكثر من موقع وخصوصا ما حصل في عاصمة الجنوب صيدا، إذ أن للموقف الفلسطيني الدور الأبرز في عدم امتداد هذه الأحداث لا بل في إطفائها، وأقول انه علينا جميعا أن نتنبه الآن في المنطقة العربية ولا نغتر دائما بما يسمى بالربيع العربي، وبكل صراحة إن إسرائيل هي المستفيد الأكبر بالنسبة لهذا الموضوع وهي تحاول أن توجد أشرطة حدود سواء كان في الجولان أو سيناء أو في اكثر من بلد ونحن نتلهى بأمور تغيب القضية المركزية التي كانت تجمعنا، القضية التي كانت تتمثل بالأخ أبو مازن فأهلا وسهلا بكم وأقول كلمة واضحة بالنسبة للمصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، سمعت منكم ما يثلج القلب وإننا في خدمة هذه القضية كما كنا في خدمة فلسطين وسنبقى إن شاء الله".
بدوره، قال عباس: "أنا هنا في لبنان البلد الشقيق العزيز على قلوبنا جميعا نحن الفلسطينيين، البلد الذي ضحى الكثير وقدم الكثير الكثير ولا زال من اجل قضية فلسطين، البلد الذي دائما وأبدا، يرفع لواء القضية الفلسطينية منذ أقدم العصور منذ عشرات السنين وهو يحمل هذا العبء ويستمر فيه، وبالتالي له كل التقدير والاحترام في قلوب كل أبناء الشعب الفلسطيني، إن ما جرى في الأيام الأخيرة وما يجري هو واجب سنستمر به، ونحن كل ما يهمنا هو وحدة هذا البلد واستقراره وأمنه دون النظر إلى أي ظروف أخرى وبذلك قمنا بما يجب علينا أن نقوم به وهو أبسط الأشياء التي نفعلها تجاه لبنان الذي استضافنا ورحب بنا وكرمنا والذي ضحى من أجلنا. وأقول كما قلت سابقا نحن هنا ضيوف مؤقتين، وبالتأكيد سيأتي اليوم وإن شاء الله سيكون قريبا، الذي نعود فيه إلى وطننا والى بلادنا شاكرين حامدين هذا البلد على ضيافته لنا. وما دمنا ضيوفا فنحن تحت قانون البلد ولسنا فوقه، ولا يمكن أن نفكر أو نحلم بأننا سنكون فوق القانون، نحن تحت القانون، وما يقرره المشرع اللبناني والرئيس اللبناني والبرلمان اللبناني والمسؤول اللبناني نحن نلتزم به بمحبة، بكل الحب، وبكل الوفاء لهذا البلد الكريم".
أضاف: "هناك قضيتان أريد أن أشير إليهما: الأولى ما أشار إليه دولة الرئيس أن المصالحة إن شاء الله ستستمر ولن تتأثر بأي ظروف تمر بها المنطقة. المصالحة هي مصلحة وطنية حيوية للشعب الفلسطيني، هي عودة للوحدة الوطنية الفلسطينية ولذلك سنستمر في مساعينا التي بدأناها منذ زمن طويل وكأن شيئا لم يكن حولنا، لا نلتفت إلى ما يجري حولنا من أجل تحقيق هذه المصالحة وآمل أن تتحقق وبأقصى سرعة ممكنة وهي كل ما نطلبه الانتخابات وأنتم تعرفون، أنتم من أكثر لا أقول الدول العربية بل من أكثر دول العالم حبا بالديمقراطية وممارسة لها وتعرفون معناها، ونحن نريد أن نسير في خط الديمقراطية كما بدأنا في العام 1996، وكل ما نريده هو الانتخابات وإذا ما حصلت هذه الانتخابات سنكون سعداء جدا لأن نستعيد الوحدة. ثانيا نحن نتفاوض الآن مع الجانب الأميركي من أجل إفساح المجال للدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي".
وتابع: "الأميركيون تتطوعوا مشكورين، وأنا أقول إن لديهم الجدية في هذا العمل لكي يقربوا وجهات النظر بين الأطراف المعنية، وآمل أن ينجحوا وأن نعود إلى المفاوضات قريبا، وآمل أن نصل إلى حل نهائي. وأقول لكم هنا إذا وصلنا إلى حل نهائي يجب أن يكون هذا الحل بموافقة كل الشعب الفلسطيني أولا ثم كل من يتأثر بهذا الحل، أي وبمنتهى الصراحة الدول المجاورة التي تتأثر لظروف كثيرة، لبنان، سوريا، الأردن ومصر. هناك حدود مشتركة وعوامل إنسانية، هناك طلبات وغيرها. يجب أن تكون كل هذه الأطراف، لا أن تأخذ علما بذلك وإنما يجب أن توافق على ذلك. فمن هنا تمسكنا الشديد بالمبادرة العربية للسلام التي اعتمدت في قمة بيروت عام 2002 والتي جرت محاولات من أجل تغييرها أو تبديلها، وهذا الكلام لا يمكن أن يمر لأننا لن نسمح بتغيير هذه المبادرة، المبادرة اعتمدت بقمة وتعود إلى قمة أخرى لتقرر. إنما ليست قمة عربية واحدة وليست قمة إسلامية واحدة، إنما أقول عشرات القمم لأن في كل قمة يعاد اعتمادها سواء عربيا أو إسلاميا، وبالتالي هذه المبادرة في نظري وفي نظر الجميع هي مقدسة يجب أن نتمسك بها حتى تحقيقها".
و عن المطبخ الإقليمي و الدولي الذي يعمل لإسقاط حق العودة إلى أي مفاوضات، قال: "إذا عدنا إلى المبادرة العربية للسلام، أرجو أن تقرأها جيدا فهي تقول "حل عادل يتفق عليه لقضية اللاجئين حسب القرار 194"، وبالمناسبة فالقرار 194 هو القرار الوحيد المرجعية لقضية اللاجئين وكان الكثيرون وبالذات إسرائيل تريد أن تخفي هذا القرار نهائيا، هم يعادون قرارين 181 و194، ولا يحبون أن يذكروه. وقد ذكر في المبادرة العربية التي أصبحت قرارا للأمم المتحدة ولمجلس الأمن لأنها هي جزء من مخطط خارطة الطريق، ولذلك أعيد هذا القرار إلى الوجود مرة أخرى بفضل المبادرة العربية للسلام ولن نتراجع عنه".
وردا على سؤال قال: "السياسة التي اتبعناها منذ سبع سنوات، منذ أول مرة التقينا فيها مع دولة الرئيس بري عام 2005 هي سياستنا. هذا هو موقفنا وهو ألا يحصل أي تدخل إطلاقا في الشؤون الداخلية اللبنانية، بل بالعكس نمنع التدخل، ونحن ملتزمون وفصائل منظمة التحرير ملتزمة، قد يخرج أحد من هنا وهناك وهو خارج على القانون وخارج علينا وخارج على لبنان قد يحصل ولكن نحن نشجبه بكل صراحة وبكل قوة. وكما حصل قبل أيام في موضوع صيدا موقفنا هو هو لن يتغير بل بالعكس سيتوثق أكثر فأكثر".
أما عن الذي حصل في مصر ومدى تأثيره على العالم القريب والبعيد، فقال عباس "لقد أخذنا على أنفسنا عهدا ألا نتدخل أو ألا نقول كلاما معلنا ملزما لشعبنا نحن قلنا منذ البداية أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية، كل شعب أدرى بأموره وبقضاياه. وكما قلنا قبل قليل، أن مصر أدرى بشعابها. لأن ما حصل (في مصر) أمر مهم وكبير، لا أستطيع أن أغمض عيني وأقول انه لم يحصل شيء، فالذي حصل شيء كبير، ونرجو أن يستفيد الشعب المصري مما حصل".
وخلال اللقاء تبادل بري والرئيس الفلسطيني الهدايا، فقدم عباس لرئيس المجلس هدية تذكارية عبارة عن آنية من صناعة يدوية فلسطينية، وقدم له بري نماذج لعملة مصرية تبرع بها الشعب المصري للشعب الفلسطيني أثناء النكبة.
وقال بري: "القضية المركزية والجوهرية تبقى قضية فلسطين، وللأسف فإننا تحت عنوان الربيع العربي نضيع البوصلة".
وبعد لقاء ضم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام ةوالرئيس عباس في مقر إقامته في فندق "فينيسيا". تحدث سلام وقال: "لقائي مع الرئيس عباس للتواصل والتفاعل بما يخدم العلاقات الثنائية الفلسطينية أولا، وبما يخدم كل قضايانا المشتركة، وفي مقدمها القضية الفلسطينية. كان اللقاء مناسبة للتشاور في أوضاعنا والتأكيد على ما تلقيناه من كلام واضح وصريح من الرئيس محمود عباس على مستوى المرحلة الصعبة التي نمر بها جميعا وعلى مستوى حرص القيادة الفلسطينية على تعزيز وتدعيم سيادة لبنان واستقلاله. هذا الكلام من القلب إلى القلب، ونتفاعل معه إيجابيا، ونتمنى أن يستمر في خدمة قضايانا المحقة".
وعن الحكومة، قال: "المساعي التي أقوم بها بالتواصل مع كل الأفرقاء ومع كل القوى السياسية وبمواكبة من الرئيس سليمان هي لتصب في ما يصبو إليه البلد ويتطلع إليه الناس من حكومة وتشكيل لها وتقديم مرحلة جديدة ننهض بها في الكثير من استحقاقاتنا والكثير من متطلبات مواجهة الأحداث ومواجهة الأوضاع العامة في لبنان".
أضاف: "سأستمر في السعي وكلي ثقة بأن اللبنانيين الذين يدعمون توجهي ويدعمون مساعي سيستمرون في ذلك لأن النوايا طيبة والأمل كبير في أن نصل إلى شيء يفيد الوطن. ستستمر الاتصالات إلى أن تجدي، فإذا كان هناك جدية في العمل لا يعود الوقت ذا قيمة، لكن الكل يعلم أن ليس من المفيد أن يبقى الحال كما هو على مستوى الفراغ الذي يطال السلطة التنفيذية. لقد اتخذت الإجراءات للتمديد لمجلس النواب خشية من الفراغ، فلماذا أيضا لا تكون الهمة نفسها عند كل القوى السياسية لتأمين السلطة التنفيذية، كما يجب لمواكبة الأوضاع الداخلية".
وعن مصر، قال: "نتابع التطورات في مصر والعالم العربي، وإذا كنا تطلعنا بأمل إلى الربيع العربي، فلا بد أن نقول إن مصر وبعد اخذ الأمور بحزم من قبل الجيش لا شك في أنها تنبئ بأن الأوضاع تسير بالاتجاه الصحيح. ونأمل أن تنعكس مزيدا من الاستقرار والثبات. فهذا الحراك يخدم مستقبل الشعوب بشكل جيد".
واطلع عباس سلام على "آخر مستجدات العملية السلمية، واجتماعاته الأخيرة مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والجهود المبذولة لإحياء عملية السلام". كما بحثا سبل تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
أرسل تعليقك