أسباب مُعاناة البعض من صعوبة تعلّم النحو في اللغة العربية
آخر تحديث GMT15:51:31
 لبنان اليوم -

أبرزها التطويل والاضطراب والجفاف وجمود الأمثلة

أسباب مُعاناة البعض من صعوبة تعلّم "النحو" في اللغة العربية

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - أسباب مُعاناة البعض من صعوبة تعلّم "النحو" في اللغة العربية

" النحو" في اللغة العربية
واشنطن - العرب اليوم

صعوبة تعلّم النحو في اللغة العربية، حالة يعانيها الكثير من الدارسين أو القراء على حد سواء، وهي ليست ظاهرة جديدة، وبرزت محاولات كثيرة للتقليل من تلك الصعوبة، إمّا من خلال اختصار الكتب النحوية، وإما من خلال تغيير طريقة تعليمها، وإما من خلال حذف بعض الفقرات أو القوانين النحوية أو تعديلها.

كان النحاة العرب القدامى، مشغولين بتأصيل النحو والتوسع فيه، باعتباره القوانين التي تكفل سلامة اللغة وتحافظ على كيانها النظري، سليمًا صحيحًا وفصيحًا، لذلك لم يكن من السهل على أي من النحاة، القول بصعوبة النحو، إنما عمل بعضهم في ما يسمّى "الاختصار" لكتب النحو، فكان في تاريخ نحو العربية، عشرات الكتب التي حملت كلمة "اختصار" في عناوينها، أو ما يقابلها في المعنى كالإيجاز والموجز.

ويجمل عبد الوارث مبروك سعيد، في كتابه "في إصلاح النحو العربي"، أسماء عشرات المصنفات العربية التي جاءت بعنوان اختصار النحو، محاولة منها لتخليصه من عيب "التطويل"، الذي يعتبره سعيد أحد عيوب النحو، فيذكر "مقدمة في النحو" لخلف الأحمر، و"مختصر في النحو" للكسائي، و"مختصر النحو" لأبي موسى الحامض، وذات العنوان الأخير في مصنفات للزجّاج وابن شقير، و"الموجز" لابن الخياط، و"الجمل" للزجاجي، و"التفاحة في النحو" لأبي جعفر النحاس، وهو من أكثر المصنفات الدالة على ضرورة الاختصار في علم النحو، وتقديمه بأسهل الطرق، وكان من أفضل الكتب في هذا السياق.

- التطويل والاضطراب والجفاف

هناك جملة عيوب في كتب النحو القديمة، ويجملها الدكتور عبد الوارث مبروك في كتابه "في إصلاح النحو العربي" بالاضطراب الذي أنتج ظواهر كانت ولا زالت مصدر صعوبة كبيرة يُعاني منها دارسو النحو"، و"التطويل" إذ تُعاني كتب النحو من الطول المفرط الناشئ عن التكرار والاستطراد والحشو، و"جمود اللغة" لأن لغة الكثير من كتب النحو القديمة يعيبها ما فيها من جفاف ومبالغة في التكثيف"، و"الجفاف"، بسبب الاكتفاء بالقواعد النظرية المجردة.

أقرأ يضًا

- قطاع التعليم يسجل تحولًا إيجابيًا واسعًا في دول الخليج‎ العربي

وقال خلف بن حيان الأحمر البصري المتوفى عام 180 للهجرة، في مصنّفه الذي وضعه خاصة من أجل تلافي عيوب كتب النحو، في مقدمة مصنفه "مقدمة في النحو"، "لمّا رأيت النحويين وأصحاب العربية أجمعين، قد استعملوا التطويل وكثرة العلل، وأغفلوا ما يحتاج إليه المتعلّم في النحو من المختصر والطرق العربية والمأخذ الذي يخف على المبتدئ حفظه، فأمعنتُ النظر والفكر في كتاب أؤلفه وأجمع فيه الأصول والأدوات، ليستغني به المتعلم عن التطويل"، وفي تأكيد لافت منه إلى أن هذا الاختصار سيغني عن المطولات، يقطع بقوله، "فمن قرأها وحفظها، وناظَرَ عليها، عَلِمَ أصول النحو كلّه".

ويعتبر "التطويل" هو العيب الأشهر، والقديم، في كتب النحو، ويُضاف إليه ما سمّاه الأحمر "كثرة العلل"، وهي مجموعة من الاستطرادات والتضمينات والشواهد، التي تنضم للتطويل، فيتحدان في إنتاج صعوبة تعلّم النحو، قديمًا.

كتاب "خلف الأحمر"، وغيره، لم ينه مشكلة عيوب كتب النحو، كما سيظهر لاحقًا، إذ استمرّت الظاهرة واستمرت معها الإشارة إلى صعوبة النحو، فصدر كتابٌ يصطدم مباشرة مع النحويين، ووضع أصلًا لمعالجة عيوب كتب النحو، وهو كتاب "الرد على النحاة" لابن مضاء اللخمي القرطبي، أحمد بن عبد الرحمن، 513-592 للهجرة.

ومثل الأحمر، صرّح ابن مضاء، بمآخذه على كتب النحويين، "إلا أنهم التزموا ما لا يلزمهم، وتجاوزوا فيها القدر الكافي فيما أرادوه منها، فتوعّرت مسالكها، ووهنت مبانيها، وانحطت عن رتبة الاقناع حججها"، ويوضح مقصده من تأليف كتابه، "قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه"، فيطرح إلغاء "العوامل" و"الحذف والتقدير"، مبينًا أنه "لا حاجة إلى تقدير متعلق الجار والمجرور" و"لا حاجة إلى تقدير الضمائر في الصفات"، وكذلك "إسقاط العلل الثواني والثوالث" و"إسقاط التمارين" وغيرها.

ويؤكّد الدكتور محمد إبراهيم البنا في تقديمه لكتابه، أن ابن مضاء، لم يكن الوحيد بطرح الحذف من كتب النحو، فقد سبقه ابن حزم الظاهري المتوفى عام 456 للهجرة، وابن سنان الخفاجي المتوفى عام 466 للهجرة، وسواهما.

- محاولات إصلاح النحو اعتمدت اللغة السهلة

وبدأت محاولات إصلاح النحو العربي الحديثة، منذ القرن الثامن عشر، وجميع تلك المحاولات قامت على مبدأ "تبسيط" النحو وتسهيله وتخليصه، مما لا حاجة للطالب به، من حشو وإطالة وخلاف بين المدارس النحوية، وكان كتاب المصري رفاعة الطهطاوي (1801-1873) للميلاد، والمعروف باسم "التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية"، والذي صدر عام 1868م، واحدًا من أوائل وأهم الكتب الحديثة التي تم وضعها في سياق إصلاح النحو العربي، باستخدامه "لغة سهلة مباشرة" و"تحاشي الخلافات النحوية" وغيرها.

وكتاب "الدروس النحوية لتلاميذ المدارس الابتدائية" عام 1887م، وتلاه عام 1891م كتاب "الدروس النحوية لتلاميذ المدارس الثانوية"، ثم كتاب "النحو الحديث" لمرسي مصطفى الحميدي عام 1929، ثم عشرات الكتب والأبحاث والمقالات التي لا تزال توضع في سياق إصلاح النحو العربي، ككتاب "تحرير النحو" الذي صدر عام 1958م، وكتاب "النحو الوافي" لعباس حسن، و"النحو المصفى" لمحمد عيد.

وكان كتاب "التفاحة في النحو"، لأبي جعفر النحاس النحوي المصري، والمتوفى عام 338 للهجرة، واحدًا من أفضل المصنفات القديمة التي تم وضعها خاصة لمعالجة عيب التطويل والحشو، ولا يزال صالحًا للتعليم في المدارس، لما فيه من بساطة ويسر وإيجاز، على الرغم من مرور أكثر من عشرة قرون على وضعه.

لهذا ينفر التلاميذ من درس النحو وهذه هي الحلول

ويوجد اتفاق على أن صعوبات النحو العربي ناتجة من "منهاج النحو" ذاته الذي "يرهق المتلقي بكثرة أبوابه وتفريعاته وأبنيته وصيغه الافتراضية التي لا تجري في الاستعمال اللغوي"، حسب الدكتورة نجاة عبد الرحمن علي، عميدة كلية التربية في مدينة الطائف السعودية، في ورقتها البحثية التي قدمتها للمؤتمر الدولي الخامس لقسم النحو والصرف والعروض، الذي أقيم في القاهرة عام 2009.

ونقلت علي في ورقتها، أن ما تحتاجه القواعد اللغوية هو "شيء من التنظيم والتنسيق" وعرض المادة "في أسلوب عصري" يخلو من "ما لا حاجة بطلاب العلم به، من التفصيلات والتفريعات والتعليلات"، ومن ثم "إعادة النظر" في قواعد اللغة، و"الاستغناء" عما لا يفيد منها، من خلال ربط قواعد اللغة "بالواقع المعايش"، بدور فعّال "للأسرة" و"وسائل الإعلام"، مؤكدة أن الغالبية العظمى من التلاميذ، ينفرون من الدرس النحوي ويدرسونه بدون حُب واستمتاع، إذ يتم تدريسهم النحو "بطريقة جافة".

وتطرح بالنقل، التدرج في تعليم التلميذ النحو، وبدءًا من السنتين الخامسة والسادسة الابتدائيتين، واختيار المنهج المناسب لكل مرحلة دراسية، وحسن العرض، وعدم التكرار، والإطناب، ودراسة النحو بعيدًا عن التقعير، واستخدام الفصحى في الدروس، منتهية إلى وجوب تخليص المادة النحوية المقدمة للطلاب.

وأقرّ مجمع اللغة العربية الذي انعقد في دمشق عام 2002، جملة من العيوب التي شابت كتب النحو، ومنها ما أورده العلاّمة العراقي الراحل أحمد مطلوب، حيث أجملها بالاهتمام بالقواعد أكثر من النصوص، وكثرة العلل والحجج، وكثرة المصطلحات، وكثرة الآراء، وجمود الأمثلة، منتهيًا إلى أن النحو الذي يريده المعاصرون، هو "ما كان سهل التناول وواضح القواعد ورائع الشواهد والأمثلة وبديع العرض والشرح ومعبرًا عن روح العصر".

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا

- مدارس صينية تبتكر زيًا جديدًا لمنع الطلاب من التغيّب عن المدرسة

- اختيار جامعة المنيا ضمن قائمة أفضل الجامعات صديقة للبيئة على مستوى العالم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسباب مُعاناة البعض من صعوبة تعلّم النحو في اللغة العربية أسباب مُعاناة البعض من صعوبة تعلّم النحو في اللغة العربية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي

GMT 17:45 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكاظمي يؤكد العمل على حماية المتظاهرين بالدستور

GMT 08:32 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي علي نصائح للتعامل مع الطفل العنيد

GMT 11:05 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لرئيسهم العاشر بطولته في "قديم الكلام"!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon