نوافذ حل فيها الكرتون مكان الزجاج، قذارات في كل مكان والكثير من الضرب... هذه عينة من وضع السجناء القاصرين في سجن الاحداث الوحيد في بلغاريا والذين يقاسون ظروفا صعبة تلقى تنديدا من جمعيات حقوقية.
وقال انغيل البالغ 17 عاما "لقد تعرضت للضرب بعيد دخولي السجن. أمروني بالذهاب إلى الحمام، فهو بمثابة حلبة الملاكمة الخاصة بهم"، موضحا ان حراس السجن يستفيدون من غياب كاميرات المراقبة في الحمامات لارتكاب هذه المخالفات.
في المجموع، هم اثنان وستون مراهقا تراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة و الثامنة عشرة اودعوا في سجن الاحداث في بويتشينوفتسي في الريف البلغاري. ويبدو هذا الموقع في حال مزرية كأن شيئا لم يتغير فيه منذ الحقبة الشيوعية بحسب مشاهدات مراسلي وكالة فرانس برس.
وأضاف انغيل "اذا ما قلتم امرا سيئا عن السجن عبر الهاتف، الضابط يقطع الخط ويستدعيكم"، لافتا الى انه تحلى بالجرأة للتحدث عن حالته لأن محكومية الاشهر الثمانية التي يقضيها بتهمة "الاعتداء والسرقة" شارفت على نهايتها.
وبعدما بقي طويلا بمنأى عن الانظار، كان سجن بويتشينوفتسي موضوع تقرير صادر في 29 كانون الثاني/يناير عن لجنة الوقاية من التعذيب التابعة لمجلس اوروبا. وقد اعطى هذا التقرير مهلة ثلاثة اشهر لصوفيا كي تضع حدا للانتهاكات الممارسة في سجن الاحداث، ما دفع بوزارة العدل الى فتح تحقيق والقبول بفتح ابواب السجن امام الصحافيين.
وفي هذا التقرير، ابدت لجنة الوقاية من التعذيب "صدمتها ازاء الوضع" في سجن بويتشينوفتسي "حيث اشتكت اكثرية ساحقة من القاصرين الذين تم لقاؤهم من تعرضهم باستمرار للضرب من جانب طاقم المراقبة".
وفي اواسط كانون الاول/ديسمبر، اخطرت لجنة هلسنكي السلطات منددة ايضا بالتعنيف الجسدي المنهجي الممارس في السجن على الموقوفين بحال "تكلموا بصوت عال" او "دخنوا في قاعة مشاهدة التلفزيون" او "اساؤوا تنظيف" المكان.
وبحسب الخبيرة في هذه المنظمة غير الحكومية جينيا ايفانوفا فإن السجناء قالوا ان الحراس كانوا يضربونهم بأي غرض يقع بين ايديهم "من هراوات وعصي مكانس وعلاقات ملابس وانابيب بلاستيكية".
الا ان ميمي تسوتشيفا مديرة السجن منذ 11 عاما أكدت لوكالة فرانس برس أنها "لم تتلق شكاوى ملموسة عن اساءة معاملة".
وباستثناء انغيل، لم يبلغ اي معتقل اخر في سجن الاحداث صحافيي وكالة فرانس برس عن تعرضه للعنف، لكن تعذر التحدث مع اي منهم في غياب الحراس.
أما سيفالدين البالغ 20 عاما والذي سبق ان امضى خمس سنوات في سجن الاحداث عن جريمة يقول انها "خطيرة جدا وأسوأ ما يمكن ارتكابه"، فقال "لم اتعرض للضرب ولم ار الحراس يستخدمون الهراوات".
لكن بحسب ايفانوفا، السجناء يتعرضون للتهويل قبل الزيارات "اذ يقال لهم +لا تنسوا انكم باقون هنا ولن تخرجوا الا على الكرسي المتحرك+".
كذلك ندد مجلس اوروبا بالوضع السيء للزنازين الانفرادية "الباردة والمتداعية" مع "منصات خشبية بسيطة للنوم ودورات مياه قذرة ونتنة ولا توفر اي خصوصية".
واشتكى سجناء ايضا الى لجنة هلسنكي من أنهم كانوا ينامون بثياب السجن كما كانوا يرغمون على النوم مع سجناء اخرين في السرير نفسه سعيا للحصول على الدفءء.
وكانت اجهزة التدفئة تعمل خلال زيارة وكالة فرانس برس الى المكان، الا ان الزجاج المكسور على النوافذ استبدل بالكرتون. كما ان فتية كانوا يغسلون ملابسهم بالمياه المجلدة اذ ان المياه الساخنة لا تتوفر الا يومين اسبوعيا.
ولا تزال بلغاريا، افقر بلدان الاتحاد الاوروبي، تواجه صعوبات في اصلاح نظامها القضائي الذي يوصف بالمترهل والذي ينخره الفساد بعد ثماني سنوات على انضمامها للاتحاد. ويبدو ان سجن بويتشينوفتسي للاحداث نموذج عن هذا الوضع المتردي.
وقال احد حراس السجن امام مبنى هذا المعتقل المتداعي ان "شيئا لم يتغير في المكان منذ زمن الشيوعية".
كذلك فإن الاندماج الاجتماعي للاحداث المسجونين في هذا المكان يبدو صعبا اذ انه تم الغاء التدريب المهني منذ سنوات عدة كذلك فإن التعليم الدراسي دون المستوى المطلوب.
وتأسف ميمي تسوتشيفا لنقص الموارد في السجن لكنها تشدد على مستوى الحرمان الذي يعانيه الوسط الاجتماعي الذي يتحدر منه معظم السجناء وكثير منهم من غجر الروما.
وقالت "عندما يصلون الى هنا، اكثرية الفتية لا يعرفون القراءة ولا الكتابة. بعضهم لم يذهب يوما الى المدرسة"، مشيرة الى "اهمال كبير" من جانب عائلات السجناء.
أ ف ب
أرسل تعليقك