الشيخ المغربي محمد الفيزازي
الرباط – رضوان مبشور
خلفت الرسالة التي بعثها ردودا متباينة، حيث انهالت الصحافة الجزائرية على زعيم السلفيين في المغرب بأصناف من السب والشتم، ووصفته بعض المنابر ب "الكذاب" و "الشيطان" و "المنافق"، واعتبرت رسالته تجرءاً فادحاً من طرفه على مقام رئيس الدولة، ومحاولة منه لزرع الفتنة بين
الشعبين الجارين المغرب والجزائر.
كما تلقى الشيخ الفيزازي انتقاداً لاذعاً من شيوخ جزائريين عدة، أجمعوا على وصف رسالته المثيرة للجدل بـ"الفضيحة"، وقال أحدهم أن "النصيحة التي تكون في العلن، هي فضيحة وليست نصيحة".
ووصف الشيخ الجزائري بوروبي، وهو يتحدث لقناة "النهار" الجزائرية، الشيخ الفيزازي بـ "الشيطان الكاذب والإبليس الذي يريد أن يطلق الفتن"، واصفا رسالته بـ "المسمومة وغير الشرعية"، مضيفا أن "الفيزازي قال في حق بوتفليقة ما لم يقله مالك في الخمر".
واتهمت منابر إعلامية جزائرية عدة، القصر المغربي بتحريك الفيزازي، وحثه على كتابة رسالة "خطيرة"، أعادت إلى الأذهان الرسالة التي كتبها الشيخ عبد السلام ياسين ووجهها للملك المغربي الراحل الحسن الثاني، وحملت عنوان "رسالة لمن يهمه الأمر".
وكتب الشيخ الفيزازي على صفحته في الـ " فيسبوك" رداً على منتقديه "يبدو أن رسالتي المفتوحة إلى الرئيس الجزائري، أصابت كثيراً من الجزائريين في مقتل، فمنذ ظهور هذه الرسالة وأنا أتلقى سيل من الشتائم والسباب بكل خسة ونذالة"، مضيفا "أدركت أن المعركة مع خصوم وحدتنا الترابية، لا يجوز أن تنحصر في التعبئة العسكرية والمالية وما إلى ذلك، بل لا بد للأقلام أن يكون لها وجود في ساحة الصراع".
وأضاف منتقدا المثقفين والفنانين المغاربة أن "كم أتأسف على أشغال كثير من المثقفين والكتاب والفنانين بما لا يفيد أرضا ولا عرضا".
وكان زعيم السلفيين في المغرب الشيخ الفيزازي قد نصح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في رسالته المثيرة للجدل بـ "الكف عن دعم جبهة البوليساريو" و "فتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر المقفولة منذ العام 1994"، و"مد يد المصالحة إلى المغرب"، بخاصة أنه "قريبا سيلقى ربه بعد أن بلغ من الكبر عتيا".
وفي ما يلي نص الرسالة:
"حضرة رئيس الجمهورية الجزائرية السيد عبد العزيز بوتفليقة السلام عليكم ورحمة الله وبعد:
أكتب إليكم رسالتي باعتباري مواطناً مغربياً ليس إلا، وباعتبار ما سأخطه لكم في هذه الرسالة يشاطرني فيه الرأي ملايين المغاربة والجزائريين على السواء، وباعتبار أنكم قد بلغتم من الكبر عتياً والأجل قريب لا ريب فيه، وأنكم وأنتم على فراش المرض – شفاكم الله - أدعى للإنصات لأي ناصح كان، وقَمِنٌ أن تستجيبوا لهذا النداء أو لبعضه على أقل تقدير... فهو من ناصح مشفق...
السيد الرئيس: أليست الحدود المغربية الجزائرية مغلقة من طرف واحد، وهو طرفكم؟ أليست حجتكم في ذلك حجة واهية؟ إذ إن التحرز من دخول الأسلحة والمخدرات أو تسلل الإرهابيين من هنا أو من هناك أو اشتراط شروط تعجيزية .. كل ذلك غير مجد ولا مفيد، فالسوق السوداء وعمليات التهريب لكل شيء عملية نشطة عبر الثغور والحدود الواسعة بين البلدين الشقيقين، غير أن ما تتخوفون منه أي الأسلحة والإرهاب هو وحده الغائب عن كل عمليات التهريب، وهو ما يدحض كل تخوفاتكم المتوَجّسة.
السيد الرئيس: هل تعلمون أن المناطق الشرقية للمملكة أصبحت كلها منتجعا سياحيا فاخرا وعملاقا؟ هل سمعتم بشيء اسمه السعيدية المغربية وكيف أصبحت لؤلؤة على ضفاف الأبيض المتوسط؟ هل رأيتم الإصلاح الزراعي في ضواحي وجدة وبركان والناضور وغيرها؟ هل رأيتم ازدهار العمران والبنية التحتية للمدن الشرقية من مطارات دولية عصرية وطرق سيارة وإدارات عالية الجودة؟ هل رأيتم تحسن المستوى المعيشي للسكان؟ وفي المقابل لا شيء من ذلك في المناطق الغربية للجزائر وأنتم أدرى بذلك، كل هذا والمغرب ليس له نفط ولا غاز والجزائر تطفو على بحار من الذهب الأسود أين السر إذن؟
السيد الرئيس: إن استمرار إغلاق الحدود البرية بين البلدين عملية خاسرة لكل من المغرب والجزائر يقيناً، لكن أنتم هم الخاسر الأكبر وأنتم من يتحمل وزر ذلك، والدليل هو ما ترون وتسمعون من تقدم المغرب على الجزائر في كل شيء اللهم إلا في السباق نحو التسلح ربما، لكن لمن تعدّون سلاحكم ورجالكم أيها الرئيس؟ لإخوانكم وأشقائكم في الدين والتاريخ والجغرافية والمصير؟ ولماذا؟ أقول لكم هذا وأنتم تعلمون كما يعلم أشقاؤنا في الجزائر أن الحرب، أي حرب ظالمة، لا بد أن يكون الخاسر فيها هو الظالم المعتدي، قضية المغرب عادلة وهذه الحيثية بالذات هي من يجعل النصر للمغرب بكل اعتبار حتى بالاعتبار العسكري. وأنا لا أقلل من قيمة الجندي الجزائري، أبداً، ولكنه جندي دون روح، ولا معنويات ولا حماسة دينية في هذه القضية تحديدا، وأي جيش يقاتل في سبيل قضية ظالمة وهو يعلم وأي جيش يعد للعدوان في انقسام شعبي واضح، حيث هناك أصوات عالية ومعتبرة في الجزائر لا تقر سياستكم العدوانية على المملكة المغربية، جيش هذا حاله، لا بد أن يكون مصيره الهزيمة، على العكس من ذلك، فإن الإجماع الوطني بشأن قضايا المغرب المصيرية ملكا وحكومة وشعبا هو مصدر القوة هنا بعد الله تعالى، وأقول بعد الله تعالى لأنه سبحانه عودنا نصرة المظلوم وإهلاك الظالم ولو بعد حين ولكم في التاريخ عبر وعظات لا تنتهي.
لقد أغلقتم الحدود ظناً منكم أنكم ستجعلون المغرب يركع لمساوماتكم الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها، لكنكم لم تفلحوا سوى في تقطيع أواصر الرحم والقربى، فمزقتم أسراً، وفصلتم بين الزوج وزوجه، و بنيتم جدار الشقاق بين الأشقاء فماذا أنتم قائلون لربكم غدا.
وعلى ذكر القضايا المصيرية للمملكة والإجماع الوطني بشأنها، لا بد من ذكر مشكل الصحراء المغربية المفتعل، وذكر المحتجزين في مخيمات تندوف وهو ما نسميه هنا شعبيا: مخيمات العار والشنار.
السيد الرئيس: ماذا بعد إشعال نار الفتنة في العيون في هذه الأيام؟ ماذا بعد تحريك خلايا الانفصال النائمة واليقظة، هنا وهناك؟ ماذا بعد ترويج تقارير كاذبة لانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء المغربية؟ ماذا بعد استفزاز قوات الأمن المغربية لإيهام العالم أن الصحراويين ينتفضون؟ وهل صانع المخيمات في تندوف يحل له الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان؟ أنتم آخر شخص يمكن أن يتحدث في هذا.
لقد اشتغلتم على توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية في السر والعلن مدة من الزمن، أنفقتم الطاقات والأوقات حتى كدتم أن تفلحوا ثم جاءت مكالمة هاتفية واحدة من عاهل البلاد لمن يهمهم الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية مدعومة بانتفاضة شعبية مغربية عارمة وتماسك وطني متين جاءت كالرعد الهادر لتفسد عليكم فرحتكم.
السيد الرئيس: متى تدركون بصفة نهائية أن المغرب متواجد على أرضه في الصحراء، مؤيَد من شعبه من أغلبية الصحراويين قبل غيرهم.؟ متى تستيقنون أن الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب قضية وجود وليست قضية حدود قضية حياة أو موت. متى تدركون أن المغرب أنفق في سبيل التنمية البشرية في الصحراء المغربية وإخراجها من ظلمات التخلف وإلحاقها بمستويات مناطق الشمال... أنفق "دم جوفه" كما نقول؟ هل تظنون أن دعمكم لحفنة من الانفصاليين مثل أمينتو حيدر ومجموعة التامك وقضية أاكديم إيزيك وبعض الأصوات النشاز عديمة القيمة...إلخ... جدير بأن يهدم صرح المملكة الذي ترسخ في عمق التاريخ قرونا طويلة؟ هل تصدقون أن الجزائر ممكن أن تنال من وحدة المغرب الترابية والحال كما ترى؟ نعم ممكن أن تزعجوا، ممكن أن تعرقلوا، ممكن أن تثبطوا وترجفوا وتقاتلوا حتى، ولكن ليس من الممكن أن تنجحوا في تخريب مقوماتنا الوطنية ومن أهمها الوحدة الترابية.
السيد الرئيس: إنني لم أتحدث عن البوليساريو ولن أفعل لسبب بسيط وهو أن البوليساريو لا يغدو ولا يروح بدون الجزائر. ويوم تتخلون عنه نهائيا سترون غير قليل منه يُهرعون إلى استجداء غفران الوطن ورحمته. إن الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية هو الحل الذي لا حل غيره، وهو ما تؤيده أعلى نسبة من دول العالم وهو ما يجب العمل من أجله، خدمة للصالح العام ولاستقرار المنطقة وللالتفات إلى قضايا التنمية الشاملة وبناء وحدة المغرب العربي الكبير.
السيد الرئيس: قريبا ستلقون ربكم. ألا تريدون أن تلقوه على خير؟ راجعوا النفس الأمارة بالسوء، وحاسبوها قبل أن تحاسبوا، ولن ينفعكم يومها ضغط بعض الجنرالات في جيشكم لن ينفعكم إلا ما قدمتم من عمل صالح. ومن العمل الصالح فتح الحدود البرية فورا، ورفع أيديكم عن البوليساريو عاجلا، ومد يد المصالحة مع المغرب سريعا، وكف كل أنواع الأذى عن أشقائكم المغاربة الذين تربيت بين أحضانهم في يوم من أيام وجدة السعيدة... كل ذلك قبل أن يدرككم الموت المحتوم فتندموا، ولآت ساعة مندم.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد".
أرسل تعليقك