كشف متهم روسي الجنسية، تم القبض عليه الشهر الماضي في الموصل، بلقائه بأمراء تابعين لتنظيم "داعش" المتطرف، بينهم المدعو أبو عمر الشيشاني، وبحث وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقوات التحالف الدولي لمحاربة "داعش" بيرت ماكغورك والوفد المرافق له سير العمليَّات العسكريَّة ضدّ التنظيم.
وتحدّث متهم روسي الجنسية تم القبض عليه الشهر الماضي في الموصل، من قبل قوات الرد السريع التابعة لقيادة الشرطة الاتحادية، عن تفاصيل مشاركته في العديد من المعارك ضد القوات العراقية، مؤكدًا تعرضه إلى إصابتين سابقتين في جزيرة الخالدية وقضاء بيجي، مشيرًا في الوقت ذاته إلى لقائه بأمراء بارزين تابعين لتنظيم "داعش"، منهم المدعو أبو عمر الشيشاني.
ويقول المتهم بول بول الموقوف على ذمة محكمة التحقيق المركزية في بغداد، إنه من عائلة مسلمة ويبلغ من العمر 28 عامًا، متابعًا أن "بداية حياتي لم تكن قريبة من التديّن، فقد كنت احتسي الخمر وارتكب الفواحش". وأضاف في حديث مع "المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى- JAMC"، "كنت أعمل في تشييد المباني داخل جامعة موسكو الحكومية، وهناك التقيت بمجموعة من العاملين، وهم من أوزبكستان ولاحظت عليهم قيام الصلاة في أوقاتها".
وأوضح أن "أكبر أفراد المجموعة علّمني الصلاة وقراءة القرآن، حتى أقلعت عن احتساء الخمر والسكائر، وبعد نحو عام تركت العمل في الجامعة وعدت إلى دياري لانخفاض الأجور". ولفت إلى أن "تواصلًا جديدًا حصل مع المجموعة الأوزبكية وكبيرها عبر موقع التواصل الاجتماعي التي تسمى باللغة الروسية أندو كلاجنيكي، وتعني بالعربية زملاء الصف الواحد". وأعلن بول بول بأن "مجموعة أخرى على الإنترنت انضممت إليها وتعرّفت في منشوراتها على عدد من الموضوعات، لاسيما خطورة المعاصي التي ارتكبتها عندما كنت منحرفًا".
ولفت إلى أن "عام 2013 شهد زواجي من فتاة قيرغستانية، وفي تلك المدة كنت أتابع أخبار المسلمين في بقاع الأرض وتحديدًا الأحداث السورية". وأكد بول بول أن "تفكيري بالخروج من دياري في اتجاه تركيا حصل في منتصف عام 2014، حيث أديت الامتحانات النهائية لدراسة الهندسة وحصلت على جواز سفر". وبحسب بول بول فأن "سجدة للشكر اديتها لوجه الله بمناسبة احتلال داعش للموصل، ووثقت أن التنظيم يمثل دار الخلافة الإسلامية، التي يتوجب على المسلمين الذهاب إليها". وأوضح قائلًا "محاولات بذلتها لإقناع زوجتي بالرحيل معي إلى سورية، لكنها أبلغتني بأن اسبقها على أمل اللحاق بيّ في وقت لاحق".
وواصل حديثه ، قائلًا "والديَّ لا يعرفان وقتها بعزمي الذهاب إلى معارك تنظيم داعش"، مضيفًا أن "مساعي خروجي من روسيا استمرت ستة اشهر، حتى قررت العزم بنحو نهائي في مطلع عام 2015". وتحدث بول بول عن "رسالة بعثت بها إلى مواقع التنظيم الإلكترونية عن الوسيلة التي يمكنني الذهاب بها إلى سورية، وجاءت الإجابة بأن أدخل إلى تركيا، لكن عليّ إبلاغهم بموعد حضوري ومكان تواجدي".
وزاد "ذهبت إلى موسكو واشتريت تذكرة سفر بـ (12) الف روبل، ما يعادل (400) دولار أميركي"، ويسترسل أن "وصولي إلى الأراضي التركية حصل في يوم 18 كانون الثاني/يناير 2015، وبحدود الساعة 12 ليلاً في مطار اتاتورك، الذي توجد في طابقه الثاني خدمة انترنت ساعدتني على الاتصال بمن طلبت الذهاب إليهم مسبقًا واعطوني عنوانًا وطلبوا مني الركوب في سيارة أجرة للوصول إليه".
وتابع أن "شخصًا كازخستانيًا، كان بانتظاري تبين أنه الذي كان يراسلني عبر الإنترنت، واخذني إلى شقته وبقينا فيها ثلاثة أيام، ومن بعدها سألني عن مقدار الأموال لدي فأخبرته بأنها لا تتجاوز 70 دولارًا، وطلب مني بيع هاتفي النقال وحصل ذلك لقاء مبلغ 120 ليرة تركية". وأورد بول بول أن "هذا الشخص قام بنقلي مع اخرين في سيارة باص إلى منطقة أورفة الحدودية ونزلنا وبقينا ننتظر 15 دقيقة، حتى جاءت عجلة أخرى وسائقها تركي الجنسية".
ونبه إلى أن السائق "أقلنا إلى أول أوكار داعش التي تم استقبالنا فيها داخل الأراضي السورية، يتواجد فيها مقاتلون من جنسيات مختلفة من بينها الأوروبية كفرنسيين والبان واتراك". وأضاف أن "طريقًا اخر سلكناه بشكل متقطع بعمق الأراضي السورية، ويتم نقلنا من عجلة إلى أخرى كلما وصلنا إلى نقطة تابعة للتنظيم". وأكد أن "أول المضافات التي استقبلتنا كانت في منطقة تل أبيض، بقينا فيها ثلاثة أيام بعد سحب جوازات سفرنا وعزل النساء عن الرجال".
وقال بول بول إن "توجيهات صدرت لمغادرة البعض منا إلى العراق، حيث انتقلنا أنا وشخص شيشاني وآخر من تترستان إلى الموصل، فيما اعتذر اثنان من جمهورية أنغوشيا مرافقتنا وتذرعوا برغبتهم البقاء مع أشخاص لديهم معرفة سابقة بهم في سورية، وأن دورة شرعية التحقت بها في الموصل، استمعت فيها إلى خطب شخص شيشاني عرفت بأنه جاء حديثًا من اليمن، لكنه قتل لاحقاً في معارك بيجي".
واستطرد أن "اميرًا من أذربيجان أخذ مني البيعة وخمسة من العناصر بعد إنجاز الدورة"، مبينًا أن "دورة تدريبية أخرى التحقت بها مع سبعين آخرين، في ملعب قيد الإنشاء داخل الموصل ايضاً". ويروي بول بول الذي بات يلقب بابي ياسمينة الروسي تفاصيل اليوم في المعسكر، بأنه "يبدأ عند الفجر ونؤدي الصلاة ومن بعدها نستمع إلى القران لمدة ساعة، ويقوم أمير سوري بإجراء التمارين لنا حتى الساعة الثامنة صباحاً". وتابع أن "وجبة للفطور تتهيأ لنا قبل أن نتحول إلى التمارين العسكرية بصحبة أمير عسكري من أوزبكستان".
ونوّه إلى أن "الدورة استمرت ثلاثين يومًا حتى جاءنا ثلاثة من الأمراء، وهم عراقيون وطلبوا منا أشخاصًا، يتحولون إلى انتحاريين فانضم عشرين شخصًا، وبقى 50 اخرين، وأنا من ضمنهم". وذكر أن "نيسان/أبريل من عام 2015 شهد اشتراكي بأول عمل عسكري في بيجي، فقد انتقلنا أنا ومقاتلين من أوزبكستان وطاجاكستان وداغستان وجنسيات أخرى، لغرض التعرض للقوات العراقية". وأورد أن "العملية تلكأت بعض الشيء لعدم وجود قوات كافية لدينا، فقد اطلعنا على انتشار القوات العراقية فوجدنا أنها كبيرة ما يستعدي وصول تعزيزات".
