بيروت - لبنان اليوم
في الوقت الذي يجهد فيه المواطن ليؤمّن قوت يومه مع عياله، وفي زمن تخطّى فيه سعر الفروج 60 ألف ليرة وسعر كيلو لحم البقر 100 ألف ليرة، وباتت العائلة تشتري الفروج الواحد وأوقية اللحم الواحدة أو الاثنتين كمؤونة بيت لأسبوع أو أكثر، والحفاظ عليها يتطلب وجود الكهرباء لتشغيل البرادات، تصبح الكهرباء هي الأخرى حلماً صعب المنال لتضيف على مآسي اللبنانيين مآسي أخرى.
فمع اقتراب إطلالة فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة وحاجة الناس إلى الكهرباء والماء؛ أزمة قديمة جديدة عادت لتطل برأسها في القرى والبلدات العكارية هي أزمة التقنين في التيار الكهربائي، الذي صار من غير الممكن تسميته بالتقنين عندما يصل عدد ساعات الإنقطاع المتواصل في التيار لأكثر من 18 ساعة في اليوم والليلة. وما يزيد الطين بلة، أن مولدات الإشتراك تمارس تقنينها هي الأخرى وبعضها وصل عدد ساعات التقنين لديه إلى أكثر من 10 ساعات في اليوم والليلة. تقول أم محمود من عكار (ربة منزل وأم لسبعة أولاد): "زوجي يعمل حارساً في مدرسة رسمية ومعاشه الشهري لا يتجاوز الـ 600 ألف ليرة. اشترى لنا هذا الشهر فرّوجين ونصف كيلو لحمة للطبخ، وضعتها في البراد لأستعملها عند اللزوم، لكن الإنقطاع المتواصل في التيار أدّى إلى تلفها فذهب بذلك علينا مؤونة الشهر من اللحم والدجاج لأن لا إمكانية بعد ذلك أن نشتري لو نصف كيلو، لأن معاش زوجي ومع كل عصر النفقات الذي نمارسه على أنفسنا، بالكاد يصل معنا إلى نهاية الأسبوع الأول من كل شهر".
حالة أم محمود هذه كحالة كثير من العائلات، لكنّ المشكلة الأكبر تكمن في أن الكهرباء هي العامل المحرّك لكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومعظم الأعمال وليس فقط للمنازل. حال أصحاب المولدات من حال الدولة. يردّ هؤلاء سبب قيامهم بالتقنين إلى "الشح الموجود في المازوت وعدم تمكنهم من الحصول عليه إلا بشقّ الأنفس... حتى المحطات التي كانت تزوّدهم بالمازوت صارت تمارس عليهم تقنيناً ما دفعهم إلى فرض التقنين". يقول أحد أصحاب المولدات في عكار "إن المحطة التي كانت تزودني بالمازوت وبكميات تكفيني لتعويض ساعات الإنقطاع في الكهرباء أصبحت تزودني بربع الكمية السابقة منذ أكثر من أسبوع وبالتالي أنا مضطر للتقنين، وما أؤمنه من مازوت لا يكفيني لأكثر من 3 ساعات في النهار و 3 ساعات في الليل". وليست الأزمة هنا فقط لأن المواطن العكاري أصبح أسير الكهرباء والساعات القليلة التي يأتي فيها التيار، فخوفاً من ارتفاع فواتير الإشتراك تنتظر ربات المنازل الكهرباء من أجل تعبئة خزانات المياه والغسيل والكوي وما شاكل من أمور وحاجيات يومية.
على طريق العتمة والمعاناة المتواصلة للأهالي، وغياب أي أفق للحل في زمن الأزمات، ووسط الحديث عن عدم قدرة المحطات على تلبية حاجات أصحاب المولدات في الأسابيع المقبلة فإنه من المتوقع انقطاع كهرباء المولدات بالكامل إلى جانب كهرباء الدولة، لتكون الناس على موعد مع العتمة الشاملة والإنقطاع الدائم، وبالتالي ستطفأ البرادات والمكيفات قسراً والناس في عزّ الصيف وموسم الحرارة وسط الحاجة الماسة إلى الكهرباء.
وقد يهمك أيضا:
الجيش اللبناني يغرد في اليوم العالمي للتمريض" كل المحبة والتقدير"
كتل هوائية جافة تسيطر على لبنان ونهاية أسبوع حارّ!
أرسل تعليقك