صورة لأحد أفراد الجيش السوري الحر
دمشق - جورج الشامي
قُتل الأربعاء 150 سورية وسط اشتباكات متواصلة بين الجيشين "الحر" و الحكومي، على وقع القصف بقذائف الهاون والدبابات والغارات الجوية على مختلف المحافظات السورية، ويأتي ذلك بعد سيطرة قوى المعارضة في اليومين الماضيين على عدة مواقع إستراتيجية أبرزها مطار الجراح واللواء 80 في حلب، ومدينة
الطبقة وسد الفرات، وعلى الصعيد الدبلوماسي كشف مدير الوكالة الروسية العامة المكلفة تصدير الأسلحة "روسوبورون إكسبورت" عن استمرار بلاده في تزويد سورية بأنظمة دفاعات جوية، وشدد على أنه "ليس هناك عقوبات من مجلس الأمن الدولي على سورية، في حين تعهد الرئيس الأميركي بمواصلة الضغط على الحكومة السورية والاستمرار في الدفاع عن حقوق الإنسان في دول منطقة الشرق الأوسط، ومن جانبه أعلن "الائتلاف الوطني المعارض" أن قطر التي تعترف به ممثلا شرعيًا وحيدًا للشعب السوري قررت تسليم سفيره المعين حديثًا في الدوحة مبنى السفارة السورية، في حين كشف عضو الائتلاف أديب الشيشكلي أن مجلس التعاون الخليجي وافق على طلب تقدم به الائتلاف بشأن تمثيله في دول المجلس.
وعلى صعيد الاشتباكات قتل الأربعاء 150 سورية في القتال الدائر معظمهم في حلب ودمشق وريفها، وتعرضت عدة مدن في الريف الدمشقي الجنوبي إلى القصف من قبل القوات الحكومية، فيما استمرت الاشتباكات بين الجيش الحر وقوات الحكومة السورية في بداية مخيم اليرموك وشارع الثلاثين، فيما ارتفع عدد شهداء مجزرة جوبر إلى ثلاثة عشر قتيلاً وعشرات الجرحى جراء القصف بالطيران الحربي، وأسقط الجيش الحر طائرة مروحية على الطريق الدولي (دمشق/حمص)، وشهدت داريا اشتباكات عند الجهة الغربية من المدينة وقصف عنيف بالدبابات على منطقة البساتين الغربية، وتتعرض داريا للقصف منذ 93 يوماً وتستهدف طائرات الحكومة المساجد والكنائس وسط المدينة.
و في درعا سقط عشرات القتلى والجرحى جراء القصف على مدينة الصنمين ترافقاً مع اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والجيش الحكومي. وسيطر الجيش الحر على حاجز الجيزة، وقتل عدد من قوات الحكومة السورية فيه، وفي بصر الحرير استمرت الاشتباكات عن الدخل الشرقي للبلدة.
أما في حلب فدمر الجيش الحر دبابة في السفيرة، ودبابتين في تل عابور، في حين شهد شارع النيل اشتباكات عنيفة، وفي حمص أعدمت القوات الحكومية شبعة سوريين ميدانياً في حي كرم الشمالي المجاور لحي باب سباع، وفي إدلب استمر القصف وسط اشتباكات بين الجيشين الحر و الحكومي في حرش مصيبين على أطراف قرية معربليت ومعرطبعي في جبل الزاوية وأنباء عن وجود إصابات وقتلى.
وكانت لجان التنسيق المحلية وثقت الثلاثاء 136 قتيلاً بينهم 5 سيدات و 11 طفلا, 47 في دمشق وريفها، 32 في حلب، 20 في حمص، 14 في درعا، 11 في دير الزور، 9 في حماه، وقتيل في كل من الحسكة والرقة وإدلب.
فيما أعلن الجيش الحر الثلاثاء سيطرته على اللواء 80 وحاجز المنارة في حلب، وذلك بعد ساعات من بدء معركة السيطرة على مطاري حلب الدولي والعسكري، وسيطر الحر على اللواء 80 في معركة أسماها "الثأر لشهداء النهر"، وذلك بعد أيام من اكتشاف نحو سبعين جثة في نهر قويق وسط حلب موثقة أيديهم، يأتي ذلك بعد سيطرة الثوار الكاملة على مطار الجراح العسكري الواقع على طريق الرقة-حلب بعد معارك عنيفة استمرت منذ صباح الثلاثاء، في حين ما زال المقاتلون يحاصرون مطار كويرس.
