ترأس الرئيس سعد الحريري عصر اليوم في بيت الوسط اجتماعا لكتلة المستقبل النيابية تم خلاله عرض للأوضاع والمستجدات السياسية في البلاد.
وبعد ذلك، صدر بيان تلاه النائب سامي فتفت، أعربت فيه الكتلة عن "استنكارها الشديد لما حصل مساء السادس من حزيران من احداث وما رافقها من اساءة وتعرض للرموز الدينية". وقالت: "الحمدلله أن صوت العقل انتصر على أصوات الجهل والتحريض وتأليب النفوس ، فنجا لبنان ونجونا معه جميعاً من شر الأقوال التي تناولت رموزنا الدينية وام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها".
وتوجّهت الكتلة بـ"جزيل الشكر والتقدير لكافة القيادات الروحية والسياسية والحزبية التي سارعت للتنديد والاستنكار ، وتخص بالتقدير دار الفتوى بشخص مفتي الجمهورية اللبنانية والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بشخص رئيسه والقوى العسكرية والامنية قيادة وضباطاً وافرادا لدورهم في كبح الفتنة".
وأضاف البيان: "لقد ساء الكتلة ان تتحول ساحات الثورة والتحركات الشعبية الى عنوان للانقسام وتشرذم الشعارات وتراشق الاتهامات ، بعد ان قدمت في محطات سابقة مشهداً حضارياً أنعش الآمال في قلوب اللبنانيين بتقدم الولاء الوطني لدى الشباب والشابات على حساب الولاء الطائفي والمذهبي والانجرار الاعمى وراء العصبيات السياسية والمناطقية".
واعتبرت الكتلة أنّ "تاريخ السادس من حزيران 2020 لا يشبه 17 تشرين 2019 في شيء، بل هو يوم اسود خرج على قيم الثورة واهدافها ليحط رحاله على ابواب الفتنة ، واطلق شرارة خبيثة كادت ان تطيح السلم الاهلي بكبسة زر من جاهل ملعون ، قبل ان يسارع اهل الحكمة من اولي الأمر الى اخمادها في مهدها بعون الله".
ورأت أنّ "ما شهدته بعض احياء العاصمة وبعض المناطق هو دليل مفجع على ارتفاع منسوب الاحتقان المتبادل في الساحات السياسية والمذهبية والطائفية .واذا كان هناك من يستسهل رد هذا الاحتقان الى خلافات تاريخية تعود لاكثر من الف واربعماية سنة ، فان وقائع السنين الأخيرة وحالات الاصطفاف المذهبي التي تراكمت في الساحات العربية والاسلامية وآثارها المدمرة قد شكلت أرضاً خصبة لتنامي هذا الاحتقان".
وتابع البيان: "اننا لم نوفر وبتوجيه مباشر من الرئيس سعد الحريري اية فرصة لتجنيب لبنان نيران وتداعيات كل تلك الأحداث، وكانت لدينا شجاعة المبادرة في تقديم التضحية تلو التضحية لمنع انتقالها الى لبنان ، ولقطع الطريق على طلاب الفتنة وادواتها من النفاذ الى ساحتنا الوطنية. لقد دفع تيار المستقبل، رئيساً وكتلة نيابية وجمهوراً عريضاً، ثمناً باهظاً لخياراته وتضحياته في السنوات الاخيرة ، وارتضى بملء ارادته وقناعته تقديم المصلحة الوطنية على اي مصلحة أخرى ، مدفوعاً برؤيته للمخاطر التي تحاصر لبنان ، من التعطيل المتعمد للمؤسسات الدستورية وتفاقم والازمات الاقتصادية والمعيشية الى الفلتان الأمني وأعمال التفجير وانتشار خطوط التماس المذهبي في بيروت والعديد من المناطق".
وأكّدت الكتلة أنّ "قرارنا منذ اليوم الأول كان وسيبقى، لا للفتنة بين اللبنانيين بكل مذاهبهم واطيافهم ، ولا لمن يوقظها في أي موقع وطائفه مهما علا شأنه .وعلى هذا الأساس عملنا على ربط النزاع مع حزب الله ، دون ان نتراجع عن موقفنا المبدئي من القضايا الخلافية ، فأعطينا الاولوية لحماية الاستقرار الداخلي وحماية اهلنا ومناصرينا وبيئتنا السياسية من اهوال الصراعات والفتن ، وفتحنا ثغرة في جدار ٍ دستوري مسدود اقفل البلاد على مصير مجهول".
