أعلن المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الإنسانية د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة عن تدشين المملكة العربية السعودية ممثلة بالمركز، مشروع (مسام) لنزع الألغام التى زرعتها مليشيات الحوثي الانقلابية فى كافة المحافظات اليمنية والتى راح ضحيتها الالاف من أبناء الشعب اليمني، بتكلفة قدرها 40 مليون دولار.
حضر تدشين المشروع اليوم بالرياض عدد من الوزراء فى الحكومة اليمنية والدبلوماسيين، من مختلف بلدان العالم، وأكد الربيعة أن هذا المشروع تنفذه كوادر سعودية وخبرات عالمية، لإزالة الألغام بكافة أشكالها وصورها التى زرعتها الميليشيات بطرق عشوائية فى الأراضى اليمنية وخصوصاً محافظات مأرب، وعدن، وصنعاء، وتعز، ويهدف المشروع أيضاً إلى مساعدة الشعب اليمنى على التغلب على المآسى الإنسانية الناجمة عن انتشار الألغام، وتمكينه لتحمل المسؤولية على المدى الطويل.
وأضاف الربيعة فى كلمته أنه تم الآن حصر أكثر من 600 ألف لغم فى المناطق التى تم تحريرها من المليشيات الانقلابية، بالإضافة إلى 130 ألف لغم بحرى مضاد للزوارق والسفن وهى من الألغام المحرمة دولياً، و40 ألف لغم فى محافظة مأرب، و16 ألف لغم فى جزيرة ميون.
وبحسب تقارير صدرت عن الحكومة اليمنية منذ شهر ديسمبر عام 2014م، وحتى شهر ديسمبر لعام 2016م، فقد تم تسجيل ما مجموعه 1539 قتيلاً، وإصابات جراء ما تم زراعته من ألغام لأكثر من ثلاثة آلاف من العسكريين، ومن المدنيين والنساء والأطفال، تسببت بإعاقات دائمة وكلية لأكثر من 900 شخصاً. وكذلك تم تسجيل أكثر من 615 قتيلا منهم 101 من الأطفال و26 امرأة، فيما بلغت الإصابات 924 إصابة بينهم 10 أطفال و36 امرأة. بينما ما تم تسجيله بمحافظة تعز وحدها 274 حالة بتر لأطراف وإعاقات دائمة منهم 18 حالة لفقدان البصر. فخلال عام واحد فقط سجل البرنامج الوطنى لنزع الألغام عدداً كبيراً من الضحايا والإصابات فقد وصل عدد ضحايا الألغام فى كل من محافظات عدن، ولحج، وأبين، وتعز 418 ضحية، فى حين أنه تم فى نفس الفترة تسجيل 1775 إصابة، وسجل فى كل من محافظتى الجوف ومآرب ٣٨٠ ضحية و512 إصابة.
وأوضح الربيعة أن مركز الأطراف الصناعية بمحافظة مآرب فى اليمن الذى يعمل تحت رعاية مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الإنسانية قام بتركيب 305 أطراف صناعية لأكثر من 195 ضحية تعرضت لبتر بأحد الأطراف بسبب هذه الألغام التى لا تفرق بين ضحاياه، فهى تستهدف النساء والأطفال الذين يشكلون أغلب ضحاياها. وقد قام المركز بتوفير العلاج والتأهيل اللازم لعدد كبير من المصابين الذين تراوحت أعماهم ما بين 12 و72 عاماً.
ولفت الربيعة إلى أن عدد المصابين الذين تلقوا علاج فى مركز الأطراف بمأرب خلال المرحلتين الأولى والثانية حتى تاريخ ٢٠١٨/٦/٢٤م 11 سيدة، و12 طفلاً و346 رجلاً، حيث لازالت المرحلة الثانية مستمرة إلى هذا اليوم، بالإضافة إلى تلقى عدداً من الحالات للرعاية الطبية بالمراكز الطبية العامة والخاصة باليمن، وداخل المملكة العربية السعودية على حساب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، كما أن هناك أيضاً عدداً من الحالات التى تم علاجها خارج اليمن، ومنها 13 حالة فى جمهورية السودان، و45 حالة فى الأردن، و106 حالات فى مدينة جدة منهم طفلين. ليصل الإجمالى إلى 533 حالة.
وأكد الربيعة استمرار دعم المملكة لليمن فى كافة المجالات وان اليمن فى مقدمة أولويات المملكة عبر عقود من الزمن، تأكيدا على روابط الجوار، والدين، واللغة، والعلاقات الاجتماعية والأسرية بين الشعبين السعودى واليمنى.
وأشار الربيعة أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قام بدور كبير لمساعدة الأشقاء فى اليمن، تمثّل فى تقديم (262) مشروعاً، تعدّت كلفتها الإجمالية مليار و600 مليون دولار أمريكى، توزعت على مشاريع الأمن الغذائى، والصحى، والإيوائى، والدعم المجتمعى، والتعليم وغيرها من البرامج الإغاثية المهمة والضرورية، وما يزال المركز يعمل بكل جهد وحيادية لرفع المعاناة عن كافة المحافظات اليمنية.
وعبر الربيعة عّن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولى عهده لما يقدّمانه من جهود عظيمة ساعدت مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تقديم الدعم للعمل الإغاثى والإنسانى فى العديد من دول العالم، وفى اليمن الشقيق على وجه الخصوص.
ومن جانبه قال وزير الخارجية اليمنى خالد اليمانى خلال كلمته اثناء اطلاق المشروع أن زراعة الألغام هى احدى الوسائل التى انتهجتها المليشيا الانقلابية لمعاقبة الشعب اليمنى وزيادة معاناته وهى من الانتهاكات المجرمة فى القانون الدولى الإنسانى والاتفاقيات المرتبطة به ومنها اتفاقية اوتاوا لحظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الالغام المضادة للافراد، ومع ذلك فقد ابتكرت المليشيا الانقلابية طرقا جديدة لاستخدام الالغام المضادة للمركبات وتحويل استخدامها ضد الافراد وذلك بغرض احداث أكبر قدر من الضحايا والذين هم فى الغالب من المدنيين الأطفال والنساء وحتى الحيوانات لم تسلم من ذلك.
وأشار اليمانى إلى أن المليشيا الانقلابية ابتكرت الغام متفجرة فردية ومموهة وارتجالية (IED)متنوعة الاغراض والأهداف بما فيها العبوات المتفجرة الارتجالية بواسطة اجهزة الراديو بعضها قادمة بشكل مباشر من إيران (كما ورد فى تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017) والبعض الأخر تم تطويرها فى اليمن عن طريق خبراء ايرانيين، حيث تأخذ أشكال وألوان وأحجام مختلفة مطابقة لطبيعة الارض والمكان الذى تزرع فيه مما يؤدى إلى صعوبة اكتشافها وتميزها عن محيطها ومنها ما هو على شكل صخور مختلفة الأحجام والأشكال أو على شكل مواد بناء فى المناطق السكنية التى وصلوا إليها تاركين خلفهم كميات عشوائية كبيرة فى مناطق سكنية وداخل منازل المواطنين وفى الطرقات ومداخل المدن والمزارع، وكذا ألغام بحرية فى الشواطئ والسواحل، فقد أشار تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017 إلى تطابق تلك الألغام البحرية مع الألغام الأيرانية وأنها تشكل خطراً على النقل البحرى التجارى وخطوط الملاحة البحرية ويمكن أن يظل تهديد هذه الالغام لمدة تتراوح بين 6 إلى 10 سنوات.
ونوه وزير الخارجية أن انتهاج الحوثيين لزراعة الألغام بطرق عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط يشكل تحدى لمستقبل اليمن كما يشكل صعوبة بالغة فى التخلص منها سريعا، فقد نحتاج إلى عشرات السنين لانتزاعها ولن يكون بمقدور المزارعين العودة لزراعة أرضهم ولن يتمكن الرعاة من رعى ماشيتهم وسيواجه الصيادون مخاطر الألغام البحرية، حيث أن بقاء تلك الالغام سيتسبب فى حصد المزيد من الأرواح بين المدنيين الأبرياء خصوصا من الأطفال والنساء، وفى أضرار بشرية ومادية جسيمة ستمثل عائقا أمام التنمية. كما أن الألغام البحرية قد تشكل خطرا على الملاحة الدولية فى البحر الأحمر مستقبلا وهو ما يحتاج وبشكل عاجل إلى جهود إنسانية دولية ضخمة لنزع تلك الألغام وتطهير الأرض اليمنية وسواحلها من تلك الألغام، وتحييد خطرها وإعادة روح الحياة إلى الأراضى اليمنية المحررة من قبضة المليشيا الحوثية.
واعتبر وزير الخارجية أن إعلان مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية، اليوم، عن المشروع السعودى لنزع الألغام فى اليمن، مبادرة إنسانية فاعلة فى طريق تخليص اليمن من مخاطر هذا الخطر الذى تسبب به الانقلابيون، وهى مبادرة محل تقدير الحكومة والشعب اليمنى..مؤكداً أن الحكومة اليمنية ومن خلال الجهات المعنية ستعمل معا بالتنسيق مع مركز الملك سلمان لإنجاح هذا المشروع وتحقيق الأهداف المرسومة.
وقال اليمانى "إن مشروع(مسام)هو الحياة فى مواجهة مشروع الموت، والذى يضاف إلى سجل الخير والعطاء لمركز الملك سلمان تجاه الشعب اليمنى منذ تأسيس المركز فى العام 2015 والذى خصص فى عامه الأول فقط مبلغ مليار ريال سعودى لإغاثة الشعب اليمنى، وتتابعت جهوده الإنسانية لتشمل كل مناطق اليمن من المهرة إلى صعدة ومن سقطرى إلى الحديدة".
وعبر وزير الخارجية عن شكر وتقدير الحكومة اليمنية والشعب اليمنى إلى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولى عهده صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على ما قدموه ويقدموه لليمن منذ الانقلاب المشئوم على السلطة الشرعية،كما عبر عن شكره للمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الانسانية الدكتور عبدالله الربيعة،على اطلاق مشروع نزع الألغام فى اليمن.
ودعا اليمانى المجتمع الدولى والمنظمات الدولية وخاصة الامم المتحدة لمساعدة الحكومة اليمنية فى التخلص من الألغام من خلال تبنى مشاريع مماثلة وبصورة خاصة مسح الالغام التى زرعها الانقلابيون فى الممرات المائية الدولية جنوب البحر الأحمر،كما دعا المجتمع الدولى لإدانة المليشيا الانقلابية لانتهاكها القانون الدولى الإنسانى واستمرارها فى زراعة الالغام العشوائية ومحاسبة مرتكبى تلك الانتهاكات والجرائم.
من جانبه اكد الأمين العام للمنظمة الدولية للحماية المدنية الدكتور فلاديمير كوفشينهوف، إن الألغام ومنذ ابتكارها شكلت خطراً كبيراً وصعباً وتتسبب فى بتر الأطراف وقد تحرم شخصاً من عائلته أو تسلب حياة عائلة بأكملها وفى كل الحالات فإن الألغام وبدون شك سبب فى المآسى والأحزان..مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة ساهمت مساهمة كبيرة فى الجهود الرامية لحماية المدنيين وتخفيف معاناتهم الجسدية والنفسية الناتجة عن الألغام.
وقال فلاديمير كوفشينهوف "نجتمع اليوم من أجل قضية لا تقل أهمية وهى مخاطر الألغام وعلى وجه الخصوص الألغام التى سرقت حياة الكثير فى اليمن وغيرها من الدول بما فيها ليبيا وسوريا والعراق".
وقال "إن تعاوننا مع مركز الملك سلمان للإغاثة يتفوق على تاريخنا المشترك وفى الحقيقة ساهم المركز بشكل كبير فى استدامة الدول الأعضاء فى المنظمة الدولية للحماية المدنية ونحن نتطلع لاستمرار العمل عن كثب فى المستقبل مع مركزكم الموقر وأنا على أكمل ثقة بأن توثيق سبل تعاوننا سيقودنا نحو تحقيق اهدافنا المشتركة فى مجال حماية المجتمعات والأراضى من الكوارث".
واكد فلاديمير كوفشينهوف استعداد المنظمة الدولية للحماية المدنية للانضمام إلى جهود تحسين حماية المدنيين فى اليمن من الدمار الناتج عن الألغام..معبراً عن شكره للمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة ومنسوبى المركز الملك على دعوتهم له وللوفد المرافق.
أرسل تعليقك