في خطوة مفاجئة٬ اثارت غضب الكثيرين في المجتمع المسيحي في العراق خاصة الذين يعتمدون على تجارة المشروبات الروحية٬ أقر مجلس النواب قانونا يحظر استيراد أو إنتاج أو بيع المشروبات الكحولية، فيما اكد خبراء مختصون في الشأن الاقتصادي، ان قرار منع الخمور يساهم في توفير اكثر من مليار دولار من العملة الصعبة.
وقال الخبراء في حديث لـ"العرب اليوم"، ان " تقارير تشير الى ان استيراد العراق من الخمور من دول اوروبية ودوّل آسيوية بلغ عام ٢٠١٥ ما يقارب ٨٠٠ مليون دولار." واضافوا انه " يوجد خمور تدخل الى العراق عن طريق التهريب وتبلغ القيمة التقديرية في السنة الى اكثر من ٣٠٠ مليون دولار ".
وأكد الخبير الاقتصادي زين الحمداني، ان" نسبة استهلاك الخمور المستوردة من قبل العراق تصل الى مليارين دولار في نهاية عام ٢٠١٨ وان نصف استيراد الخمور يعود الى اكبر مستورد هو دَاوُدَ شليمون وهو من اكبر المستوردين من دول أوروبا". وبين الحمداني ان من "يفرض القانون٬ الذي صدر في وقت متأخر من ليلة السبت٬ غرامة تصل إلى 25 مليون دينار عراقي٬ اي ما يعادل 21٬000$٬ على كل من ينتهك الحظر".
واقر البرلمان العراقي، فقرة تحضر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها وذلك لدى التصويت على التصويت على مشروع قانون واردات البلديات.
ويأتي هذا القرار المفاجئ متزامنا مع تحرير مدينة بعشيقة واحد من اكبر المدن المشهورة بصناعة المشروب في العراق، الامر الذي اثار سخط بعض المراقبين ، مؤكدين ان ازدهار البلاد غير مرتبط بالخمور وان هذا القرار سوف يساهم في خروج مافيات مختصة بتهريب المشروبات من الخارج بطرق مشبوهة.
وتهيمن على البرلمان الاحزاب الاسلامية الشيعية، وكان اعلن على قرار الحظر على موقعه على الانترنت٬ ولكنه لم يذكر كم كان عدد النواب الذين صوتوا لصالح أو ضد ذلك".
وقال النائب المسيحي جوزيف صليوة٬ ان "قرار الحظر الظالمُ مرر في مسودة مشروع قانون ينظم دخل السلطات المحلية دون إخطار المشرعين". واضاف ان "المادة الأصلية دعت فقط لفرض ضرائب على محال بيع المشروبات الكحولية والمطاعم التي تقدم الخمور".
وتابع "هذا الحظر غير دستوري٬ إذ يقر الدستور حقوق الأقليات غير المسلمة والجماعات العرقية التي تعيش جنبا إلى جنب مع المسلمين في العراق٬ لأولئك المشرعين المسلمين أقول: انتبهوا لدينكم واتركوا لنا ديننا٬ نحن نعرف كيفية التعامل معه".
وأضاف ان "بعض النواب قدموا طعنا أمام المحكمة الاتحادية العليا". وأشارت الى ان النائب محمود الحسن٬ القاضي والنائب عن ائتلاف دولة القانون٬( أكبر كتلة في البرلمان) اقترح مشروع قانون الحظر٬ مصراً على أنه يتماشى مع المادة 2 في الدستور٬ والتي تنص على حظر أي تشريع يخالف الإسلام.
واضاف ان "الدستور يحافظ على الديمقراطية وحقوق الجماعات غير المسلمة٬ ولكن يجب ان لا تنتهك تلك الحقوق دين الإسلام"٬ مضيفا "وكان تصويت بعض النواب من الدافع دينيا٬ ولكن العديد منهم صوتوا لتجنب أي شيء غير دستوري".
وأكد النائب عن ائتلاف العراق مهدي الحافظ، أن المادة التي منعت بموجب قانون إيرادات البلديات بيع واستيراد الخمور تضر بالاقتصاد العراقي وتنافي مبادئ الدستور العراقي. وقال الحافظ في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب، اليوم، إن "منع بيع واستيراد الخمور منافيا لمبادئ الدستور العراقي وبالتالي فانه سيضر بالاقتصاد العراقي". وأضاف، أن "المستثمر سيزيد من مخاوفه في استغلال الاستثمار في العراقي نتيجة القوانين التي تتعارض مع مواثيق واحكام دولية كان العراق قد وقع عليها تهتم بحقوق الانسان والحريات الاساسية".
وطالب الحافظ، المحكمة الاتحادية، بـ"أن تتعامل مع القانون على انه مضر بمبادئ الدستور والمصلحة العليا لحقوق الانسان العراقي، الذي نصت عليه المادة الثانية والمواد الخاص في بابا الحريات الاساسية منه".
وياتي قانون المنع تزامنا مع شن العراق عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل الشمالية من تنظيم داعش في العراق وسورية٬ التنظيم الذي يفرض بوحشية حظر على المشروبات الكحولية والسجائر وغيرها من المخدرات في الأراضي الخاضعة لسيطرته".
وناقش العراقيون قرار حظر الكحول في وسائل الاعلام الاجتماعية٬ مع انتقاد الكثيرين للبرلمانيين لتجاهل المخاوف الأكثر إلحاحا٬ مثل الحرب ضد داعش٬ والأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط٬ والفساد في الحكومة نفسها".
ونشرت الرسوم المتحركة على الانترنت٬ احدها يظهر رجالا يديرون ظهورهم عن الموصل٬ ويطلقون النار على زجاجة من الخمر٬ وأعرب آخرون عن تأييدهم للحظر وأشادوا بالبرلمان لمواءمة قوانين البلاد مع التعاليم الإسلامية".
مدونون عبر التواصل الاجتماعي يهاجمون النائب محمود الحسن ويسخرون من تهنئته للمراجع مذكرين بتوزيعه واحتياله بطريقة توزيع سندات تمليك لساكني العشوائيات”..!!
فيما سخر الالاف من المدونين عبر شبكة التواصل الاجتماعي من تصريحات اطلقها اعضاء في مجلس النواب العراقي يوم امس السبت عقب اقرار البرلمان العراقي لقانون يمنع فيه استيراد وتجارة وبيع المشروبات الكحولية.
وكتب منصور الناصر في صفحته عن اقرار قانون منع الخمور قائلا صدور قرار منع الخمور "البرلماني" يكشف حقائق عديدة منها: أولا: أنه ليس قرارا مفاجئا إلا في توقيته غير المناسب (ومتى كان لدينا وقت مناسب؟) ، لكن الحقيقة أنه صدر في يوم انعقاد مؤتمر للصحوة الاسلامية، وهو مشروع بدأ قبل نحو قرن ونصف وانتج أحزاب الإسلام السياسي الأخوانية والسلفية ومشتقاتها القاعدة وداعش والنصرة سنيا، والدعوة وولاية الفقيه ومشتقاتهما، شيعيا.
ثانيًا: توجيه الاتهام الى محمود الحسن، وتفريغ الغضب كله فيه، جزء من اللعبة، ويكاد ينفتق بطن سيده على ما نفعل من الضحك، خاصة وانه من المطالبين بتطبيق "المشروع الإسلامي" علنًا، وصرح بذلك مؤخرا، دون أن يلفت أنظار أو احتجاج أحد!
وستلاحظون ان كبار "الحيتان"سوف يتحاشون التعليق على القانون بأي شكل، ولفترة طويلة، لكي تستمر عملية صرف الأنظار عنهم، والتي يشترك فيها، وللمفارقة، المحتجون انفسهم!.
أرسل تعليقك