القاهرة-لبنان اليوم
أكَّد الفنان المصري عزت العلايلي، أنه فخور بكونه ممثلا لأن التمثيل هو متعته الكبرى، بعدما قضى حياته في صقل موهبته الفنية وتثقيف نفسه، بجانب اختيار أعماله بشكل جيد، لذا لا يهمه قدر غيابه، وإنما يشغله العمل الذي يعود به للجمهور، مؤكداً أن الفنان قدوة وصاحب مسؤولية.وكشف في حواره مع "الشرق الأوسط"، أن أسرار الفنانة الراحلة سعاد حسني رحلت مع وفاة زوجته، لأنها كانت صديقة مقربة منها جدا وحكت لها كل أسرارها، وأعرب عن تضامنه مع زملائه من جيل الكبار الذين ضجوا بالشكوى من عدم الاستعانة بهم في أعمال فنية رغم تاريخهم الفني وقدرتهم على العطاء، متسائلاً: «هل هناك فرمان بتغييب هؤلاء عن الساحة الفنية؟".ويعد عزت العلايلي أحد كبار نجوم السينما المصرية، خلال النصف الثاني من القرن الماضي، ودرس التمثيل بمعهد الفنون المسرحية، وبدأ مشواره السينمائي في ستينات القرن الماضي عبر فيلم «رسالة من امرأة مجهولة»، وجمع بنجاح بين أعماله المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، وتم اختيار 10 أفلام له ضمن قائمة أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، واختاره مهرجان الإسكندرية السينمائي أخيراً لتكريمه خلال دورته الجديدة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بعد تكريمات حصدها في قرطاج ودبي ووهران.
ويقول العلايلي إنه يقرأ حالياً أكثر من سيناريو لفيلم سينمائي ومسلسل درامي، لم يحسم رأيه بشأنهم بعد، مشيراً إلى أن هناك مستجدات طرأت على الساحة الفنية خلال الفترة الحالية على غرار لغة الحوار، والعلاقات الأسرية التي صارت أكثر انفتاحاً، لذلك فإن اختيار الأعمال التي سوف أشارك فيها لا بد أن يحمل ملامح العصر وإيقاعه، وهناك بعض الكتاب المتميزين مثل محمد رجاء، مؤلف مسلسل «قيد عائلي»، الذي قدمته العام الماضي، فهو كاتب موهوب يصل إلى الهدف مباشرة من دون مط أو تطويل، رغم أن المسلسل مكون من 45 حلقة، لكن كثرة الحلقات لا تتنافى مع سرعة الإيقاع، لذلك حقق العمل نجاحاً كبيراً وتصدر «الترند» بعدد المشاهدات لأنه كان عملاً صادقاً مع الناس. وقال لي مشاهد التقيته صدفة: «أولادي يتعلمون مما تقدمه»، لذا أقول لنفسي دائماً لا بد أن تأخذ بالك من اختياراتك، وأحمد الله أنني لم أنفصل عن الناس، فمجتمعنا ليس كله «بلطجة» مثلما تصدره بعض الأعمال الفنية في السنوات الأخيرة، والتي يكتبها عدد من الشباب المتأثر للأسف بالسينما الأميركية من دون أن يدركوا خطورة ذلك على المراهقين والأطفال.
أصعب أدواري
فيلم «الاختيار» هو أحد الأفلام المهمة التي لعب عزت العلايلي بطولتها عام 1970. وحقق نجاحاً كبيراً وحصل على جائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج، ولهذا الفيلم حكاية يرويها العلايلي قائلاً: «عقب هزيمة 1967 أصبنا جميعاً بحالة نفسية سيئة وكنا أمام خيارين إما أن نستسلم أو نقاوم، وأردت والمخرج يوسف شاهين تقديم فيلم يعبر عما نشعر به فقلت لن ينقذنا من هذه الحيرة سوى نجيب محفوظ، وذهبت إليه بعد أن كتبت ملخص الفكرة، فطلب أن أتركه أسبوعاً، وبعدها عرض علينا المعالجة، وشاركت في كتابة السيناريو مع شاهين ومحفوظ، وعلى مستوى التمثيل كان هذا أكثر دور عذبني خلال مشواري الفني، لأن البطل أصيب بحالة انفصام في الشخصية، وكان العرض الأول للفيلم في مهرجان قرطاج، وفوجئنا بردود أفعال غير عادية، وذهبنا بعدها لعرضه في باريس وحقق الفيلم أيضاً نجاحاً مماثلاً.
عشق السينما
يوسف شاهين وصلاح أبو سيف مخرجان كبيران تقاسما أهم أعمال الفنان عزت العلايلي، وهو لا يرى فرقاً بينهما: «الاثنان على قدر كبير من الموهبة وعشق السينما، كلاهما تفوق في أعماله، وكلاهما يحترم المتفرج ويؤمن بأنه صاحب السيادة الذي يمنح للعمل قيمة، قد يكون يوسف صاحب إيقاع أسرع، بينما صلاح أكثر هدوءاً، مؤكداً أنه تأثر بهما جداً، وهما الأقرب لقلبه، وأذكر حين قرأت رواية «السقا مات» ليوسف السباعي، وتحمست لتقديمها في فيلم أخبرت شاهين بذلك، فقال: «وأنا أخرج الفيلم، قلت له هذا الفيلم لا يلائمك، فأجواء البيئة الشعبية التي تغلف الرواية تنادي على صلاح أبوسيف، فقال بحماس إذن أنتجها، وبالفعل أنتج الفيلم الذي أخرجه أبوسيف، فقد جمعتنا صداقة وثقة لا حدود لها».
وتكرر اسم الأديب الكبير نجيب محفوظ في مسيرة عزت العلايلي من خلال أفلام عديدة من بينها «بين القصرين»، و«أهل القمة»، ويرى العلايلي أن محفوظ قيمة كبيرة، فهو ابن الحارة المصرية المعجون بطين مصر، وكان «ابن نكتة»، ويتمتع بخفة ظل كبيرة.
أفضل الأفلام
اختيرت عشرة أفلام شارك في بطولتها العلايلي ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهي: «الأرض، الاختيار، السقا مات، زائر الفجر، الطوق والأسورة، إسكندرية ليه، أهل القمة، على من نطلق الرصاص، قنديل أم هاشم، بين القصرين»، ورغم ذلك فإنه يتطلع إلى المزيد، مؤكداً أن «السينما أداة تنوير، والفن صاحب تأثير على المجتمع، وأنا أطمع في تقديم المزيد وأفخر بمشواري الفني، وسأظل أتطلع لتقديم أعمال فنية تحمل قيمة حتى آخر العمر.
تجارب مختلفة
خاض العلايلي عدة تجارب في الكتابة في بداياته الفنية ومنها مسلسل «اعرف عدوك» الذي يقول عنه: «كتبت 22 حلقة أحذر فيها من العدو الصهيوني، وعلاقتي بالكتابة لم تتوقف، إذ تدخلت في كثير من أعمالي، وكان المخرجون يرحبون بذلك، كما أخرجت أفلاماً وثائقية بالتلفزيون، وشاركت مع الفنان رشوان توفيق والمخرج أحمد توفيق في تأسيس مبنى ماسبيرو، حيث كنا ننام على البلاط في الاستوديوهات ونقيم بالمبنى الذي كان تحت الإنشاء، وأسسنا مسرح التلفزيون وكنا نعرض المسرحيات العالمية مجاناً للجمهور، ثم تصور وتعرض تلفزيونياً، وشهدت إقبالاً كبيراً في أوائل الستينات من القرن الماضي، وأدى النجاح لتحويل ميزانيتها لرئاسة الجمهورية بتعليمات شخصية من الرئيس جمال عبد الناصر، وكانت هذه الفرق نافذة لاكتشاف الكثير من الممثلين، إذ خرج منها عادل أمام وسعيد صالح وصلاح السعدني.
عطاء الكبار
يؤكد عزت العلايلي تضامنه مع كبار الفنانين الذين وجدوا أنفسهم فجأة خارج حسابات جهات الإنتاج والمخرجين، حسب وصفه ويقول: «لدى هؤلاء الممثلين الكبار كل الحق في شكواهم، فلا بد أن يعملوا طالما لديهم قدرة على العطاء، كما أن لديهم التزامات وأسر فكيف سيعيشون، ولا أعرف هل هناك فرمان بوقف هؤلاء الفنانين وكيف يستقيم العمل الفني من دونهم، كما أرى أنه من الضروري عودة قطاعات التلفزيون للإنتاج من جديد».
زوجة مثالية
يؤمن العلايلي بمقولة إن «الفنان قدوة»، وإن الجمهور يتأثر به، مما جعله أكثر حرصاً في كل تصرفاته، فلم تطارده شائعات الزواج والطلاق على غرار بعض الفنانين، فقد عاش حياة هادئة مع زوجته التي رحلت منذ ثلاثة أعوام، قائلاً: «بعد وفاة زوجتي سناء ترددت شائعات عن زواجي وطرحوا أسماء فنانات وكنت أضحك مما يقولون لأنه لا توجد امرأة تستطيع أن تملأ فراغ سناء التي كانت نعم الزوجة المساندة لي، ورغم أنها لم تظهر معي في أي مناسبة، ولم تحضر عرض أي فيلم، ورغم محاولات البعض إحداث وقيعة بيننا، فإننا عاهدنا أنفسنا منذ البداية على الصدق والمصارحة، وكان لديها ثقة كاملة بي، ولم تشعر بغيرة من أي ممثلة، وارتبطت بصداقة مع سعاد حسني التي كانت تبوح لها بكل أسرارها الخاصة، لذلك فإن أسرار سعاد حسني رحلت مع وفاة زوجتي التي تركت لي أجمل ما في حياتي ابني محمود وابنتي رحاب».
قد يهمك ايضا
أرسل تعليقك