وتابع البيان: "لا نذيع سراً، اذا قلنا، ان ربط النزاع مع حزب الله لم يكن ربطاً للنزاع مع العناوين الكبرى للخلاف السياسي معه، انما كان قراراً بمنع النزاع بين مكونين أساسيين من مكونات المعادلة الوطنية ، هما الطائفتان السنية والشيعية. ورغم ذلك أثار ربط النزاع ، ومن بعده التسوية الرئاسية ، حفيظة العديد من محازبي ومناصري تيار المستقبل وأهل السنة، الذين يرون في الامتداد الايراني الى المجتمعات العربية خطراً على دورهم في اوطانهم وتدخلاً يهدد السلام الوطني".
وأضاف: "اننا اذ نأسف لمقاربة التطورات من هذه الزاوية ، يهمنا ان نلفت انتباه كافة الشركاء في الوطن - وفي مقدمتهم الذين لم يلتزموا مقتضيات النأي بالنفس واولئك الذين ضربوا بالتسوية عرض الحائط عندما أذنت لهما فرصة الاستقواء باوهام الحكم والسلطة- ان تلفت انتباههم الى الخطر الكامن في اهمال أسباب وخلفيات الغضب السنّي منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى اندلاع الحرب السورية والخروج المتعمد على مقتضيات الوفاق الوطني والقواعد المتداولة للمشاركة".
وأكد البيان أن "كتلة المستقبل لن تتخلى عن مسؤولياتها الوطنية وعن دورها المتقدم في حماية الصيغة اللبنانية واتفاق الطائف، لقاء ركوب موجة طائفية مذهبية شعبوية ، وهي تعلن بالفم الملآن ان مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي مدرسة الاعتدال والحوار والعيش المشترك ، التي لم ولا ولن تنجرف نحو التطرف والاستثمار في الحروب والانقسامات الاهلية باي يوم من الايام . لكن الصبر على الضيم لا يعني السكوت عنه والقبول بالامر الواقع كما لو كان قدراً مكتوباً على نصف اللبنانيين ، وبينهم فئة أساسية لن تستقيم من دونها الحياة المشتركة ولن تقوم قائمة للنهوض الاقتصادي ، مهما حاولوا الى ذلك سبيلا".
وفي الشأن الاقتصادي، فقد أشار البيان إلى أن "الكتلة تلاحظ أن التخبط لا يزال هو سيد الموقف على صعيد الأرقام المقدرة لخسائر مصرف لبنان، حيث خرج الاجتماع المالي الأخير في بعبدا بموقفين متناقضين، الأول يقول بان المجتمعين توافقوا على ان تكون الأرقام الواردة في خطة الحكومة الإصلاحية المالية منطلقا صالحا لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبنفس الوقت تبلغت وسائل الإعلام بان هـذه الأرقام قابلة للتعديل".
ورأت أن "هذا الضياع وهذا التناقض لا يؤدي الا إلى مزيد من فقدان الثقة بالدولة والحكومة والقطاع المصرفي. فالكلام منذ انتهـاء الاجتماع يدور حول من سيتحمل هـذه الخسائر وكم ستكون نسبة haircut الأمر الذي زاد البلبلة في القطاع المصرفي وسوق الصرف، خصوصًا وان هـذا الموضوع لا يزال مدار بحث في المجلس النيابي".
وفي الشأن القضائي، فقد أثنت الكتلة على "قرار النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات والذي طلب فيه إيقاف مهزلة اخراج الموقوفين في قضية ما يسمى الفيول المغشوش من السجن قبل الظهر وأعادتهم بعد الظهر إلى السجن وطالبت الكتلة في هذا الإطار النائب العام التمييزي بإحالة هذا الملف الفضائحي إلى التفتيش القضائي لاتخاذ التدابير المناسبة بالمخالفين".
ووفقاً للبيان، فقد تطرقت الكتلة إلى قرار رد مرسوم التشكيلات القضائية من قبل رئيس الجمهورية والذي وصل و بعد جهد جهيد و مسار طويل من التعطيل و المماطلة إلى اروقة القصر الجمهوري حيث كنا نتوقع ان يبصر هذا المرسوم النور ويقر لتبدأ معه مرحلة جديدة من استقلالية القضاء و مكافحة الفساد بارادة قضائية بحتة بعيدا عن منطق التدخلات السياسية، و اعتبرت الكتلة ان رد هذا المرسوم يؤكد النوايا الواضحة برغبة البعض باستمرار وضع يده على القضاء و استعماله لغايات سياسية بعيدا عن منطق القانون و العدالة.
إلى ذلك، توجّهت الكتلة بالتحية الى شهداء العدالة القضاة الأربعة ( حسن عثمان وعماد شهاب ووليد هرموش وعاصم بوضاهر) في ذكرى استشهادهم الحادية والعشرين على قوس المحكمة في قصر عدل صيدا.
قد يهمك أيضًا
اشتعال الحرب الإلكترونية بين "المستقبل" و"القوات اللبنانية" عبر "تويتر"
هذا ما دار بين وليد جنبلاط ونبيه بري وسعد الحريري
أرسل تعليقك