وأعلن أن "قواتنا استعدت وبدأت اشتباكًا في منتصف الليل، انتهى مع ساعات الصباح، أدى إلى مقتل وإصابة العديد من عناصرنا"، لافتًا إلى أن "هجومًا اخر كنا بصدد الاعداد له لكنه لم يحصل بسبب التقدم السريع للقوات العراقية". ويسترسل أن "أوامر صدرت باستبدال عناصر القوة التي كنت فيها ورجعت إلى الموصل وتقاضيت أول راتب شهري، تحت مسمى الكفالة وقدره 200 دولار، إضافة إلى 150 دولارًا تحصلت عليها مكافأة لجهودي". وأضاف أن "هاتفًا محمولًا اشتريته واتصلت بزوجتي لغرض الالتحاق بيّ في العراق لكنها رفضت، فيما طلبت والدتي مني العودة إلى روسيا".
ويواصل أبو ياسمينة الروسي أن "عمليات تعرضية كلفت بها ضد القوات العراقية في بيجي أسفرت أحدها عن إصابتي في ركبة ساقي الأيسر وكتفي الأيسر، وكدمات في وجهي نقلت على اثرها إلى عدد من المستشفيات التابعة للتنظيم كان اخرها في الجانب الأيسر من الموصل".
وذكر بول بول أن "التنظيم طلب مني العمل بعد الإصابة في شرطته العسكرية لمتابعة شكاوى الأمراء بحق العناصر". وأشار إلى "التحاقي بالمهام القتالية مرة أخرى في شباط/فبراير من العام الماضي ونفذت هجمات ضد القوات العراقية في جزيرة الخالدية، حتى تعرضت إلى إصابة جديدة بواسطة قذيفة هاون قتلت بعض الذين كانوا معي، فيما تركت لدي جروحًا في الكف والوجه". وأردف أبو ياسمينة أن "معالجتي حصلت في الموصل، وبقيت في الشرطة العسكرية شهرين قبل مزاولتي مجددًا المهام القتالية حتى جاءت المعركة الأخيرة، وتم القبض عليّ نتيجة لنفاد ذخيرتي خلال الشهر الماضي".
وأكمل بول بول بالقول أن "العديد من الأمراء التقيت بهم من جنسيات مختلفة، وكان أبرزهم المدعو أبو عمر الشيشاني، الذي قتل بواسطة قصف جوي في قضاء الشرقاط". وبحث وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقوات التحالف الدولي لمحاربة داعش بيرت ماكغورك والوفد المرافق له سير العمليَّات العسكريَّة، ضدّ تنظيم "داعش".
وقال الجعفري، إنَّ "العراقيـِّين يُواصِلون تضحياتهم لتحرير كامل أراضيهم من قبضة "داعش"، وأن ما تحقق من إنجازات كبيرة، وتطوُّر في الحرب ضدَّ الإرهاب، جاء بجُهُود أبطال العراق الذين بذلوا دماءهم دفاعًا عن بلدهم، ونيابة عن بلدان العالم أجمع، ولشُعُوب العالم الحقُّ في أن تفخر بما تحقق من انتصارات ضدّ الإرهاب". وأكد أن "العراق طالبَ في عام 2014 الأمم المتحدة، والمُجتمَع الدوليَّ بضرورة دعمه على ثلاثة مديات، الآنيِّ من خلال توفير الدعم الجوِّي، والتعاون الاستخباريِّ لمُواجَهة الإرهاب، والمُتوسِّط المتمثل بتوفير المُستلزَمات الضروريَّة للعوائل النازحة، والبعيد من خلال إعادة إعمار البني التحتية للعراق، في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم "داعش"، وأن العراق بحاجة لمشروع شبيه بمشروع مارشال، الذي ساهم ببناء ألمانيا بعد الحرب العالميَّة الثانية، ليُساهم في تحقيق الأمن، والاستقرار، وإعادة الإعمار، وتحقيق التنمية الاقتصاديَّة".
ودعا الجعفري إلى أن "يقف العالم كلـِّه بكلِّ احترام، وإنصاف لتضحيات الشعب العراقيِّ الذي قدَّم عددًا كبيرًا من أبنائه، وواجَهَ الإرهاب، وانتصر عليه، مُنوِّهًا، "حرب الإرهاب اليوم ليست حرب أراضي، أو مصالح سياسيَّة، واقتصاديَّة، وإنما هي حرب ضدّ الإنسان أينما كان، لافتًا إلى أنَّ تنظيم داعش لم تـُولـَد في العراق، ولكنها جاءت من الخارج، وعلى الجميع العمل، والتنسيق، لتخفيف الأزمات التي تشهدها المنطقة؛ لمنع نشوء جماعات إرهابيَّة جديدة". وأضاف أن "أي توتر في العلاقات الإقليمية من شأنه توفير مناخًا ملائمًا لعمل الإرهاب وزيادة فاعليته، وأننا ورغم رفضنا للتدخل التركيّ في الأراضي العراقية، لكننا تمسّكنا بالعلاقة معها وعلى مجلس الأمن، أن يضع هذه الحقيقة أمام عينيه، وهو ما أكدناه عام 2015 عام التغلغل التركي في بعشيقة، مؤكدًا حرص العراق على إقامة أفضل العلاقات بين الدول العربيّة عامة ودول الجوار الجغرافي، خاصة لما لها من أثر بالغ على نشر أجواء الأمن والاستقرار على المنطقة وعموم العالم".
وشدد وزير الخارجية على أنَّ "ميدان الحرب ضدّ تنظيم داعش كانت في ديالى، والأنبار، وصلاح الدين، والموصل إلا أنَّ أبناء العراق من كلِّ المحافظات، والمُدُن هبُّوا، للقضاء عليه، وحماية الأبرياء، وتحرير الأراضي، وأن اتفاقيَّة الإطار الاستراتيجيّ المُوقـَّعة بين بغداد وواشنطن، تتضمَّن العديد من مجالات التعاون، وتبادل المصالح المُشترَكة، ومُواجَهة المخاطر المُشترَكة، وعلينا أن نعمل على تفعيلها".
وبيـَّنَ المبعوث الخاصّ للرئيس الأميركيِّ دونالد ترامب، وقوات التحالف الدوليِّ لمُحارَبة داعش بالقول إن الشعب العراقيّ كان واعيًا، وتوحَّد لمُواجَهة الإرهاب، مُؤكـِّدًا سيتمُّ القضاء على "داعش" ، ويتجاوز العراق بوحدته هذه الأزمة، ويكون أكثر أمناً، واستقراراً، وان لا شيء اليوم يُقارَن بما حصل في العراق بعد دُخُول تنظيم داعش عام 2014″. واضاف بيرت ماكغورك المبعوث قائلاً "أواخر الشهر الجاري ستحتضن الولايات المتحدة الأميركيَّة اجتماعاً لوزراء خارجيَّة 65 دولة ضمن إطار التحالف الدوليِّ، لبحث مُستجدَّات الحرب، ومُواصَلة الجُهُود؛ للقضاء على الإرهاب، وسُبُل تعزيز التعاون في المرحلة المقبلة.
وأشارت إلى أنه زُار العديد من الدول قبل مجيئي للعراق، وكان الجميع مُندهِشًا لما تحقق في العراق من انتصارات، وتقدُّم في الحرب ضدّ تنظيم داعش مؤكدًا أنَّه لم يُسجِّل اهتمام دول العالم بالعراق كما تحقق بعد عام 2014 إذ تجمَّعت الدول لدعم العراق في حربه ضدّ الإرهاب، مُشدِّدًا ان من أولويَّات الإدارة الأميركيَّة القضاء على تظيم داعش، وذلك لن يتحقق إلا بالعمل والتعاون مع العراق".
أرسل تعليقك