على نحو غير مسبوق، ومع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، فوجئ عراقيون باجتياح أعداد كبيرة من الصراصير الصغيرة لبيوتهم وحدائقهم وأماكن عملهم وتصدر أصواتًا مزعجة في الليل.
وبعد اقل من ساعتين من ظهور الصراصير انتشرت صورًا و"هاشتاغات" وتعليقات كثيرة عن تلك الحشرة التي يبدو أنها سحبت الناس عن متابعة أخبار السياسة المتوترة والتدهور الأمني وقلة تجهيز الطاقة الكهربائية، إلى محاولة فك أسرار هذه الحشرة الغريبة وطرق الخلاص منها، والفوز بنوم ليلة هانئة بعد فشل معظم المبيدات المتداولة عادة في مكافحة الحشرة.
يقول المواطن سعد الله الجبوري من سكنة الشرطة الرابعة "جنوبي غرب بغداد" أنه اضطر إلى شراء كميات كبيرة ومتنوعة من المبيدات لأجل الخلاص من أعداد هائلة من الحشرات اجتاحت بيته، لكن ذلك لم يجد نفعاً، ما اضطره للسهر ليلًا حتى الصباح لأجل أن ينعم أطفاله بالنوم، فيما يقوم هو بملاحقتها وقتلها يدويًا.
ريا عاصم صاحبة متجر لبيع الملابس النسائية والعطور تقول إنها أحرجت مع زبائنها خصوصًا النساء وهن يهربن من المحل بعد رؤيتهن لعدد من تلك الحشرات وهي تطاردهم وتلتصق بالثياب المعروضة، ولم تنفع كل المبيدات التي استخدمتها لحل المشكلة إذ تزداد أعدادها في الليل.
صاحب أحد المطاعم المعروفة في منطقة المنصور في بغداد، نشر صورة على صفحته عبر "الفيسبوك" أن المطعم أغلق أبوابه مؤقتًا حتى يتم إيجاد حل نهائي للحشرات الطيارة التي انتشرت في المحل، بشكل غير مسبوق، خصوصًا بعد أن تداول ناشطون صورة لصحون داخل المطعم وهي مغطاة بعدد من هذه الصراصير الميتة، الأمر الذي أحرج أصحاب المطعم، واضطروا للاعتذار إلى الزبائن.
أحد المدونين نشر صورة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وانتشرت بعدها على نحو كبير تشير إلى قبول العراقيين بظهور عنكبوت يدعى الأرملة السوداء وبعدها الحية ذات الرأسين وأخيرًا الزنبور الأعزب، لكنهم لن يقبلوا بحشرة جديدة من نوع "F16 "تحلق فوق رؤوسهم في إشارة إلى خاصية الطيران السريعة لدى الصرصار التي انتشرت في بيوتهم.
وبقيت قصة الصبي سجاد البالغ من العمر عشرة أعوام الأكثر تداولًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو يبكي خوفًا ويطالب أبيه بالعودة للبيت بعد أن حاصرته الصراصير خلال رحلته لأحد المتنزهات القريبة.
وزارة الصحة والبيئة العراقية عزت على لسان المتحدث عنها الدكتور احمد الرديني سبب انتشار الصراصير القفازة الى موجة الحر الكبيرة التي تجتاح العراق وأكدت أنها غير ناقلة للأمراض، والأخبار المتداولة حول دخولها أذن الإنسان مبالغ بها اذ تكون تلك الحالات نادرة وتشابه معظم الحشرات الصغيرة التي قد تدخل الأذن في حالة التواجد بكثرة في أماكن انتشارها.
الطريف في الأمر أن بعض المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي اتهموا تنظيم "داعش" المتشدد برمي أعداد هائلة من تلك الحشرة في الجو كنوع جديد من استهداف المدنيين لكن مدونين آخرين وجهوا اتهامهم الى القوات الأميركية في العراق وقالوا على مواقعهم ان "طائرات تابعة للقوات الأميركية هي من رمت هذه الاعداد الهائلة من الصراصير كما حدث سابقًا ورموا حشرات أخرى في جنوب العراق".
الدكتور سالم حسن الورشان تدريسي في كلية الزراعة في جامعة الأنبار - قسم وقاية النبات قال إن تلك الحشرة التي اقلقت الناس بعد دخولها الى بيوتهم تدعى صرصار الحقل أو القفاز وهي كما غيرها من الحشرات تختار لها بيئة مناسبة للعيش والتكاثر، لكن الارتفاع الكبير في درجات الحرارة سبب خروجها من بيئتها ومحاولتها البحث عن بيئة أكثر ملائمة لها.
وأكد الورشان أن الحشرة تشبه حشرة الصرصار المتعارف عليها في العراق، لكنها تمتاز بكونها قادرة على الطيران لمسافات متباعدة وبإمكانها أكل الخضراوات والفواكه والمعجنات إضافة للمطاط والحرير والصوف والورق.
وبشأن تداول أخبار عن لدغتها المميتة والخطرة يقول الباحث البيئي والصحي في الجامعة المستنصرية جميل الساعدي إن "المستشفيات العراقية لم تسجل أي حالة خطرة بسبب الاصابة بلسعة تلك الحشرة، كما انها لا يمكن ان تتسبب بأي نوع من الأمراض الانتقالية او الجرثومية عدا حالات تلوث مكان الاصابة بلسعتها وهي حالات نادرة".
وأضاف "لا صحة للشائعات التي اثيرت بشأن امكانية دخولها أذن الانسان، فتلك الحالات تصاحب معظم الحشرات وما يحصل حالات نادرة جداً، لكنها مصدر لانتشار الطفيليات التي تحملها فوق جسمها عند ملامستها لجسم الإنسان ويمكن أن تسبب حساسية جلدية أو حكة عند اللسع".
بدورها قللت وزارة الزراعة على لسان الناطق باسمها حميد النايف من مخاطر ظهور أعداد كبيرة من صراصير الليل وقالت إن الصراصير متواجدة في الاماكن المظلمة وظهرت بسبب ارتفاع درجات الحرارة الى معدلات غير مسبوقة.
النايف أكد في تصريحاته لوسائل الاعلام المحلية أن هذا النوع من الصراصر مستوطنة في البلاد منذ ستينيات القرن الماضي وليست حشرات دخيلة جديدة، وستختفي مع انخفاض درجات الحرارة في الأيام المقبلة، كما ان الوزارة تعالج الحشرات الزراعية وهناك مبيدات تستخدمها للقضاء على الآفات الزراعية لكن من الصعب استخدامها داخل المدن
أرسل تعليقك