دفع تراكم الديون لبنانيا إلى الانتحار بعدما وجد نفسه عاجزا عن تسديدها وتوفير احتياجات أسرته، في خضم أزمة سياسية واقتصادية خانقة في البلاد، فيما سادت حالة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة 30 بالمئة في صفوف الشباب، ويهدد الانهيار الاقتصادي الحالي بارتفاع هذين المعدلين، وفق البنك الدولي، في غياب حكومة للبلاد منذ استقالة سعد الحريري تحت ضغط الشارع الشهر الماضي.
وأقدم ناجي الفليطي (40 عاماً) وهو أب لطفلين على شنق نفسه، الأحد، في بلدة عرسال شرقي البلاد، قرب الحدود السورية، وفق ما روى ابن عمه حسين لوكالة "فرانس برس"، موضحا أنه لم يقو على توفير تكاليف علاج زوجته المصابة بالسرطان أو تسديد فواتير للمحال التجارية ناهزت قيمتها 460 دولار.
وعلى غرار العديد من سكان البلدة، التي تعرف بمقالع الحجارة المستخدمة في البناء، وجد ناجي نفسه بلا عمل منذ أكثر من شهرين، مع تعثر قطاع البناء من جراء التدهور الاقتصادي وإحجام اللبنانيين عن شراء الشقق السكنية بعد توقف مؤسسة عامة عن تقديم قروض مدعومة لذوي الدخل المتوسط والمحدود.
ويقول حسين، الذي اضطر كذلك إلى إغلاق معمل حجارة يملكه من جراء الأزمة، إن ابن عمه ذهب "ضحية الوضع الاقتصادي في البلاد".
وأثار انتحار ناجي تعاطفا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، محملين السلطة المسؤولية.
وكتب النائب السابق، غسان مخيبر، على تويتر: "لعنات الله على منظومة دولة فاسدة، صار فيها المحظور بأن انتحر والد شاب مدفوع من الفقر والذل"، مضيفا "غضبنا كلنا كبير بقدر عزمنا على تغيير هذه الدولة الفاسدة القاتلة".
واعتبر الناشط، ضومط القزي دريبي، في تغريدة أن "ناجي الفليطي مواطن من عرسال، ضحية هذا النظام، ضحية الأحزاب الحاكمة، ضحية سياساتهم المالية والنقدية".
وتعد الأزمة الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية، عدا عن تداعيات الانقسام السياسي الذي فاقمه النزاع في سوريا المجاورة منذ عام 2011 على اقتصاد يعتمد أساسا على الخدمات والسياحة.
وارتفع الدين العام إلى 86 مليار دولار، ما يعادل 150 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.
ومنذ 17 أكتوبر، تظاهر مئات آلاف اللبنانيين الناقمين على أداء السلطة، مطالبين برحيلها، في ظل ارتفاع كلفة المعيشة وتقلص فرص العمل.
وليست هذه المرة الأولى التي تقع فيها حوادث مماثلة، إذ أقدم لبناني في منطقة الكورة شمالاً في شهر فبراير الماضي على حرق نفسه داخل باحة مدرسة، لعجزه عن دفع تكاليف تعليم ابنته، كما عمد أشخاص عديدون إلى محاولة حرق أنفسهم نتيجة تراكم ديونهم وعدم قدرتهم على توفير احتياجاتهم.
قد يهمك أيضاَ
قصة الرحلة الكارثية التي غيرت نيوزيلندا والطيران المدني منذ 40 عاما
جدل لبناني بعد الطرح "الملتبس" لإسم محمد الصفدي لرئاسة الحكومة وانسحابه
أرسل تعليقك