كثيراً منا يهدر وقته بلا جدوى وبلا أي فائدة محققة أبداً، إذ أن إهمال الوقت وتأجيل المهام على الدوام بسبب الكسل وعدم الرغبة في عمل أي إنجاز سيذهب كل الوقت سداً، لذا سنتحدث اليوم على أفضل طرق تنظيم الوقت، والتي سيستطيع الشخص من خلالها الحصول على أوقات مقسمة بشكل صحيح.
مفهوم الوقت وتعريفه
تم تعريف الوقت منذ زمن بعيد من قبل الفلاسفة، ويعرف على أنه فترة يمكن قياسها وتحديدها بالفعل، وهو سلسلة متصلة من الأبعاد الزمانية التي يمكن قياسها من خلال الطرق الرياضية والعلمية، والتعريف العلمي للوقت هو مقياس تطور الأحداث الزمنية من الماضي إلى المستقبل بدون العودة إلى الوراء أبداً، وتتم مناقشة مفهوم الوقت حسب مستويات فلسفية، مادية، علمية، بيولوجية ومادية، وبالرغم من أن الوقت شيء غير ملموس وغير محسوس إلا أنه شيء موجود ويمكن قياسه.
ويعتبر الوقت من الأمور المهمة التي وجدت في حياتنا، إذ أنه ساعد الإنسان على فهم التسلسل الزمني وزيادة القدرة على الفصل بين الأحداث التي يمر فيها ويعيشها، فمثلاً جميعنا نميز الأحداث التي حصلت معنا في الماضي وتلك الموجودة في الحاضر مع إمكانية التنبؤ بالأحداث المستقبلية، وبالتالي فإن الوقت عبارة عن شيء مستقل بذاته لا علاقة له بأي أحداث أو أمور تحدث.
كيفية تنظيم الوقت
لتنظيم الوقت الكثير من الفوائد التي تعود بالمنفعة على الفرد، وأهمها:
أنجاز الأهداف المطلوبة خلال فترة زمنية أقل.
تحقيق التوازن في أمور الحياة كافة، فيكون هناك وقت للعمل ووقت للأمور الشخصية.
الحصول على وقت كافٍ لممارسة الأنشطة التي يحبها الشخص.
الوصول إلى الأهداف المطلوبة بكل سهولة ويسر.
تعزيز الشعور بالثقة بالنفس بسبب الشعور بالإنجاز والارتياح.
إنجاز جميع المهمات في وقتها المحدد بدون أي تأجيل أو تأخير.
يتطلب تنظيم الوقت القليل من الخطوات البسيطة التي تترك أثراً فعالاً على المدى البعيد عند التقيد بها واتباعها دائماً، وتكمن هذه الخطوات فيما يلي:
تحديد الأهداف
كما تقول المقولة القديمة المشهورة "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، وهذا دليل على أهمية تنظيم الوقت وتقسيمه بالشكل المثالي، لذا أول أمر يجب القيام به لتنظيم الوقت هو تحديد الأهداف التي يرغب الشخص في تحقيقها، وما هي الطرق التي يجب عليه اتباعها حتى يصل إلى الأهداف التي يريدها، كما يجب أن يفكر في النشاطات التي ستشجعه على استغلال وقته، مع ضرورة متابعة الأهداف والتي يجب أن تكون ضمن فترة زمنية محددة.
وحتى يتم تحديد الأهداف بالشكل المثالي، يمكن اتباع النصائح الآتية:
يجب تحديد الأمور المشجعة التي تحفز الشخص ويثير شغفه ليخصص جزءاً من وقته له، مثل التفكير في الإنجازات الدراسية، الحصول على المزيد من المال، الرغبة في الحصول على ترقية في الوظيفة، التفكير في الزواج، والتفكير في إيجاد حل للمشاكل التي يعاني منها الشخص نفسه حتى ترتقي حياته إلى الأفضل.
ترتيب الأهداف الموضوعة بحسب أهميتها وأولويتها، فملاً إذا كان الشخص طالباً يجب أن يركز على دراسته وعلى الطريقة التي يمكنه من خلالها تحصيل المال لدفع الأقساط الجامعية، أما إذا كان عاملاً فيجب أن يفكر في كيفية إنجاز جميع المهام المطلوبة منه ليحصل على الترقية المهنية، أما إذا كان في سن الزواج فيجب أن يفكر في طريقة جمع المال الكافي حتى يستقر، وبالتالي يكون الشخص قد رتب أهدافه التي يطمح إليها بالشكل الصحيح مع إعطاء كل هدف الوقت الكافي لتحقيقه بدون التعدي على الأهداف الأخرى.
الالتزام بتحقيق الأهداف الموضوعة بدون تأجيل ولا كسل، وهذا الأمر يزيد فرص نجاح الأهداف وتحقيقها بفاعلية.
وضع الأهداف بذكاء
من المهم أن تكون الأهداف الموضوعة موضوعة بذكاء، حتى يتم تحقيقها بفاعلية أكبر، ومن أفضل الطرق التي يمكن اتباعها لوضع الأهداف بذكاء ما يلي:
يجب أن تكون الأهداف الموضوعة محددة لشيء معين واحد وليست عامة أو غير واضحة، فإذا كانت الأهداف عامة وغير واضحة سيؤثر ذلك على طريقة تنفيذها وفاعليتها، فمثلاً عند التفكير في تخفيف الوزن الهدف الخاطئ في هذه الحالة: أريد تخفيض وزني لأصبح رشيقاً، أما الهدف الصحيح: أريد تخفيض ما يعادل 2 كيلو جرام في الأسبوع ليصبح وزني بعد شهرين 55 كيلو جرام.
قابلية الأهداف للقياس، والمقصود بها هو القدرة على تحديد هل تم تحقيق الهدف المطلوب أم لا وما هي نسبة نجاحه، ومثلاً كما ذكرنا في المثال السابق عند الرغبة في تخفيض الوزن، يجب تحديد الوزن الذي يرغب الشخص في الوصول له، وذلك حتى يستطيع الشخص قياس الوزن الذي حصل عليه وقياس حجم الإنجاز الذي قام به.
إمكانية تحقيق الهدف، إذ يجب أن يتم وضع الهدف بما يتناسب مع قدرات الشخص وطاقاته، فمثلاً في حال لم يقوم الشخص بتناول الطعام الصحي الكامل طوال فترة حياته، فلا يجوز أن يضع نظاماً غذائياً يتضمن فقط تناول الخضروات والفواكه طوال اليوم، لأنه لن يستمر عليه مطلقاً ولن يصل إلى الهدف الذي قام بوضعه مطلقاً.
ربط الهدف الموضوع بمدة زمنية محددة، فعند ربط الخطة المطلوب تحقيقها بمدة زمنية محددة والالتزام بها بدون تأجيل، سيساعد على الوصول إلى الهدف خلال وقت قصير، وسيتمكن الشخص من الحصول على وقت فراغ كبير ليقوم بما يحلو له.
كتابة الأهداف
الإنسان معرض للنسيان، لذا يجب كتابة الأهداف المراد تحقيقها على قطعة من الورق وتعليقها على مكان يراه باستمرار كالثلاجة أو المرآة أو حتى التلفاز مثلاً.
وضع خطوات عملية
عندما يكون الهدف كبير، يجب تقسيمه إلى خطوات صغيرة، وتحديد طريقة تنفيذ كل خطوة، وبالتالي سيتم إنجاز الهدف بلا كسل.
الإلتزام بالتنفيذ
يجب الالتزام بتنفيذ الأهداف الموضوعة، ولأن الأهداف نشاط دائم لا يتوقف، يجب وضع خطة متابعة لكل هدف لضمان الالتزام بتحقيقها جميع الأهداف المطلوبة بدون كلل أو كسل.
ترتيب الأهداف حسب أولوياتها
ويتم الأخذ بعين الاعتبار العديد من الأولويات بحسب ترتيب الأهداف، والتي تشمل ما يلي:
هدف غير مهم وغير عاجل: ولا يعتبر هذا الهدف من الأهداف المهمة، وبالتالي يمكن تأجيله لبعض الوقت.
هدف غير مهم: ويعتبر هذا الهدف من الأهداف التي يمكن منح الآخرين مهمة القيام بها.
هدف غير مستعجل: وهو الهدف الذي لا يعتبر تنفيذه مهماً للغاية، ويمكن إنجازه في أي وقت.
هدف مستعجل: وهو الهدف الذي يجب تنفيذه على وجه السرعة.
ترتيب الخطط مسبقاً
وتعتبر هذه الخطوة من أهم خطوات تنظيم الوقت وإدراته، إذ أنه بدلا من إضاعة الوقت للتفكير في المهمات التي يجب إنجازها في اليوم، يمكن عمل ترتيب زمني للمهام من الأكثر أهمية إلى الأقل أهمية، وبالتالي سيكون الوقت متاحاً لإنجازها واحدة تلو الأخرى.
الانتباه قدر الإمكان
هناك الكثير من الأمور التي تشتت الشخص أثناء قيامه بمهامه، مثلاً التحدث مع الأشخاص أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة، مما يتسبب في هدر الوقت الموضوع لتنفيذ الخطة، لذا من الأفضل الجلوس وحيداً أثناء القيام بأي مهمة، مع مراعاة إغلاق الهاتف وتركه بعيداً عن المكان، مع مراعاة تخصيص وقت معين لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
تعزيز الثقة بالنفس بأكثر الطرق فعالية
نصائح عامة لتنظيم الوقت
هناك بعض الأمور البسيطة التي يمكن اتباعها من أجل تنظيم الوقت بالطريقة المثالية، وهي:
كتابة المهام المطلوب إنجازها خلال فترة زمنية محددة، ويجب أن يتم ترتيبها حسب أولويات تحقيقها، وذلك سيساعد على تذكر إنجاز جميع المهمات المطلوبة بدون نسيان، ويفضل بعد الانتهاء القيام بشطب المهمة لتعزيز الشعور بالانجاز.
تحديد الوقت اللازم لإنجاز كل مهمة، إذ أن تراكم المهام بدون إنجاز سيشعر الشخص بالإحباط والقلق والتوتر، لذا عند تعيين وقت محدد لإنجاز كل مهمة ستتاح الفرصة لإنجاز كل مهمة والبدء بالمهمة الثانية حتى الانتهاء من جميع المهام.
من الضروي جداً تقسيم المهام كل واحدة على حدى، فمثلاً تقسيم الأعمال التي تخص الدراسة على عدة أيام في الأسبوع، بحيث يتم إنجاز مهمة واحدة أو أكثر في اليوم مع إمكانية القيام بأعمال أخرى شخصية، وبالتالي سيتم التخلص من كل المهام المطلوبة خلال الوقت المحدد بدون أي ضغط.
يجب اختيار الوقت الأنسب حسب كل شخص ليقوم بإنجاز المهمات المترتبة عليه بفاعلية، فمثلاً هناك أشخاص يكون أدائهم عالي جداً خلال فترة الصباح وآخرين يكون أعلى في المساء.
تقديم المكافأة من الشخص لذاته، فمثلاً عند القيام بإنجاز المهمات المطلوبة خلال فترة زمنية جيدة، يمكن أن يقوم الشخص بمكافأة نفسه بأخذ قسط من الراحة، وبالتالي سيتمكن من استعادة نشاطه وحيويته ليكمل بقية أنشطته بكل فاعلية.
كما ذكرنا سابقاً، يجب كتابة المهام المراد تحقيقها على ورقة، ويجب أيضاً إلقاء نظرة على قائمة المهام بعد القيام بكل مهمة، حتى يتم حذف المهمات المنجزة، وإعادة ترتيب المهمات المكتوبة حسب الأولويات التي قد يظهر عليها تأخيراً مفاجئاً.
محاولة الاستمتاع بالوقت بعد الانتهاء من إنجاز كل المهام، فمثلاً يمكن قبل النوم مشاهدة حلقة من مسلسل قد فاتت أثناء إنجاز المهمات، أو قراءة إحدى الكتب والروايات، أو حتى التحدث عبر الهاتف مع الآخرين سواء مكالمة أو عبر الرسائل القصيرة وتطبيقات التواصل الاجتماعي، وبالتالي سيرفه الشخص عن نفسه قليلاً.
الحصول على قسط كافٍ من الراحة من الأمور المهمة التي يجب التأكد منها لتنظيم الوقت بالطريقة المثالية، إذ أن العمل الشاق الذي يقوم به الشخص خلال اليوم يجعل جسده متعباً ومرهقاً وبحاجة إلى الراحة والنوم، وعند حصول الجسم على قسط النوم الكافي فسيكون أكثر نشاطاً وحيوية في صباح اليوم التالي، لذا ننصح بالنوم ما لا يقل عن 7 أو 8 ساعات في اليوم.
في حال كانت المهام الموكلة للشخص كثيرة ومتعبة، فلا بأس من أن يقوم بالاستعانة بالأشخاص الآخرين حتى يساعدوه في إنجاز بعضاً من هذه المهام، عدا عن ذلك يمكن أن يقوم الشخص المساعد الآخر بإنجاز المهمة بشكل أفضل وأكثر كفاءة من الشخص صاحب المهمة ذات نفسه، وفي هذه الأثناء يجب أن يقوم الشخص بإكمال المهمات الأخرى الموكلة له حتى يتمكن من استغلال الوقت بدون إضاعة.
والنصيحة الأخيرة والأهم على الإطلاق التي لا يجب التغاضي عنها مطلقاً، هي القيام بإنجاز المهام كل يوم بيومه بدون تراكم مطلقاً، وإلا ستتراكم المهمات عن الحد المسموح، وسيصبح الشخص غير قادراً على إنجازها جميعها مطلقاً.
وبهذا نكون قد شملنا طرق تنظيم الوقت كاملةً التي ستساعد أي شخص في إنجاز جميع المهام التي يجب عليه القيام بها، ليس ذلك وحسب، بل إنه سيحصل على مزيد من الوقت ليقوم بكل أموره الشخصية التي يحتاجها بدون أي ضغوطات وتعب.
قد يهمك أيضا:
عالم اجتماع يؤكد أن الاستقلال الشخصي يعزز القدرة على الإبداع
علماء يُفسرّون الوقت المناسب لتناول العشاء لإنقاص الوزن
أرسل تعليقك