فلاديمير بوتين القيصر الآتي من داخل النظام الشيوعي يحنُّ إلى هيبة السوفيات ونفوذهم
آخر تحديث GMT18:19:39
 لبنان اليوم -

فلاديمير بوتين القيصر الآتي من داخل النظام الشيوعي يحنُّ إلى هيبة السوفيات ونفوذهم

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - فلاديمير بوتين القيصر الآتي من داخل النظام الشيوعي يحنُّ إلى هيبة السوفيات ونفوذهم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
موسكو - ريتا مهنا

"من لا يشعر بالحنين إلى الاتحاد السوفياتي لا فؤاد له، ومن يريد العودة إليه لا عقل له". ليس أبلغ من هذا القول المنسوب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقراءة المشروع السياسي الذي يحمله لروسيا الجديدة. القيصر الآتي من عمق النظام الشيوعي يحن إلى هيبة السوفيات ونفوذهم داخلياً وإقليمياً ودولياً، لكنه يحلم باستعادة هذه الهيبة بإحياء مجد الإمبراطورية التي من رحم بذخها وتمادي إقطاعيتها وقسوة مظالمها انبثقت "ثورة أكتوبر" التي ينقضي اليوم مئة عام على قيامها، وعلى أنقاضها تأسس النظام البولشيفي الذي ما لبث أن غير وجه العالم، فشطره معسكرين متناحرين على مدى خمسة عقود قبل أن يحتضر منحلاً في ماء الطوباوية العصية على الطبيعة البشرية.

من سان بطرسبورغ التي أسسها بطرس الأكبر مطلع القرن الثامن عشر لتكون عاصمة الإمبراطورية و نافذة روسيا على الغرب، انطلق قطار بوتين السياسي عندما تولى رئاسة بلديتها وعزم على دخول الكرملين لاسترجاع بريقها الغابر يختزل فيه رؤيته لروسيا الحديثة. ومن هنا أيضاً انطلقت الثورة على أسنة الجوع ونقمة العمال والفلاحين وتمرد العسكر المتساقط بمئات الآلاف على جبهات الحرب العالمية الأولى.

لكن الكرملين ليس في وارد الاحتفال بمئوية الثورة التي كانت مفصلاً في تاريخ روسيا والعالم. يبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين تؤذيه فكرة الثورة، ولا يرتاح لرؤية مواطنيه يهزجون ويرقصون في الشوارع احتفالاً بإسقاط الحكام، فضلاً عن أن أحداث عام 1917 تشوه نظرة إلى التاريخ الروسي على أنه مسيرة طويلة وموحدة على طريق العظمة. أما التفسير الرسمي المقتضب لعدم الاحتفال بذكرى الثورة، فمفاده "أن روسيا ما زالت منقسمة بفعل تداعيات تلك الأحداث الأليمة، ومن الأنسب تحاشي تعميق الانقسام".

من العلائم، أن الدوائر القريبة من بوتين تعتبر الثورة إجهاضاً لتطور روسيا الكبرى داخل الإطار الأوروبي، فيما يرى كثيرون أن الماضي السوفياتي كان أفضل مراحل حياتهم. ويشدد مستشارو الرئيس الروسي على أنه يجهد لتوحيد الرؤية المستقبلية بين أطياف متباعدة جداً من حيث تصورها صيغة النظام، وأن مثل هذه الاحتفالات من شأنها زيادة التصدع الداخلي في مرحلة دولية حرجه. لكن يرى آخرون، مثل المؤرخ نيكيتا سوكولوف، "أن الدولة لا يمكن أن تحتفل بأحداث عام 1917، لأن الدافع الأساسي لما حصل في تلك الفترة كان التوق إلى العدالة الاجتماعية. وليس بإمكان روسيا اليوم أن تحتفل بتلك الانتفاضة العارمة في هذه الأجواء من التباينات المعيشية والاقتصادية الحادة".

ولا شك في أن بوتين يدرك أن ما حصل في 1917 كان ثورة شعبية عفوية أعقبها انقلاب على الثورة أدى إلى قيام أول دولة شيوعية في التاريخ. في أواخر شباط (فبراير) من ذلك العام تدفقت جموع الناقمين كالأنهر في شوارع سان بطرسبورغ وما لبث أن انضم إليها عشرات الآلاف من الجنود المتمردين على أوامر القيادة بإطلاق النار على المتظاهرين، فسقط القيصر نقولا الثاني وتشكلت حكومة موقتة أجرت إصلاحات ليبرالية وأعلنت موعداً لانتخابات اشتراعية عامة.

لكن بعد ثمانية أشهر شكل "البولشفيك" مجالس العمال بقيادة لينين، الذي كانت ألمانيا سمحت بعودته إلى روسيا في نيسان/أبريل 1917، بانقلاب على الحكومة الموقتة وأعلنوا الدولة الشيوعية التي لم يترسخ نفوذها إلا بعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية استغلها لينين لتصفية أعدائه داخل الحركة الثورية.

ليس مستغرباً أن يحرص بوتين على صون هيبة الدولة ويسخّر ما يلزم لتوطيد سطوتها، فهو يعرف أن ذلك الانفجار الاجتماعي الضخم الذي وقع قبل مئة عام ما كان ليحصل لو لم تتداعَ هالة الإمبراطورية في الداخل والخارج. الجيش مهزوم وضعيف بعد الحرب مع اليابان في عام 1905، ومتراجع في الحرب العالمية الأولى على كل الجبهات، القيصر عاجز في بلاط واقع تحت سطوة راسبوتين، فيما تحوم الشبهات حول تواطؤ الإمبراطورة مع ألمانيا.

من هذه العبر التاريخية يستخلص «القيصر الجديد» معالم سياسته: توطيد الأجهزة الأمنية والإدارية ومدها بما يلزم من موارد لفرض هيبة الدولة، وعدم التورع عن استخدام أي وسائل لتحجيم المعارضة وضبط المنازعات الاحتجاجية، واستعادة النفوذ إقليمياً ودولياً بخطوات انتقائية تحقق مكاسب سريعة، مع تحاشي الصدامات الواسعة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلاديمير بوتين القيصر الآتي من داخل النظام الشيوعي يحنُّ إلى هيبة السوفيات ونفوذهم فلاديمير بوتين القيصر الآتي من داخل النظام الشيوعي يحنُّ إلى هيبة السوفيات ونفوذهم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان

GMT 15:41 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الهيئة الملكية لمحافظة العلا تدشن رسمياً إذاعة "العلا FM"

GMT 19:58 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

كارينيو يتخطى الانتقادات ويحصل على لقب الأفضل

GMT 17:21 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

انتهاء تصوير فيلم "دفع رباعي" استعدادًا لعرضه منتصف العام

GMT 03:27 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

سمية الخشاب بلوك مميز في أحدث جلسة تصوير

GMT 14:28 2020 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

أوجعتنا الحرب يا صديقي !

GMT 18:26 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الحكم بسجن لوكاس هيرنانديز 6 أشهر بسبب "ضرب" زوجته
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon