أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف
آخر تحديث GMT10:56:48
 لبنان اليوم -

أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف

حفلة ترفيهية لأيتام العراق
بغداد ـ نجلاء الطائي

يشهد العراق النسبة الأكبر من الأيتام قياسًا بعدد سكانه، حيث يوجد أكثر من 4 ملايين يتيم يعانون العوز المادي والضيق المعيشي الذي يشكل خطرًا كبيرًا على دفع هذه الفئة من الإتجاه إلى الإرهاب والجريمة والإدمان على المخدرات، كما أن هؤلاء الأطفال اليتامى يعانون أحوالا معيشية صعبة من سوء الإهمال الحكومي والإندثار المجتمعي لكافل اليتيم، وكلما تزايدت الهجمات والحروب، تزايدت أعداد الأيتام في العراق، ما ينذر بعواقب إجتماعية وصحية واقتصادية وخيمة.
 فالعوز المادي والضيق خلَّفت أثارًا سلبية سوف تزداد لو أهملنا الجانب الانساني وتركناه بدون توجيه ومراقبة، ليصبح اليتيم مواطنًا صالحًا يخدم الانسانية، لذلك لا نريد ان تصبح الشوارع حاضنة للإرهاب والجريمة وتفشي الأمراض العصرية والإدمان على المخدرات.

أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف

طفل عراقي يبلغ من العمر 7 او 8 سنوات رسم بالطبشور على أرضية غرفته صورة أمه المتوفاة, كل هذا من اجل العودة إلى النوم في أحضانها, ومئات القصص التي تختلف الواحدة عن الأخرى في زمن أيتام العراق، فلكل واحد منهم حكاية مؤلمه. أطفال رسم البؤس أحلامهم، يحكون بمظهرهم قصصا خلفتها ايام سود يعيشها العراقيون، من الم ،عوز، فقر، هذا ما تركته ذئاب الحزن تنهش في احلام الطفولة.
نعم، لقد كثر الحديث عن الايتام في العراق، ولكن اين هم الان وسط هذه المهاترات والسجالات السياسية ؟ يقفون عند تقاطعات المرور يبيعون ما خف وزنه وما يستطيع جسدهم الصغير حمله، ينتشرون في الشوارع وعلى الأرصفة، يجلسون أمام المحال التجارية للاستجداء من المارة واصحاب السيارات .

أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف

*مصطفى يبيع كتب ابيه

مصطفى طفل يتيم أحبت أمه رجلًا فقيرًا وقبلت به زوجة ثانية، فحرمها أهلها الأثرياء من الميراث ثم ما لبث الزوج ان مات بمرض عضال فعاشت وإبنها عيشة الكفاف، تعمل خادمة في أحد البيوت, ولما ضاقت بهم سبل العيش الكريم طلبت من ابنها أن يبيع مكتبة زوجها فخرجت بمعية مصطفى حاملًا على ظهره كتب ابيه الثمينة التي يعشقها (مقدمة ابن خلدون, تاريخ الطبري, تفسير ابن كثير, الشوقيات, عبقريات العقّاد, بخلاء الجاحظ, ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين,)، ويممنا وجهينا شطر سوق الهرج في بغداد لنبيع أعز ما يملك بنصف الثمن وربما بربعه، فوقع بصرنا على بائع يفترش الرصيف علا الشيب مفرقه، وأحنى الزمان ظهره، ورسمت الحروب المتعاقبة ، التي لم يكن له فيها ناقة ولا جمل ، على وجهه خطوط غائرة تروي للأجيال قصة شعب قصمت ظهره النكبات وهو يعيش فوق أرض من الخيرات، ولسان حاله يردد قول الشاعر.

كان يبيع نسخًا قديمة من القران الكريم جنبًا الى جنب مع نسخ من الإنجيل وصورا منسوبة إلى السيد المسيح، ونسخا من كتاب (كنزا ربا) ،الكتاب المقدس لدى الصابئة المندائيين، فسرت القشعريرة في جسدي النحيل وأدركت أن قابل الأيام سيحمل بين طياته ما هو أدهى وأمر، ذاك ان شعوباً تبيع مقدساتها على قارعة الطرقات، بدراهم معدودات لن تقيم وزنا للحياة، فالشعوب لا تبيع ثمينها إلا إذا خان فيهم أمينها، حاكمًا كان ام محكومًا، واذا ما عقدت الخيانة قرانها على الجوع فإنها ستنجب لا محالة بشرا ليسو كسائر البشر، بشرٌ فقدوا ماء وجوههم، وعزة أنفسهم، ودماثة خلقهم، وباتوا لا يتورعون عن بيع ثمينهم، لكل من هب ودب ما دام يدفع أكثر، وهذا لعمري هو بيع الثمين بأجلى صوره, باع مصطفى كنز أبيه وكان فيه من الزاهدين وعدنا متقهقرين لنشتري قليلا من الخبز والموز والتفاح ولعبة "بلاي ستيشن2" لطالما حلم مصطفى بشرائها مذ اقعد المرض المميت اباه.

*احصائيات رسمية

و ذكرت تقارير المنظمات الدولية ان العراق يضم النسبة الأكبر من الأيتام قياسًا بعدد نفوسه ، اذ تجاوز عددهم الاربعة ملايين، إضافة الى إحصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقية إلى أن عدد الأطفال الأيتام في العراق بلغ نحو أربعة ملايين ونصف المليون طفل بينهم الاف المشردين في الشوارع، فهل يمكن ان نتخيل كيف انعكس ذلك سلباً على الشارع العراقي من خلال تحول عدد كبير منهم إلى متسولين أو بائعين على قارعات الطرق؟ حالة من العوز المادي والضيق خلفت أثارًا سلبية سوف تزداد لو أهملنا الجانب الانساني وتركناه بدون توجيه ومراقبة ليصبح اليتيم مواطنا صالحا يخدم الانسانية لذلك لا نريد ان تصبح الشوارع حضانة للإرهاب والجريمة وتفشي الامراض العصرية والادمان على المخدرات.

وترك الأطفال واليتامى في عرائها سوف يقودنا إلى كثير من المآسي التي لا يمكن معالجتها بعد فوات الاوان وكلما تزايدت الهجمات، تزايدت أعداد الأيتام في العراق، ما ينذر بعواقب اجتماعية وصحية واقتصادية وخيمة.

*مرض ويتم

للوقوف على حجم الكارثة التي ألمت بأيتام العراق من دون ذنب اقترفوه كانت لنا جولة ميدانية لاستطلاع آراء بعض المعنيين برعاية الايتام وكفالتهم، التقينا خلالها معن العزاوي مدير جمعية (احباب المصطفى الخيرية) الذي بادرناه بالسؤال عن ابرز المشاكل التي يعانيها اليتيم في العراق هذه الايام، فأجابنا: 'لعلني لا ابالغ اذا ما قلت ان اخطر ما يواجه الايتام في عراقنا اليوم هي الاعاقة بأنواعها ، سواء السيكولوجية منها ، كالقلق والاكتئاب الشديد، والفوبيا، الخوف المرضي، او الذهنية كمتلازمة داون، "المنغول"، او الإعاقات الجسدية كالشلل النصفي والرباعي والصم والبكم، وفقدان البصر، فكل هذه الحالات رصدناها خلال جولاتنا الميدانية في المراكز الحكومية والاهلية المعنية برعاية اليتيم، فهؤلاء الأيتام المعاقون لم يعانوا فقدان حنان الأبوين أو احدهما فحسب، بل من وطأة الاعاقات التي اصيبوا بها ايضا، والتي اضافت عبئاً آخر على كاهلهم، فهذه الاعاقات وكما يعلم الجميع تستدعي رعاية خاصة تتطلب جهدا كبيرا ونفقات مضاعفة لا يجد اليتيم المعاق في كثير من الاحيان من ينذر نفسه لتـوفيرها له، ليجد نفسه محروما من حنـان الابوين ومن الرعاية الحكومية حيـنذاك'.

يُذكر أن دور الايتام في عموم الـعراق حتى عام 2011 ، هي 26 دارا، لا يتجاوز المسجلين فيها الـ(700) يتيم ، ومنها دار أيتام مختـلطة للأطفال في منطقة الصالحية ، يتم ترحـيل الذكور منها بعد بلوغهم سن العاشـرة إلى دار الوزيرية للأيتام في حين يـتم إرسال الإناث إلى دار العلوية للإنـاث.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة والتطرف في بلد دمره العنف



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 19:26 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

عائشة بن أحمد مطلوبة أمام النيابة في "ملف سري"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon