تبذل قطر جهودًا حثيثة لإرضاء إسرائيل في كافة الخطوات، متخفية حول ستار عروبتها للمس بالفلسطينيين والقضية الفلسطينية، حيث روجت وسائل الإعلام القطرية الأيام الأخيرة تسريبات عن تهدئة، وعملت على إرباك الشارع الفلسطيني.
جهود مصرية بذلت على أعلى المستويات لإيقاف التصعيد، وتحجيم إطلاق النار تدريجيًا وصولًا للهدوء، في الوقت الذي كانت تدعي فيه قطر أنها صاحب السيادة في التهدئة، بعد زيارة مسؤول إسرائيلي لأراضيها واجتماعه مع القيادة القطرية.
التحرك القطري للتهدئة، ومزاحمة مصر على الوصول إلى موافقة على وقف إطلاق النار بين الطرفين، جاء بعد زيارة مسؤول إسرائيلي كبير إلى قطر، والاجتماع مع قيادتها.
ويقول المحلل السياسي عبدالمجيد سويلم، إن قطر معنية بتحسين مواقعها لدى الولايات المتحدة بصورة مستمرة على الأقل في المدى المباشر، لأنها بحاجة إلى هذا التحسن أساسًا، معتقدة أنها من خلال إبرام صفقة بين "حماس" وإسرائيل سترفع من أسهمها عند إسرائيل وأميركا، وهذا يهمها كثيرًا.
ويرى أن قطر تعمل على أن تكون الصفقة على حساب الشرعية الفلسطينية، مع أنها لا تعلن ذلك، وتعرف في نهاية المطاف أن الصفقة تكون بانخراط قطاع غزة فيها، إن لم يكن اليوم فغدًا.
وأضاف، "قطر تعمل على حماية الإخوان، وأن المصالحة من وجهة نظر قطر وجزء كبير من حماس ستعني على الأقل كما يطرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح هي إنهاء سيطرة حماس على القطاع".
ويوضح عبد المجيد سويلم "لذلك قطر والإخوان غير معنيين بنهاية هذه الإمارة في غزة، وهم أيضًا في عجلة من أمرهم بصورة أو بأخرى لترسيخ قيادة حماس في قطاع غزة، لتقوية أوراقهم التفاوضية مع الشرعية الفلسطينية، ويفضلون الهدنة على المصالحة وليس العكس" حسب قوله.
واعتبر القيادي في حزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، دخول قطر على خط التهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة، محاولة للعبها دورًا مركزيًا في الأحداث التي تجري في المنطقة، خصوصًا على صعيد القضية الفلسطينية، وأن الهدف القطري من الوصول لتهدئة، هو الوصول إلى دور سياسي من خلال الاتصالات التي تشهدها المنطقة خلال المرحلة المقبلة.
ولفت العوض إلى أن تدخل قطر في غزة، وتجاوب أميركا وإسرائيل مع الكثير من أطروحاتها يقف خلفه السعي لمحاولة مزاحمة الشقيقة مصر على دورها المعروف والثابت للقضية الفلسطينية، التي تقوم بدور محوري ومركزي في قضايا الإقليم والعالم.
وتابع: "هذا التحرك القطري يلاقي تجاوبًا أميركيًا إسرائيليًا، الهدف منه فتح الطريق لدور أكبر لقطر، وأن تكون لاعبًا أساسيًا لتسويق صفقة القرن، التي أغلقت أبوابها في ظل رفض القيادة الفلسطينية والمصرية".
ويرى المحلل السياسي صبري حماد، أن الموقف القطري يحمل الكثير من الغموض، وأن سياساتها غير معروفة بشكل واضح تجاه القضية الفلسطينية، وغير مريحة أساسًا.
وأكد أن قطر تحاول أن تكون بديلًا لمصر في كثير من الملفات التي تخص قطاع غزة والقضية الفلسطينية، وهذا يحمل نوعًا من العناد والجحود، لأن الفلسطينيين لا يستغنون عن دور مصر لأنها قلب الأمة النابض، وقوة العالم العربي بقوتها، ولن تنجح قطر بهذا الدور وهذه المساعي.
سلوك تخريبي ومواقف خارج السياق
اعتبر الكاتب الصحافي، جهاد أبوبيدر أن المواقف القطرية لطالما كانت خارج السياق، وتميزت بالتناقض والغرابة منذ سنوات طويلة، فدعم قطر لحركة حماس التي تعتبرها الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، وفي الوقت ذاته علاقتها القوية مع إسرائيل يعد من أبرز المحطات التي لا تلتقي مع الصف العربي وعدم التزامها بإعمار غزة. ولا نستطيع تجاهل الدعم الذي تقدمه قطر لإيران معنوياً وموافقتها على السلوك التخريبي الذي يهدد أمن الدول.
وأضاف، "لطالما صدرت من قطر تصريحات تؤكد أنها ترى في إيران ضامنة لاستقرار المنطقة، وقد تجاهلت ما تقوم به إيران من خلال دعم الميليشيات الإرهابية في كل من اليمن وسوريا والعراق وغيرهن قطر فضلت اتخاذ موقف عدائي مع دول الخليج لحساب إيران ومخططاتها، هذه التناقضات على أكثر من صعيد يجب وضع حد لها".
وأكد جهاد أبوبيدر أنه من المهم التطرق إلى إنشاء قواعد عسكرية تركية وأيضًا أميركية لحمايتها من تدخلات الدول كما تدعي، وتوجهها إلى خارج المنظومة العربية من خلال علاقات تجارية مع دول جنوب شرق آسيا، كان من الأجدر التوجه إلى دول مجلس التعاون، علاوة على عدم احترام الاتفاقيات المبرمة بينها وبين دول مجلس التعاون.
إصرار على شق الصف العربي
أكد الخبير الاستراتيجي، د. أيمن أبورمان أن تغريد قطر خارج السرب وعدم احترام مواقف الدول الخليجية مؤشر سلبي ويبعث على القلق في الوقت ذاته، "فالدوحة دعمت إيران ولم تبد أي تعليق على تدخل إيران من خلال الحوثيين في اليمن، إضافة إلى انسحابها من التحالف العربي يؤكد دعمها بشكل خفي للتواجد الحوثي، فالملف الإيراني والمواقف الصادرة عن قطر بشأنه أكبر دليل على تضامنها مع إيران بأشكال متعددة.
وأضاف، "السياسيات القطرية التي تدعم الإرهاب مسؤولة بشكل مباشر عن ما آلت إليه الأمور في العديد من الدول، فالحكومة القطرية لم تراع التزاماتها تجاه إخوانها العرب، واستمرت في الإصرار على شق صفهم، من خلال إيواء ورعاية شخصيات داعمة للإرهاب، وأخيرًا موقفها من الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا".
أرسل تعليقك