قنابل الحلوى  أفرحت أطفال برلين وأنقذت سكانها
آخر تحديث GMT18:19:39
 لبنان اليوم -

"قنابل الحلوى" أفرحت أطفال برلين وأنقذت سكانها

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "قنابل الحلوى"  أفرحت أطفال برلين وأنقذت سكانها

برلين - العرب اليوم

لا يوجد طفل عايش الحصار السوفيتي لغرب برلين لا يعرف الطيار هالفورسين، الذي ألقى من طائرته بالحلوى والشوكولاته للأطفال، الأمر الذي تحول سريعا إلى مبادرة إنسانية تمثلت في جسر جوي تاريخي لإنقاذ سكان شطر المدينة المحاصر. برلين صيف عام 1948، الطيار الشاب غايل س. هالفورسين يمر من إحدى مدرجات مطار تيمبلهوف. وخلف الأسوار الشائكة حول المطار يقف نحو ثلاثين طفلا، يسألونه "هلّك أن تعطينا شكولاته؟!". إنهم لا يتسولون ولكنهم يطلبون الشوكولاته فقط، كما يؤكد الطيار في روايته للأحداث. "قطعتان لثلاثين طفلا؟!. لقد قمت بقطعها إلى أربعة أجزاء ووزعتها عليهم. وللمفاجأة، لم تحدث أية مشادة بين الأطفال بسبب الشوكولاته". ويستدرك الجندي الأمريكي أن هناك من أخذ يشم بسعادة رائحة الورق الذي لفت فيه الشوكولاته، وأخذه معه إلى البيت. وأشار الطيار "حينها أدركت أنه عليّ القيام بالمزيد". حصار سوفييتي خانق عمّ التوتر في تلك الفترة برلين المنقسمة، بعد أن ضربت القوات السوفيتية حصارا خانقا على شطرها الغربي، لإجبار دول التحالف على الخروج من المدينة. ومنعت جميع الآليات من دخول المنطقة بما فيها السفن، والسيارات والقطارات إلى غير ذلك. فوجد 2,2 مليون شخص أنفسهم من دون طعام ولا وقود. في المقابل، رفضت الدول الغربية "دول التحالف" التخلي عن سكان الشطر الغربي من المدينة، فأسست جسرا جويا لنقل المساعدات الإنسانية. وهو ما يعتبر إلى اليوم أكبر عملية إغاثة شهدها العالم على الإطلاق. يوميا، كانت مئات الطائرات الأمريكية والبريطانية تحمل مساعدات إنسانية إلى مطار تمبلهوف. وقد دخلت تلك الطائرات إلى سجل التاريخ بوصفها، "قنابل الحلوى"، في إشارة إلى الشوكولاته والحلويات التي كانت تحملها وتلقيها على سماء برلين. قاذف "قنابل الحلوى" استغرقت مهمة الطيار غيل هالفورسون، الذي يبلغ حاليا 95 عاما، إلى مايو 1949. لقاءه بالأطفال في ذلك اليوم دفع به إلى تقديم وعد لهم بأنه سيحضر الشوكولاته في اليوم الموالي. وقبل أن ينزل بطائرته، يرقص بجناحيها لكي يتعرفوا عليه وعلى طائرته. بعد ذلك جمع كل قطع الشوكولاته التي كانت بحوزة زملاءه، وذهب بها إلى الأطفال الذين كانوا في الـ18 من حزيران/ يونيو من عام 1948 على الموعد. ربط  الطيار  قطع الشوكولاته في مظلات صغيرة ورماها من داخل أسطوانة باتجاه الصغار الذين ركضوا فرحين لالتقاطها. من مبادرة فردية إلى حملة إنسانية ومنذ ذلك اليوم أطلق الأطفال على الطيار الأمريكي لقب "العم صاحب الأجنحة المائلة"، فيما تحول رمي "قنابل الحلوى" إلى عمل روتيني. وسرعان ما علمت الصحافة بالخبر. فالتقط أحد الصحفيين صورا، ظهر في إحداها رقم طائرة هالفورسون. ونشر تقرير مفصل حول الموضوع، ما دفع برئيس الطيار في القوات الجوية إلى استدعاه. هالفورسون اعتقد أن الأمر قد انكشف وأنه لن يسلم من العواقب، غير أن  رئيسه أثنى على فكرته، وهو ما فتح الباب لأن تتحول مبادرته إلى حملة يقودها الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية لجمع المال لشراء الشوكولاته لأقرانهم البرلينيين. فيما انضم طيارون آخرون إلى مبادرة هالفورسين لحمل الشوكولاته ورميها من سماء برلين. وإلى أن رفع الحصار عن غرب برلين بلغ حجم الشوكولاته التي تم رميها فوق برلين 22 طنا. كانت تراوته غرير آنذاك في سن 14، وكانت تسكن في حي نويكولن. وتقول إنه "عندما كان هالفورسون يحلق فوقنا بطائرته ويرمي شوكولاته من ماركة هيرشي، كان الأطفال يركضون باتجاهه". لم تحصل تراوته للأسف إلا على قطعة واحدة، ورغم ذلك، فهي لا تأسف على نصيبها وإنما هي تشعر بامتنان كبير للطيار الأمريكي وتفكر فيه دائما. لقد كان الجسر الجوي مجهودا لوجيستيا كبيرا وسلوكا إنسانيا نبيلا. "في البداية كنا نطير ليل نهار"، كما أوضح ذلك هالفورسون. وهي مهمة كانت محفوفة بالمخاطر، فلقد لقي 78 شخصا مصرعهم بفعل ارتطام الطائرات، إذ أن دقائق معدودة فقط، هي التي كانت تفصل بين موعد إقلاع الطائرات البريطانية والأمريكية. رغم ذلك يجب التأكيد على أن ذلك الجسر الجوي كان عملا ناجحا بامتياز، حسب الطيار. وفي 12 مايو من عام 1949، قرر الاتحاد السوفيتي فك الحصار عن الشطر الغربي الذي نجا من هيمنة السوفييت. أعداء الأمس أصدقاء اليوم ومن ميزات الجسر الجوي، أنه قوى العلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا اللتان كانت وحتى قبل وقت وجيز في حالة حرب. لقد أنعكس ذلك العمل الإنساني على علاقات البلدين إلى غاية اليوم. تراوته لخصت الوضع بالقول "تحول أعداء الأمس إلى أصدقاء، والدور الذي قام به هالفورسون بات يرمز لعلاقة الصداقة تلك". وحين ألقى الرئيس الأمريكي براك أوباما كلمة عام 2013 أمام بوابة براندنبورغ في العاصمة الألمانية، أشار إلى العقيد هالفورسون بالاسم، وقال "لنا الشرف أن العقيد هالفورسون شاركنا الحضور اليوم". وفي عام 1974 منح هالفورسون أعلى وسام شرفي لجمهورية ألمانيا الاتحادية. وفي عام 2013 تم تسمية مدرسة إعدادية في برلين باسم "قنابل الحلوى"، تكريما لهالفورسون. وقد شارك العجوز في حفل الافتتاح. إن لقاءه بالأطفال أمام الأسوار الشائكة لمطار تيمبلهوف، كانت لحظة مفصلية في  حياة هالفورسون، الذي لم يكتف بالبحث عن السعادة لنفسه فقط وإنما عمل على أن يشعر بها آخرون أيضا. خدمة DW

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قنابل الحلوى  أفرحت أطفال برلين وأنقذت سكانها قنابل الحلوى  أفرحت أطفال برلين وأنقذت سكانها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon