دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة
آخر تحديث GMT18:02:10
 لبنان اليوم -

مأوى لمن انقطعت بهم سبل الحياة

دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة

وجوه تحكي الجحود والقسوة
بغداد ـ نجلاء الطائي

في دار المسنين لا ترى غير وجوه شاحبة سلبها خريف العمر وجحود الأقربين ملامح الجمال وبريق الحياة فأصبحت ذابلة مقطبة تملؤها تجاعيد الحزن والحسرة لا ترى غير هياكل بشرية خاوية تركها الأهل في عالم العزلة ليغتالها اليأس والاحباط.
في دار المسنين رأينا خلف هذه الوجوه قصصًا تحكي قسوة الإنسان وظلم أقرب الناس إليه، فالسيدة "أم ماجد"، 58 عامًا، لها حكايتها مع الجحود فقلبها يعصره الألم والحسرة، حيث تولى أشقاؤها إدخالها إلى المستشفى لتجري عملية جراحية في المعدة، وفي ذلك الوقت امتنع زوجها من زيارتها بحجة العمل والانشغال، إلا أنه كان منشغلا فعلا بامرأة أخرى.

وتقول أم ماجد: "فتح لها البيت ومنحها ثمرة تعبي وكفاحي معه لينشغل بها ويتركني ولا يسأل عني وولداي اللذان حذيا حذو أبيهما معي، بينما رفض أشقائي أن أعيش معهم أو يتكلفوا بمساعدة أختهم بل زجوا بي في دار العجزة رغم أنني لم أكن عاجزة ولا أعرف لماذا يفعلون بي هذا، لكن لا مكان لي غير هذه الدار.

دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة

 وحكاية أبو محسن، 65 عامًا، كان موظفًا يسكن مع زوجته المسنة في غرفة صغيرة بالإيجار، ومضى على وجودهما أربع سنوات وله ستة أولاد، ثلاثة ذكور وثلاث إناث، وجميعهم أرباب أعمال وأصغرهم يتجاوز الخامسة والعشرين من العمر.
وبالرغم من وضعهم المادي الجيد فقد تخلوا عن والديهم بذريعة حاجتهما إلى الرعاية الصحية، وإن كنا بحاجة إليهما فإن المرض العصبي لا يحتاج إلى نفينا وهجرنا، ويقول "أبو محسن"، حيث لم يزرهما أحد من الأولاد: "أليس هذا جحودا من أولادنا؟"، ويواصل أبو محسن كلامه: "لقد عملت الكثير وجاهدت حتى وصلوا إلى هذا المستوى، وكنت أعيش على أمل أن أجني يومًا نتاج زرعي لكنهم رمونا خارج بيوتهم متخلين عني وعن أمهم التي توفيت هنا دون أن يحضر أحد منهم، أنني حزين ومتألم جدًا، كيف لا يؤنبهم ضميرهم؟".

أما حكاية السيدة (فاطمة) 67 عامًا، وهي أرملة رفضت الزواج بعد رحيل زوجها في حرب العراق مع إيران لكي تتفرغ لتربية ولدها الذي أوغل في استغلالها ماديًا حتى تعرضت إلى حادث أقعدها عن العمل كخياطة.
وحين لجأت إلى بيته رفض أن يستضيفها ويرعاها، ما اضطرها إلى أن تلجأ للجيران، وعندما تدخلوا من أجل قيام الولد بواجبه تجاه والدته نقلها إلى دار العجزة وقطع صلته بها تمامًا".

ويقول عبدالكريم الهاشمي، ماجستير في علم النفس، من المهم أن يبقى المسن ضمن أسرته وبيئته، ونحن كمختصين في علم النفس ننصح بذلك لأن الإنسان، أي كائن حي يرفض انتزاعه من بيئته وسلخه من أسرته وتعرضه للأمراض، ولا يمكن التعذر بالظروف الاقتصادية أو السكنية أو غيرها من المبررات، حيث أن ذلك كله تنكرًا وجحودًا للأب والأم، وأنه بالإمكان أن ننظر إلى هذا الشخص على أنه غير مكتمل سواء من الناحية الدينية أو الدنيوية، فالدين السمح أوصانا بطاعة ورعاية الوالدين واحترامهما، فالقرآن الكريم والكتب المقدسة والأحكام السماوية والأحاديث النبوية الشريفة شددت على طاعة الوالدين ورعايتهما، (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان).

 هذا من الناحية الدينية أما من الناحية الدنيوية فالأعراف الاجتماعية والقيم الإنسانية النبيلة تحثنا على برهما وإعانتهما إذ أن الابن العاق لا يعتبر سويًا بالمفهوم الاجتماعي، وربما على صعيد شخصي أيضًا لأن الشخصية نتاج اجتماعي وبالتالي سيكون الابن شخصية مدانة اجتماعية.
 ويضيف: "إن هذا الإنسان سيعيش دائمًا تحت وطأة الألم وضغط تأنيب الضمير وهذا في حد ذاته يولد له مشكلة نفسية ربما تتفاعل أكثر عندما يفقد والده الذي وضعه في هذه الدار من دون وجه حق وسينتظر مصير ما حدث لوالديه إن كان مصيره هينًا والمشاعر المؤلمة تكون أكبر قصاصًا للولد".

وتقول سعاد خورشيد من مواليد 1952: "دخلت إلى دار المسنين منذ شهرين بعد أن قررت ترك أولادي الثلاثة ، لأنهم مشغولون بعوائلهم  ولا وقت لديهم  للاهتمام بي وقبول انضمامي إلى أسرهم، فكل منهم يلقي بمسؤولية رعايتي على الآخر، رغم أن لي راتبًا تقاعديًا، ولم أكلف أحدًا منهم أي عناء أو عبء مادي يثقل كاهله، ولذلك لجأت إلى الدار ووجدت الرعاية والاهتمام من جميع العاملين فيها، وبدأت بتكوين علاقات اجتماعية مع بعض الزميلات معي، وأخرج بين الحين والآخر إلى السوق لأني كنت معتادة على ذلك قبل دخولي إلى الدار.

 المتقاعد سامي عبد الجبار عبدالله، 76 عامًا، يعيش في دار المسنين منذ ثلاثة أعوام ونصف، قال: "فضلت الانتقال من دار الرشاد في منطقة الشماعية إلى دار الصليخ بعد انتقال الإدارة إلى هذا المبنى الجديد، لأن العدد فيه محدود، مبينًا أن سوء فهم  بينه وبين زوجته أدى إلى انفصاله عنها، وبعد ذلك قامت بتحريض ابنها ضده ما أدى إلى تركه البيت والدخول إلى دار المسنين للابتعاد عن المشاكل وتبعاتها، وأشار عبد الجبار إلى حسن المعاملة من قبل الموظفين العاملين في الدار، وجودة الخدمات المقدمة من قبل القائمين على إدارة هذه المؤسسة، فهي مريحة وفيها اهتمام بالجانب الصحي لنزلاء الدار، فهو يعاني من انسداد بالبطين الأيمن للقلب ويحتاج إلى رعاية خاصة ومراجعة طبيبه الخاص كل شهر، وهذه الرعاية متوفرة ولا يعاني فيها من صعوبة".

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة دار المسنين حكايات وحنين ووجوه تحكي الجحود والقسوة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon