حمام السمرة أقدم الحمامات العثمانيّة في قطاع غزة
آخر تحديث GMT20:10:35
 لبنان اليوم -

"حمام السمرة" أقدم الحمامات العثمانيّة في قطاع غزة

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "حمام السمرة" أقدم الحمامات العثمانيّة في قطاع غزة

غزة – محمد حبيب

يعتبر "حمام السمرة" الأثري، الذي يقع في حي الزيتون شرق مدينة غزة، أحد النماذج الرائعة للحمامات العثمانية في فلسطين، والذي تأسس منذ حوالي 1000 عام، ويرتاده الغزيون إلى يومنا هذا، بغية الراحة وتهدئة الأعصاب والعلاج من أوجاع العظام والبرودة، حيث يتمتع بلاط الحمام بتنوع درجات الحرارة، التي تساعد في علاج العظام، والعديد من الأمراض والآلام. ويرتاد الحمام العرسان قبل موعد زفافهم، سواء العريس أو العروسة، حيث يتم ذهابهم للحمام، وتكييسهم، وعمل اللازم لهم، حتى يخرجوا في أبهى حلة. و"حمام السمرة" هو الحمام العام الوحيد الباقي في مدينة غزة، حيث روعي في تخطيطه الانتقال التدريجي من الغرفة الساخنة إلى الغرفة الدافئة إلى الغرفة الباردة، والتي سقفت بقبة ذات فتحات مستديرة، معشقة بالزجاج الملون، يسمح لأشعة الشمس من النفاذ، لإضاءة القاعة بضوء طبيعي، يضفي على المكان رونقاً وجمالاً، فضلاً عن الأرضية الجميلة، التي رصفت بمداور رخامية ومربعات ومثلثات ذات ألوان متنوعة، وقد رمم الحمام أخيرًا وأصبح أكثر جمالاً وروعة. ويوضح الشاب نضال الشامي أنه "يزور الحمام بشكل دوري، أنا وأصدقائي وأفراد عائلتي، وكثيراً ما يشعرني الحمام بالراحة وهدوء الأعصاب، فرونق المكان وتصاميمه الرائعة تخرجك من الهموم والمشاكل اليومية، إلى صفحات التاريخ والماضي الجميل". ويتابع الشامي "كثيراً ما أشعر بالآلام في ظهري ومفاصلي، بسبب الأعمال والمتاعب اليومية، لاسيما أني أعمل كمهندس صيانة للحاسوب، في أحد البنوك، وهو ما يجعلني أقف لساعات طويلة يومياً، وفور اغتسالي بمياهه الحارة، أشعر بالشفاء الفوري". بينما يقول الحاج أبو عماد الأفرنجي (75 عاماً)، وهو أحد زوار الحمام الدائمين، "منذ أربعين عاماً وأنا أواصل زيارتي لحمام السمرة، ولا يغنيني حمام المنزل عن هذا المكان الرائع، فلا أحد يستطيع أن يصمم مكاناً عظيماً كهذا المكان، الذي صممه أجدادنا القدماء". ويروي صاحب "حمام السمرة" سليم الوزير القصة التاريخية للحمام، الذي يقدر عمره بنحو ألف عام، وجرى ترميمه للمرة الأولى في عهد المماليك عام 685 هجرية، على يد الملك سنجر بن عبد الله، وهو أحد مماليك مصر، وآلت ملكيته فيما بعد إلى آل رضوان، قبل أن تستقر ملكيته لعائلة الوزير، وهي من أعرق العائلات في غزة. وبعد المرور من الدهليز الضيق القصير، تصل إلى الحمام الذي يتألف من ثلاثة أجزاء، وهي "المشلح" عبارة عن غرفة صغيرة لخلع الملابس، قبل أن تصل إلى غرفة واسعة هي بمثابة بيت الحرارة، لقربها من بيت التسخين، وهي غرفة مشبعة بالبخار والحرارة العالية أيضًا، وداخلها مغطس مياه ساخنة, والجزء الثالث هو القاعة الرئيسة، وتضم إيوانين، الأول تغلب المطرزات التراثية الفلسطينية على أوسدته وأسرته، ويستخدم كاستراحة خارجية للمستحمين، بعد الانتهاء من الاستحمام، أما الإيوان الثاني فتم تحويله إلى كافيتريا للنزلاء، تصطف على جانبيه أباريق الفخار القديمة. ويوجد داخل الحمام حجر رخامي منقوش عليه، وفي السقف قبة ذات فتحات مستديرة، معشقة بالزجاج الملون، يسمح لأشعة الشمس من النفاذ لإضاءة القاعة بضوء طبيعي, إضافة إلى الأرضية الجميلة، التي رصفت بمداور رخامية، ومربعات ومثلثات، ذات ألوان متنوعة. وأكّد الوزير زيادة إقبال الزبائن والراغبين على الحمام، نتيجة لزيادة الوعي لدى الأفراد، وتجربتهم للحمام، ومعرفتهم لفوائد الحمام، التي لا تعد ولا تحصى، فالحمام بداية نظافة وطهارة، كذلك استجمام، وأيضًا منه علاج طبيعي، فهو يعالج جميع أنواع الروماتيزم، والبرد، وأيضًا يساعد في علاج العقم عند الرجال والنساء، ويعمل على تنشيط الدورة الدموية، وعلاج تقلص العضلات، وكثير من الأمراض الأخرى. وأشار الوزير إلى أن "الحمام يعتبر متنفس لكثير من الناس، ونوع من التغيير والتجديد في الحياة"، مضيفاً أنه "بعد الخروج من الحمام تشعر براحة نفسية كبيرة، ومتعة لا توصف، حيث يشعر الإنسان كأنه ولد من جديد بعد خروجه من الحمام". وأوضح الوزير أن "العمل في الحمام ينقسم إلى ثلاث فترات، وهي فترة صباحية للرجال، وفترة مسائية للنساء، ثم فترة أخرى ليلية للرجال، والعمل قائم في الحمام على نظام اخدم نفسك بنفسك، إلا من يحتاج لشخص ليساعده على الحمام والتكيس وغير ذلك من الأمور، وهذا النظام في العمل حتى يشعر الفرد براحة تامة، وكأنه في بيته". ويبذل الوزير قصارى جهده للمحافظة على جمال ورونق الحمام كما هو، حتى يبقي مَعلِمًا تاريخيًا وأثريًا, فيما تشرف وزارة السياحة والآثار عليه من فترة لأخرى، بغية ضمان بقائه في حلته وهيئته التاريخية والأثرية. ولفت الوزير إلى أن "طلاب قسم الهندسة في الجامعة الإسلامية في غزة أنجزوا في العام 2000 دراسة لترميم الآثار، وعملوا على ترميم جزء من الحمام، أما باقي الترميم يكون على النفقة الخاصة لأصحاب الحمام، فيدفع مبالغ طائلة لترميمه، حتى يبقى محافظًا عليه". ويوضح المؤرخ المختص في علم الآثار والمواقع الأثرية سليم المبيض بشأن تسمية الحمام باسم "حمام السمرة"، أن "الناس في غزة اعتادوا علي لقب حمام السمرة بفتح السين، ولكن أصل التسمية بضم السين والميم (السُمُرة)، نسبة إلى سامراء والسامرين من اليهود، حيث قديمًا كان يأنف المسلمون من العمل في الحمام، من تغسيل وتدليك الناس، بينما كان يهود سامراء لا مانع لديهم من العمل في ذلك الحمام، فسمي الحمام نسبة لهم ليس لملكيتهم له، ولكن لكونهم كان يعملون داخله, ولكن في الوقت الراهن تجد الناس سهولة في لفظه بحمام السَمرة، كما هو متداول بين الجميع". وعن أسباب تشييد الحمامات العامة في الحقب التاريخية المختلفة، يبيّن المبيض أن "إنشاء حمام السمرة أو الحمامات الأخرى في الفترة العربية والإسلامية كان مصدرًا لثراء العديد من القادرين والأغنياء، سواء أكانوا من الأمراء أو السلاطين، الذين بادروا جميعًا في بنائها، لما تدره من دخل وأموال وفيرة, لذا تنوعت في حجمها المعماري, فمنها ما كان صغيرًا ومنها المتسع الرحب"، وأشار إلى أنها "كانت جميعًا تبني بالحجر الرخامي، الذي يقاوم رطوبة الماء المستمرة". وعلى الرغم من صغر مساحة "حمام السمرة" وبساطته، إلا أنه يأخذك إلي عالم آخر في الزمن القديم، ولذلك يحرص كثير من الناس على زيارته، واستخدامه بين الحين والآخر، رغم انتشار الحمامات الحديثة في النوادي ومراكز الألعاب الرياضية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حمام السمرة أقدم الحمامات العثمانيّة في قطاع غزة حمام السمرة أقدم الحمامات العثمانيّة في قطاع غزة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 22:52 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

"فولكسفاغن" تبحث عن "جاسوس" داخل الشركة

GMT 10:32 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

جرعة أمل من مهرجانات بعلبك “SHINE ON LEBANON”

GMT 17:24 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 10:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يتصدّر ميدان "تايمز سكوير" في نيويورك

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 18:41 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

كرة القدم ضحية فيروس كورونا من تأجيل بطولات وإصابة نجوم

GMT 13:24 2023 الإثنين ,03 إبريل / نيسان

أفضل عطور الزهور لإطلالة أنثوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon