جددت الأمم المتحدة اتهامها للميليشيات الحوثية بإعاقة الوصول الإنساني في مناطق سيطرة الجماعة من خلال السطو على المساعدات وتعطيل تنفيذ أكثر من نصف مشاريع المنظمات الدولية إلى جانب الاعتداء على العاملين بالحبس والتهديد.
ووردت الاتهامات الأممية التي أغضبت قيادة الجماعة الحوثية في صنعاء خلال الإحاطة التي قدمتها يوم الجمعة، إلى مجلس الأمن الدولي، مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية أورسولا مولر.
وفي حين نددت مولر بممارسات الميليشيات في الجانب الإنساني وإعاقتها وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها بشكل روتيني، أشارت إلى أن الجماعة تنهب المساعدات وتمنع تنفيذ نصف مشاريع المنظمات غير الحكومية العاملة في المجال الإنساني وتطرد بعض موظفي تلك المنظمات وموظفي الأمم المتحدة من دون أي أسباب.
واتهمت المسؤولة الأممية الميليشيات الحوثية بالتدخل في العمليات الإنسانية ومحاولة التأثير باختيار المستفيدين من تلك المساعدات والشركاء المنفذين، ومحاولة إلزام المنظمات الإنسانية بالعمل في ظروف تتناقض مع المبادئ الإنسانية مما سيتسبب، حال القبول بها، في فقدان التمويل اللازم للمشاريع الإنسانية وإغلاقها.
واستعرضت مولر في إحاطتها ما تقوم به الجماعة الموالية لإيران من استهداف العاملين الإنسانيين وسوء معاملتهم في المناطق التي تسيطر عليها، وأوضحت أن حالات الاستهداف وصلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 60 اعتداءً وتهديداً واعتقالاً للكوادر العاملة في المجال الإنساني.
وتطرقت مساعدة الأمين العام مولر، إلى قيام ميليشيات الحوثي في عدد من المرات بنهب المساعدات الإنسانية واحتلال مقرات المنظمات الإنسانية مما تسبب في إعاقة إيصال مساعدات إنسانية ضرورية لمستحقيها.
وأكدت أن أعمال الإغاثة الإنسانية في مناطق سيطرة الميليشيات مقيّدة لأقصى درجة، كما أشارت إلى استمرار ميليشيات الحوثي في إعاقة وصول الفنيين التابعين للأمم المتحدة إلى خزان «صافر» النفطي لتقييم الأضرار تمهيداً لإصلاحها، مشددة في الوقت ذاته على أهمية إصلاح الخزان لمنع حدوث كارثة بيئية وإنسانية خطيرة.
وأثارت الإفادة الأممية حفيظة القيادات الحوثية التي حاولت أن تتنصل من العراقيل عبر مزاعم ألقت فيها باللائمة على الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها أو الشريكة معها، كما ورد في تغريدات للقيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي.
وزعم محمد الحوثي الذي يعد الرجل الثالث في الجماعة من حيث التأثير، أن هناك تلاعباً كبيراً للمنظمات بأموال المانحين وعدم القبول بتخصيصها لما يخدم المواطن، مشيراً إلى نماذج مما عدّه دليلاً على فساد المنظمات.
في السياق نفسه، سارع القيادي الحوثي المعيّن أميناً لما سمّته الجماعة «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية» عبد المحسن طاووس، إلى نفي الاتهامات الأممية، ودعا في تصريحات نقلتها وسائل إعلام الجماعة «المانحين في الأمم المتحدة إلى أن يحققوا في أماكن التمويل التي تُصرف في اليمن».
وفي حين زعم الطاووس أن «المشاريع تُنهب وتذهب إلى جيوب العاملين في المنظمات الأممية»، ادّعى أن المنظمات الإنسانية «تريد العمل في صنعاء دون التقيد بالقوانين لمواصلة فسادها والتلاعب بالمساعدات»، حسب قوله.
وزعم القيادي الحوثي أن لدى جماعته «وثائق تكشف زيف اتهامات الجهات الأممية التي وجهتها إلى حكومة الانقلاب في صنعاء» مهدداً بأن الجماعة «قد تضطر إلى كشفها».
كانت الحكومة اليمنية قد عبّرت، في بيانات رسمية، عن أسفها الشديد حيال ما وصفته بـ«التخاذل الأممي والدولي» حيال استمرار الانتهاكات الانقلابية بحق العملية الإغاثية، متسائلة عن ماهية الموانع التي تمنع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من اتخاذ موقف حازم ما دامت جميع هذه الممارسات مخالفة لكل القوانين والاتفاقيات والمبادئ الأخلاقية والإنسانية.
ويؤكد ناشطون يمنيون في مجال الإغاثة أن الميليشيات الحوثية عادةً ما تعيق أو تمنع أو تؤخر عملية توزيع المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتها عدة أشهر، ما يعرّض الكثير من هذه المساعدات للتلف الكلي أو الجزئي.
ويتهم الناشطون اليمنيون الجماعة الموالية لإيران بأنها تفتعل خلق العراقيل أمام نشاط المنظمات الإنسانية لجهة الاستحواذ على المساعدات أو توجيه توزيعها على العناصر الموالية للجماعة أو تحويلها إلى منظمات حوثية من أجل تسخيرها للمجهود الحربي أو شراء الولاءات القبلية.
وسبق أن أوقف برنامج الغذاء العالمي عمله في صنعاء هذا العام لعدم رضوخ الجماعة لآلية بصمة العين وإعداد قاعدة بيانات تحدّ من عملية الفساد الحوثي في سرقة المساعدات، قبل أن يعاود نشاطه عقب موافقة الجماعة على خطة مشتركة لضبط الأداء.
وكان المتحدث باسم البرنامج إيرفيه فيروسيل، قد أوضح في تصريحات سابقة أن الأولوية ما زالت إطعام أكثر الأطفال والنساء والرجال جوعاً في اليمن، «ولكن كما هو الحال في أي منطقة صراع، يسعى بعض الأفراد إلى الربح عن طريق الإضرار بطعام الضعيف وتحويله بعيداً عن المكان الذي تشتد الحاجة إليه» فيه.
وقال إن البرنامج ناشد، مِراراً، الحوثيين، منحه المساحة والحرية للعمل وفق مبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال التشغيلي، الذي يوجه عمل البرنامج في 83 دولة حول العالم.
وإلى جانب التضييق على مرور المساعدات واحتجاز الشحنات بين المحافظات لأسابيع طويلة، كان سلوك الميليشيات قد دفع العديد من المنظمات الدولية إلى التهديد بالتوقف عن العمل في مناطق سيطرة الجماعة.
وبينما اتهم مدير برنامج الأغذية العالمي صراحةً الميليشيات الحوثية بأنها تسرق الطعام من أفواه الجوعى، تقول الجماعة -من جهتها- إنها لن تسمح بأي أنشطة إنسانية للمنظمات الدولية دون أن تكون تحت سمعها وبصرها وبتصريح مسبق منها.
قد يهمك ايضا:
دعوة لـ"تظاهرة مليونية" في بغداد لسحب الشرعية من الأحزاب
مسؤولون كبار في "الليكود" يعدون انقلابا على نتنياهو
أرسل تعليقك