في هذه الأثناء سيطر الجيش الحر على مدينة الطبقة في ريف الرقة بعد اشتباكات استمرت أكثر من أسبوع. وأعلن لواء القادسية وجبهة النصرة بدء محاصرة مدينة دير الزور من جهاتها الأربع، في عملية تهدف إلى السيطرة على المحافظة بأكملها بعد أن خرجت القوات الحكومية من الريف كله، واستخدموا لذلك آليات ودبابات وأسلحة ثقيلة.
و على الصعيد الدبلوماسي كشف مدير الوكالة الروسية العامة المكلفة بتصدير الأسلحة "روسوبورون إكسبورت" عن استمرار بلاده في تزويد سورية بأنظمة دفاعات جوية، وشدد على أنه "ليس هناك عقوبات من مجلس الأمن الدولي على سورية". وقال أناتولي إيسايكين "إن روسيا ستواصل احترام التزاماتها إزاء عقود بيع المعدات العسكرية"، موضحًا أن الأمر يتعلق بدفاعات جوية وليس بطائرات.
و من جانبه كان قد تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد بمواصلة الضغط على الحكم السوري والاستمرار بالدفاع عن حقوق الإنسان في دول منطقة الشرق الأوسط التي سيزورها في مارس/آذار المقبل. وقال أوباما في هذا السياق "سنواصل ممارسة الضغط على الحكم السوري الذي يغتال شعبه وسندعم قادة المعارضة الذين يحترمون حقوق جميع السوريين". وكان أوباما رفض قبل يومين خطة لتسليح الثوار السوريين، وذلك رغم أنها تحظى بدعم من ثلاث دوائر حساسة وفاعلة في البلاد، هي الدفاع والخارجية و"سي آي أي".
وفي سياق آخر "أعلن الائتلاف الوطني المعارض" "إن قطر التي تعترف به ممثلا شرعيًا وحيدًا للشعب السوري قررت تسليم سفيره المعين حديثا في الدوحة مبنى السفارة السورية، وقال بيان للائتلاف "إن قطر قررت تسليم مبنى السفارة إلى نزار الحراكي بعد تعيينه سفيرًا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الدوحة".
وأشار البيان الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الحراكي و 2 من كوادر السفارة سيعدون "شخصيات دبلوماسية رسمية"، وأن المقر "سيرفع فوقه علم الثورة السورية". واعتبر الائتلاف هذه الخطوة "على درجة كبيرة من الأهمية، وسابقة إيجابية جدا تضع دولة قطر في مقدمة الدول التي اعترفت بالائتلاف الوطني من حيث الوضع القانوني".
في حين كشف عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أديب الشيشكلي أن مجلس التعاون الخليجي وافق على طلب تقدم به الائتلاف بشأن تمثيله في دول المجلس. وقال الشيشكلي إنه يعتبر الآن ممثلاً للائتلاف في دول المجلس، وإن الإعلان الرسمي عن ذلك سيصدر من مجلس التعاون الخليجي الأسبوع القادم. أما بالنسبة للمقر الذي سوف يتخذه الشيشكلي للبدء بالعمل وتولي شؤون السوريين المقيمين في دول الخليج، فقال إنه حتى الآن لم يتم الاتفاق عليه بعد.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، ومن بينها قطر، أول المعترفين بالائتلاف كممثل شرعي وحيد للشعب السوري. كما عين الائتلاف سفيرين في كل من فرنسا وبريطانيا اللتين اعترفتا به ممثلا شرعيا، لكنهما لم يتسلما مقر السفارة السورية.
فيما يتعلق بالحوار نفى علي حيدر وزير المصالحة الوطنية السوري أن يكون قد قال "إنه على استعداد للحوار خارج حدود سورية واتهم صحيفة "الغاردنين" أنها نشرت التصريح خارج عن سياقه، وأضاف "لا شروط مسبقة للحوار وليس مطلوباً من أحد شروط مسبقة أو تقديم ما يسمونه تنازلات" معتبراً أن المطلوب هو الموافقة على مبدأ الحوار والإيمان بأن الحل هو سياسى وليس باستمرار العنف للخروج من الأزمة في سورية.
وأكد حيدر "إن الحوار الوطني سيكون على الأرض السورية وبإدارة وحضور السوريين فقط أما في المرحلة التحضيرية الآن والمعنية فيما يخص الاتصالات المكثفة مع جميع القوى فهي مسؤولية الحكومة وتقوم بها بكل الوسائل المتاحة دون الدخول بالتفاصيل".
و تابع حيدر في حوار بثه التلفزيون السوري: "إنه ليس هناك ثمة "مبادرة" وضعت على طاولة الحكومة السورية أو فريق العمل الوزاري المكلف بتنفيذ المرحلة التحضيرية من البرنامج السياسي وإنما سمعنا مجموعة أفكار عبر وسائل الإعلام بالتواتر، ولذلك فالحكومة ليست فقط مكتبًا صحافيًا يجيب على تساؤلات الآخرين عبر الإعلام".
و أردف حيدر: "إنني كأحد أفراد الفريق الحكومي قرأت وسمعت ما قاله معاذ الخطيب وأنا قلت بالمبدأ وهذا ليس فقط تجاه حالة معينة إنني أعتبر أن أي شخصية سورية موجودة في الداخل أو الخارج أو قوى أو تنظيم تقول بالحوار الوطني وبالحل السياسي السلمي للأزمة تكون قد وضعت نفسها على الطريق الصحيح ولكن هذا بالعنوان أما التفاصيل فتحتاج إلى بحث طويل ولكن العنوان يفتح المجال للبحث في التفاصيل".
و أفاد حيدر"إن ما قاله الخطيب إن كان لجهة أنه فعلا يوافق على مبدأ أن الحل سياسي وأنه عبر الحوار الوطني فإنه سيكون قد اتجه بالاتجاه الصحيح بالعنوان العام، ولكن هناك الكثير من التفاصيل التي سمعتها مثل غيري عبر الإعلام تبقى للنقاش وقد قلت في لقائي مع صحيفة "الغارديان" البريطانية إن الحوار الوطني السوري سيكون على طاولة حوار وطني في المرحلة الثانية في سورية وفقط في سورية لأنها مسألة كرامة وطنية".
ولفت حيدر إلى "إن الحكومة السورية كجزء من المبادرة والمشروع السياسي وبهدف مساعدة السوريين الموجودين في الخارج وتسهيل أمورهم للمشاركة في الحوار كانت سباقة وقدمت تسهيلات هي أكبر بكثير مما تكلم به الخطيب مشيرا إلى أن المرحلة التحضيرية تهدف إلى تقريب وجهات النظر للوصول إلى إمكانية الجلوس إلى طاولة واحدة لمعالجة تداعيات الأزمة في سورية على الأرض وعلى المواطن السوري ووضع رؤية لسورية المستقبل التي يبحث عنها الجميع".
و في السياق ذاته قال نائب وزير الخارجية الروسي، و المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف "إن موسكو تنتظر نهاية الشهر الجاري زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حيث سيجري مباحثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف متعلقة بسبل الخروج من الأزمة السورية".
هذا واعتبر بوغدانوف أن تحديد الموعد النهائي لهذه الزيارة سيتم قريبا، استنادا إلى برنامج الوزير الروسي المكثف خلال هذا الشهر.
و أوضح نائب الوزير الروسي "إن عددا من الشخصيات السورية المعارضة سيصل أيضا إلى موسكو، بمن فيهم معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي أعرب عن اهتمامه بزيارة العاصمة الروسية تلبية للدعوة التي تلقاها مؤخرا من سيرغي لافروف في مدينة ميونيخ الألمانية على هامش المؤتمر الدولي للأمن الذي جرى هناك".
في غضون ذلك أصدر المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي بياناً لوسائل الإعلام لم يفصح فيه عن مقر إقامته ولا عن خططه المستقبلية، كما لم يقل صراحة إنه انشق عن الحكومة، لكنه أكد فيه أنه غادر بمحض إرادته واعتزل المشهد المتأزم في سورية، بعد أن سيطرت عليه لغة الدم.
وأضاف مقدسي في البيان: "اعتقدتُ أن مجرد مغادرتي بقرار شخصي ومستقل كانت كفيلة بأن تفهم الناس أنني وددت بذلك مخاطبة "العقلاء فقط" لأن الأطراف على الأرض لم تعد تستطيع بسبب الدماء أن تسمع أي صوت".
وتابع: "أقول بصراحة أن الحراك الشعبي المتمثل بالمطالب المشروعة قد كسب - بمبادئه وجوهره - معركة القلوب لأن المجتمع بجميع أطيافه يقف دوماً مع الأضعف ومع المطالب المشروعة للناس، لكنه لم يحسم بعد معركة العقول لدى السوريين لأسباب كثيرة يطول شرحها و يعرفها الجميع".
وأكد مقدسي في بيانه أنه "لم يكن هناك أي لغز وراء مغادرتي بل كان قراراً اتخذته بنفسي ويعلم بتفاصيله منذ أشهر عديدة أغلب من يعرفني دون أية أجندات مسبقة، ولم تطأ قدمي أبداً لا أوروبا ولا أمريكا رغم أن جواز سفري يحمل كل السمات اللازمة، وليس لدي أسرار يطمع فيها أحد فما أعرفه كناطق إعلامي لا يتجاوز ما يعرفه أي مواطن سوري عادي. فأنا لستُ صانع قرار أو قائدا عسكريا، ولستُ ممن يفرط بالأمانة أصلاً، والدليل على عدم وجود أجندة مسبقة لي صمتي وعدم استثمار أحد لمغادرتي أبداً، لأنني خرجتُ من المشهد مستقلاً لكي لا أزيد ألم بلدي وليس العكس، ولكي لا أكون خنجراً بيد أحد ضد مصلحة سوريا، وكل ذلك لم يفهمه للأسف بعض من هاجمني فوراً".
و أفاد : "لقد وصلتُ لمرحلة وجدتُ نفسي كسائر السوريين ممزقاً بداخلي بكل ما للكلمة من معنى فالعنف أجهز على كل منطق وعقل في الوقت الذي تحتاج سورية فيه للعقل والحكمة أكثر من أي وقت مضى. وبات الاستقطاب والاصطفاف سيد الموقف وكأن ما يحصل في سورية مجرد وجهة نظر".
فيما واصل حديثه قائلا: "لقد غادرتُ بلدي سورية مؤقتاً لأستقر - منذ مغادرتي - لدى إخوان لنا من الشرفاء ممن يساعدون الشعب السوري على تجاوز محنته الإنسانية دون تمييز. لقد غادرت ساحة حرب ولم أغادر بلداً طبيعياً، وأعتذر من الناس الذين وثقوا بمصداقيتي على المغادرة دون إعلان مسبق، فقد تمنيتُ لو كان بإمكاني البقاء على تراب الشام لكن لم يعد للوسطية والاعتدال مكان في هذه الفوضى وخرجت الأمور عن السيطرة، يريدها البعض معركة وجود فيما أنا أرى أنها يجب أن تبقى معركة لإنقاذ الدولة والكيان السوري عبر الشراكة الوطنية".
هذا وأبدى مقدسي خيبة أمله من نظام الأسد، قائلاً: "كان لدي- كسائر السوريين - أمل كبير بالإصلاح والتغيير الجذري وكانت هناك خطوات ملموسة تم اتخاذها لكن الأحداث الدامية والمؤلمة على الأرض أضاعت آمال السوريين. بأية حال ما هو مهم اليوم ليس قرار مغادرتي، ومغادرة غيري من السوريين من موظفين ومدنيين، بل معنى ورمزية هذا القرار للسوريين العقلاء.. معنى أن تغادر وتتخلى عن كل شيء بحياتك من دون مقابل لكي توضح أن هناك من يرفض العنف والاقتتال وليس بيده حيلة أو قدرة على التأثير.. إن كمية الدماء من كل الأطراف أكبر بكثير من قدرتي كإنسان و كأب على الاحتمال".
وأشار مقدسي في بيانه أن الحوار هو المخرج الوحيد للأزمة في سورية، حيث يقول: "لقد اخترتُ المغادرة بهدوء لكي أكون بشكل مستقل ووطني - كسائر السوريين - مع عملية التغيير السلمي المنشودة في سورية المبنية على الشراكة الوطنية والحوار الوطني بين أبناء الوطن الواحد بعيداً عن الكراهية والتطرف والتدخل العسكري الخارجي فهذا هو المخرج السياسي الأنسب وقد يكون الوحيد للأزمة السورية، وأيضاً للوقوف بحرية مع الناس المظلومين لأنهم موجودون لدى كل طرف وبكثرة، فمعركة السوري ليست مع أخيه السوري".
وانتهى بيان مقدسي إلى القول: "أطمئن كل من هو مشغول البال أنني غادرتُ بشكل مستقل لأنني غير طامع أبداً بأي منصب أو موقع و لست بمنافسة مع أحد، وأسعى لحياة مستقلة أقف فيها لجانب مبادئي وضميري فقط، وحتماً مع وطني الأم وليس ضده، بانتظار عودة العقل والحكمة، وقد كنتُ أعلم أن توقيت المغادرة لا يعني الكثير فمسؤولين كبار ومهمين على رأس عملهم غادروا ولم يؤد ذلك لتغيير واقع البلاد، والمعركة الدائرة مستمرة للأسف، والاستقرار ليس قريب المنال لأن العلاقات والتوازنات الدولية أهم من عذابات الناس في سورية".
وختم البيان قائلاً: "أقبّل جبين أم كل شهيد وكل أب مفجوع أو أخ قُتل برصاص أخيه السوري وأعزيه وأستسمحه إن جعلني موقعي الدبلوماسي أعطيه الانطباع بأنني أتجاوز معاناتهم الأليمة فنحن جميعاً أبناء عائلة سورية واحدة".
و يذكر أن مقدسي يمثل واحداً من أكثر الألغاز غموضاً منذ بدأت الثورة السورية قبل عامين، حيث اندلعت الاحتجاجات في بلاده عندما كان مسؤولاً في السفارة السورية في لندن، وبعد شهور قليلة من بدء الثورة غادر بريطانيا عائداً إلى سورية ليتولى مهمة الناطق باسم الخارجية السورية ويلمع نجمه بصورة مفاجئة، لكنه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي اختفى بصورة مفاجئة، وقالت حكومة الأسد "إنه في إجازة لمدة ثلاثة شهور"، بينما قالت العديد من المصادر الأخرى "إنه انشق عن الحكومة، في واحدة من أقسى الضربات التي تتلقاها حكومة الأسد".
على صعيد آخر أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريرًا عما وصفته بالتعذيب الممنهج الذي تمارسه القوات الحكومية في المعتقلات. وقالت الشبكة "إن 1215 مواطنا سورية قضوا تحت التعذيب منذ بداية الثورة، بينهم 17 امرأة و34 طفلا و23 مسناً تجاوزت أعمارهم الستين. وأكدت أن عدد المعتقلين بلغ قرابة 194 ألفا، بينهم 4500 امرأة وتسعة آلاف معتقل دون سن الثامنة عشرة".
وتوزع ضحايا التعذيب بين عدد من محافظات البلاد، ومنها حمص (313) ودرعا (221) وإدلب (182) وريف دمشق (122) وحماة (115) وحلب (83) ودمشق (73) وغيرها.
أما بالنسبة للمعتقلين تأتي حلب على رأس قائمة المحافظات السورية، حيث يبلغ عددهم نحو 40 ألفا، ثم تأتي حمص برقم يزيد على 35 ألفا، تليها محافظة ريف دمشق بنحو 30 ألفا، ثم حماة وإدلب بأرقام تزيد عن 20 ألفا، ودمشق برقم يناهز 18 ألفا. ويبلغ عدد المختفين قسريا في سورية نحو 60 ألفا، وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنها تمكنت من توثيق قوائم بأسماء نحو 32 ألفا منهم، وهي تحاول الاتصال بأهالي الكثير من المفقودين، لكنهم يرفضون التحدث بسبب الخوف على حياة المفقودين من الانتقام.
أرسل تعليقك