بيروت - لبنان اليوم
وصل آخر دفعة من الطُلّاب اللبنانيّين العائدين من بلاد الغربة ومن بعدها عاد السكون إلى مطار بيروت الدولي، وستبقى الحال على ما هي عليه، إلى أن تقرّر الحكومة مصير الدفعة الثانية من طائرات العودة، فإما تقرّر فتح أبواب المطار ثانية وإما تقفلها إلى حين انتهاء فترة التعبئة العامة. وفي انتظار صدور أحد القرارين، يقف عالقون كثر في بلاد الغربة التي لم تطأها طائرات الإجلاء بعد، في حيرة من أمرهم. حيرتهم هنا تنقلب خوفاً، وخصوصاً عند التفكير بمآل "تقييم الوضع"، وهم إذ يمنّون النفس بصدور قرار عن الحكومة يفتح المجال أمام دفعة ثانية، إلا أنهم من ناحية أخرى يخافون من ألا تشملهم لوائح السفارات ووزارة الخارجية والمغتربين، كما كانت حال البعض في لوائح العودة الأولى. ومن بين هؤلاء هناك الطلاب العالقون في جورجيا، والبالغ عددهم إلى الآن ما يقرب من ثمانين طالباً ملأوا استمارات العودة على موقع السفارة هناك. مع ذلك، هذا الرقم ليس نهائياً، فقد تكبر الأرقام يوماً بعد آخر. فكلما كبرت أعداد المصابين بفيروس كورونا، زادت أعداد الخائفين من البقاء في جورجيا.
ولئن كان هؤلاء يلقون اهتماماً من القنصلية اللبنانية في جورجيا والسفارة في أرمينيا، إلا أن القلق يكمن في مكانٍ آخر: في صورة العودة المشوّشة بالنسبة إليهم. فإلى الآن، لا يملك هؤلاء أدنى فكرة عن موقف الحكومة من طلباتهم. وهذا القلق يأتي من "حيرة السفارة التي لا تملك هي الأخرى معلومات من الدولة اللبنانية" بالنسبة إلى وضع هؤلاء، على ما يقول الطالب كفاح الصيفي. ما يعرفونه هو أنه "عندما يبيّن شي عن جورجيا منعطيكن خبر". وإلى الآن، "لا خبر"، يقول الصيفي الذي سمحت له ظروف العودة إلى لبنان خلال فترة الصيف بـ"جلب المصاريف التي يحتاج إليها قضاء الفصل الدراسي هنا". إلا أن آخرين لم يقدروا على فعل الأمر نفسه، وخصوصاً من كانوا لا يزالون يتابعون فصولهم الدراسية ولم يعودوا إلى بلادهم. وما يزيد الطين بلّة أن عائلاتهم غير قادرة على إرسال الأموال إليهم بسبب الإجراءات المصرفية التي تحول دون إرسال الحوالات المالية.
هكذا، لم يعد يوجد في جعبة الطلاب العالقين هناك ما يسدّ احتياجاتهم ولا حتى إيجارات البيوت "الكتير كبيرة"، على ما يقول الصيفي. أما السيناريو الأقسى الذي يواجهه بعض الطلاب فهو "الحجر" القسري الذي واجهته عائلاتهم معهم، إذ درجت العادة هناك بأن تأتي بعض عائلات الطلاب الجدد إلى جورجيا لتسوية أوضاعهم واستئجار بيوت لهم، إلا أن هذه المرة كانت "غير كل المرات"، على ما تقول تيما السحمراني القلقة على والديها العالقين معها ومع شقيقها. أتت العائلة في 19 شباط الماضي، وأُقفلت أبواب المطارات بعد فترة قصيرة، فعلق الجميع في جورجيا. خوفها الأكبر على والدها المريض الذي يعاني من ضغط القلب والسكري. وهو "منذ شهرين منقطع عن الدواء لأنه لم يحضر معه كمية كافية من الدواء من لبنان
باعتبار أن إقامته ستكون قصيرة". وما يزيد الطين بلّة أن العائلة لم تحمل معها أيضاً ما يكفي لسدّ احتياجاتها، أضف إلى ذلك "سوء الحظ أيضاً، إذ إنني وشقيقي لم نكمل طلبات التسجيل ولم نزل إلى الآن بلا إقامات".
تيما ليست وحيدة. طلاب كثر وجدوا أنفسهم في قلب القلق، لا هم قادرون على إكمال حياتهم في جورجيا، بعدما فقدوا ما «في الجيب»، ولا هم ضامنون أن تشملهم لوائح العودة إن قرّرت الحكومة ذلك. وما بين الخيارين، لا يجد هؤلاء سوى القلق.
قد يهمك أيضًا
دولة تستأنف حركة الطيران بعد سجل "كورونا" الرائع
مطار رفيق الحريري يستقبل طائرة قادمة مِن الدوحة ويُخضِع ركّابها للفحص
أرسل تعليقك