الخرطوم - لبنان اليوم
ينشط تنظيم «الإخوان المسلمين» بقوة في العودة إلى المشهد السياسي في السودان، وتتسارع خطوات عودتهم عقب الإجراءات التي اتخذها الجيش في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بتولي السلطة في البلاد. وأعيد في الأسابيع القليلة الماضية المئات من منسوبي حزب «المؤتمر الوطني» (الجبهة الإسلامية سابقاً) إلى الخدمة المدنية ودواوين الحكم المختلفة والجهازين القضائي والمصرفي، بعد أن كانت «لجنة التفكيك وتصفية النظام» السابق قد فصلتهم من الخدمة إبان حكومة عبد الله حمدوك، بحجة توليهم هذه الوظائف بطرق غير مشروعة، لكن بعد الإطاحة بتلك الحكومة أعادت قيادة الجيش الكثيرين من أنصار الرئيس المعزول عمر البشير، والذي أزيح عن الحكم في انتفاضة شعبية واسعة في 11 أبريل (نيسان) 2019، بعد أن حكم البلاد لمدة ثلاثة عقود.
وفي أول تصريح للرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني المعزول، إبراهيم غندور، عقب إطلاق سراحه أول من أمس، قال إنه لا يرى في الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان انقلاباً سياسياً، بل هي خطوة تصحيحية، ما عده مراقبون نوعاً من لغة المغازلة الصريحة للعسكريين. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2019 أصدرت «لجنة التفكيك والتصفية» قراراً بحل حزب المؤتمر الوطني برئاسة الرئيس المعزول عمر البشير، وحظر نشاطه السياسي والنقابات التابعة له، كما صادر جميع ممتلكات ودور الحزب في الخرطوم وكافة ولايات السودان.
وبرأت محكمة سودانية الأسبوع الماضي غندور و12 من كوادر الحزب المعزول، من تهم تقويض النظام الدستوري ومن اتهامات أخرى متعلقة بالإرهاب. وقالت مصادر حزبية ونشطاء مدنيون إنه منذ إطاحة الجيش وقوات الدعم السريع بـ«تحالف الحرية والتغيير» من السلطة والانفراد الكامل بالحكم، يحاول العسكريون القائمون على السلطة الآن إيجاد مرجعية سياسية مدنية، كبديل لتحالف «الحرية والتغيير» بغرض تشكيل مشهد جديد يمكن الجيش من السيطرة الكاملة على الحكم خلال الفترة الانتقالية.
وشهدت الفترة الماضية صدور العديد من الأحكام القانونية والإدارية بعودة المئات من أعوان وأنصار نظام الإسلاميين السابق، إلى جميع مؤسسات الخدمة المدنية وبعضهم في أجهزة الحكم الاتحادي والمحلي. وأكثر من مرة عبَّر العسكريون عن عدم رغبتهم في الحكم بشرط تشكيل حكومة منتخبة أو توافق وطني بين القوى السياسية عدا حزب المؤتمر الوطني المنحل، فيما ترفض المكونات المدنية فكرة شراكة جديدة مع العسكر بسبب فقدان الثقة بهم بعد حلهم للحكومة المدنية السابقة واعتقال بعض وزرائها ومسؤوليها.
واتهمت «لجنة التفكيك»، التي حلها أيضاً الجيش منذ 25 أكتوبر، في بيان أمس المكون العسكري بفك حجز أرصدة قيادات ورموز وواجهات تتبع للنظام المعزول لعدة أيام، ما سمح بسحب تريليونات الجنيهات السودانية. واستنكرت اللجنة قيام السلطات العسكرية بإصدار قرارات من البنك المركزي بفك حجز أرصدة قيادات ورموز وواجهات تتبع للنظام المعزول لعدة أيام قبل إصدار قرار لاحق بإعادة تجميد تلك الأرصدة.
وقالت اللجنة إن العسكريين استبقوا بتلك الخطوة قرارهم القاضي بإطلاق سراح قادة قوات «الأمن الشعبي»، التابعة للنظام السابق، على رأسهم أنس عمر وإبراهيم غندور. وكشفت اللجنة عن حسابات مشبوهة ضمن تلك الحسابات تتبع لأجانب متهمين بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن تلك الخطوة ربما تكون قد أفرغت الحسابات من تريليونات الجنيهات التي تعرضت أو سحبت منها تلك الأرصدة لخارج البلاد بعيداً عن يد القانون السوداني.
وأوضحت مصادر اللجنة أن السلطات استبقت قرار فك الحظر قبل إطلاق سراح قادة النظام المعزول، واعتبر الإجراء «خطوة مكشوفة ومعلومة المقصد، إذ سمح بسحب جميع المبالغ الموجودة في تلك الحسابات وتمكن نافذون بالنظام المعزول من سحب تريليونات الجنيهات من حساباتهم قبل صدور قرار تجميدها مرة أخرى».
وأشارت اللجنة إلى أنه من ضمن تلك الحسابات التي سبق تجميدها من قبل «لجنة التفكيك» وشملها ذلك الإجراء، حسابات ارتبطت بجهات وشخصيات أجنبية على صلة بتمويل عناصر إرهابية وغسل أموال. وسبق أن اتهم تحالف «الحرية والتغيير» المكون العسكري صراحة بإعادة أعداد كبيرة من منسوبي النظام المعزول من «الإسلاميين» إلى الخدمة المدنية، وتعيين بعض منهم في مناصب حكام بعض الولايات
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
وصول مدعية المحكمة الجنائية الدولية إلى السودان لبحث قضية البشير
بنسودا تصل إلى الخرطوم وضحايا دارفور يريدون رؤية البشير في لاهاي
أرسل تعليقك