وجه متروبوليت صيدا وصور وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري، رسالة إلى اللبنانيين جاء فيها:
"أيها الأحباء،
بعد مضي إحدى عشرة يوما على بدء الحراك المدني من أجل مستقبل أفضل لبلدنا لبنان، ومن أجل الانتقال إلى مجتمع مدني يحفظ لكل مواطن حقوقه وكرامته من خلال عيش حر كريم، نتوجه إلى المعنيين بما يلي:
نحن أبناء هذا الوطن الحبيب لبنان، كنا منذ الصغر نحلم ببلد حر سيد ومستقل، وبدولة نظيفة تحفظ لكل مواطن كرامته وحقه في حرية التفكير والتعبير والتصرف ضمن حدود القوانين المعمول بها. نحمد الله أننا توصلنا بهمة شعبنا الأبي إلى تحقيق الكثير مما نصبو اليه.
ولكن الحياة في هذا البلد تزداد صعوبة يوما بعد يوم: ذلك بسبب تقاعس البعض عن القيام بواجبهم في خدمة شعبهم. كنا توسمنا خيرا بدخول خمسين شابا إلى المجلس النيابي الكريم في الانتخابات الأخيرة. نحن بحاجة إلى حماسة الشباب وحكمة الشيوخ في الوقت عينه. كنت وتمنيت على دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري العمل على تغيير قانون الانتخاب الحالي. فوعدني بوضع ذلك على جدول أعمال المجلس الجديد، وقد فعل فشكرا له. نحن نطمح إلى قانون انتخاب عادل يأتي بمن يمثل العشب فعلا لا قولا.
أيها الأحباء المتظاهرون والمعتصمون، نحن نؤيد مطالبكم المشروعة. وقد وقع ممثل كنيستنا الأرثوذكسية في اجتماع بكركي بتاريخ الرابع والعشرين من الشهر الجاري على البيان الذي ألقاه صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي باسم المجتمعين، وقد ورد في هذا البيان ما يلي: "نتوجه إلى الشعب اللبناني المنتفض بأن يحافظ على نقاء تحركه وسلميته. وأن يمنع أي طرف من أن يستغل صرخته ويحولها حركة انقلابية، ونشوه وجهها الديموقراطي. وبعد أسبوع من هذه الانتفاضة الشعبية المستمرة التي جسدت حرية التعبير، لا بد أيضا من احترام حرية التنقل للمواطنين لتأمين حاجاتهم ولا سيما منها الصحية والتربوية والمعيشية والأقتصادية".
نحن نطمح الى دولة مدنية- هذا موقف كنيستنا منذ زمن- يتساوى فيها المواطنون أمام القانون. فلا تزلف ولا واسطة للحصول على وظيفة أو حق في العمل. بل تتاح الفرص للجميع وخاصة ذوي الكفاءة، كما تتاح أيضا مكافأة الناجح ومحاسبة المقصر والمرتشي والسارق. هنال ثواب وعقاب. يمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق اتفاق الطائف، لجهة تأسيس الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، ولاحقا الطائفية.
نتمنى لهذا الحراك النجاح. أنتم أبناؤنا. أنتم أحباؤنا. أنتم أمل المستقبل. عليكم نعول لبناء وطن الحرية والسيادة والاستقلال. وطن المؤسسات. ولكننا في الوقت عينه نناشدكم فتح الطرقات أمام الناس للوصول إلى أهدافهم واستمرار حياتهم اليومية. فلا يحق لأحد حجز حرية الآخر تحت أي شعار.
لبنان بلد الحريات. ولكن الحرية أيضا مسؤولة. لا حرية مطلقة دون ضوابط في هذا العالم. وإلا دخلنا في شريعة الغاب، لا سمح الله.
من مزايا هذا الحراك أنه أزال الحواجز بين الناس. فالتقى الجميع تحت راية العلم اللبناني. فأصبح لبنان وطن الجميع دون تفرقة. أعجبني قول أحد الشباب بالأمس: كنت أكره لبنان، والآن بدأت أحبه لأنه وطن الجميع دون استثناء.
لبنان الذي أحبه هذا الشباب، هو لبنان الخير والمحبة والجمال. لبنان الذي تغنت به الكتب المقدسة. (المزمور 103).
يلصق الكثير من التهم بالطوائف وهي منها براء. الطوائف تدعو إلى الصدق والأمانة في العمل والتصرف. "كن مثالا للمؤمنين في الكلام والتصرف والمحبة" (بولس الرسول). الطوائف تدعو إلى المحبة واحترام حقوق الإنسان، كل إنسان.
الطوائف نعمه أما الطائفية فهي نقمة، كما قال الإمام المغيب السيد موسى الصدر. فما دخل طائفة الوزير أو مذهبه بتقاعسه عن الإصلاح وتأمين الكهرباء والمياه، وإيجاد فرص العمل ...إلخ.
نرجو أن نصل بعد هذا التطور إلى تغيير حقيقي، وإلى نقلة نوعية من بلد المحسوبيات والزبائنية الى بلد الكفاءات والإدارة النظيفة وصيانة حقوق الإنسان.
في الختام، نرفع هذه الصلاة لعل الله سبحانه وتعالى يستجيب وينقذنا من كل المخاطر: أيها الرب إلهنا إحفظ لبنان وأهله من المخاطر والحروب والجوع والوباء والزلازل، ومن الحروب الأهلية والموت الفجائي. بارك هذا البلد (لبنان) بنعمتك الإلهية واعطه السلام والوئام. واجمع المتفرقين ورد الضالين وأسبغ على الجميع صلاحك وبرك وسلامك. وأهلنا أن نمجدك ونسبحك كل أيام حياتنا. لأن لك الملك والقدرة والمجد إلى الأبد، آمين".
قد يهمك أيضًا:
حزب "القوات اللبنانية" يبتعد عن حليفه "المستقبل"
أرسل تعليقك