يخطط الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى صفقة جديدة مع بريطانيا هذا الأسبوع حيث يلتقي رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي كأول زعيم أجنبي منذ تنصيبه، وفي ظل خروج آلاف الناس في جميع أنحاء العالم احتجاجًا على رئاسته يواصل فريق ترامب العمل مع مكتب "Number 10" لإجراء محادثات في البيت الأبيض.
وأوضحت مصادر مطّلعة أن ترامب يدعو السيدة ماي بـ "ماجي" في إشارة إلى علاقة تاتشر وريغان التي يرغب في إنشائها، وتأتي رحلة ترامب إلى بريطانيا في إطار الاتفاق لخفض الحواجز بين البنوك الأميركية والبريطانية من خلال نظام جديد يفحصه فريق ترامب، فضلًا عن إعداد مجموعة عمل أميركية بريطانية لتحديد الحواجز أمام التجارة والاتفاق على إطار تجاري في المستقبل، ومن المتوقع إلقاء بيان مشترك بشأن الدفاع لمطالبة دول الاتحاد الأوروبي بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع مع وعد بالتعاون في التصدي إلى تنظيم "داعش".
وكشف فريق ترامب أنه يرغب في زيارة كاملة من شأنها أن تطغى على رحلات أسلافه في الفخامة والمراسم، وتحدثت جريدة التليغراف إلى العديد من الوزراء والمساعدين بشأن المحادثات التاريخية والعلاقة الجديدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وأفاد فريق ترامب أنه يتم النظر في نظام جديد للتجارة باسم “Passporting deal” يسمح إلى بريطانيا وأميركا بتأسيس شركات في كلا البلدين بعقبات تنظيمية دنيا.
وتحظى البنوك البريطانية في الوقت الحاضر بصفقات مع الاتحاد الأوروبي ما يعني أن البنوك البريطانية يمكنها إجراء الخدمات المالية في أي مكان من الدول الأعضاء في الاتحاد في إطار مجموعة واحدة من القواعد، وهدد الاتحاد الأوروبي بتجريد بريطانيا من هذه الحقوق عند مغادرة الاتحاد، ويخشى الخبراء من تسرّب الملايين من الأموال إلى المدن المنافسة مثل باريس أو فرانكفورت، وتعد أي صفقة جديدة بين الولايات المتحد وبريطانيا جزءًا من صفقة التجارة الجديدة التي أوضح البعض أنه يمكن الاتفاق عليها خلال 90 يوم من مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي.
وأفاد مصدر قريب من ترامب أن أي صفقة مرور جديدة بين البلدين ستشكّل جزءًا من المناقشات وستكون على جدول الأعمال في أول لقاء بين ترامب وماي، مضيفا أن "تعزيز الرأسمالية الأنجلو أميركية يصب في مصلحة الطرفين"، فيما أوضح وزير بريطاني مساء السبت أنهم سيكونوا منفتحين لهذه الفكرة مشيرًا إلى أن "أي تحرير للتجارة هو موضع ترحيب".
ويرغب ترامب في لعب الغولف مع الملكة في قلعة "بالمورال" خلال أول زيارة رسمية له إلى بريطانيا هذا الصيف في إطار الخطط التي يجري مناقشتها في داونينغ ستريت، ومن المتوقع أن يشارك دوق دوقة كامبريدج باسم العائلة المالكة عبر البساط الأحمر من أجل الرئيس الأميركي والسيدة الأولى، ويرغب فريق ترامب في خلق المزيد من الصور لمنافسة صور الرئيس السابق رونالد ريغان عند ركوبه الخيل مع الملكة في قلعة وندسور عندما زار في عام 1982، وشملت الخطط الأخرى جولة شخصية لغرف حرب تشرشل من بوريس جونسون وزير الخارجية مع تناول العشاء في قصر بلينهايم حيث ولد السير ونستون، وإذا وافقت الملكة فإن ذلك يكسر البروتوكول حيث تذهب الملكة عادة في عطلة في قلعتها الأسكتلندية في أغسطس/ أب، ويتم استضافة رؤساء الدول عادة في قلعة وندسور أو قصر باكنغهام باعتبارها مملوكة للدولة، أما بالمورال فتعتبر منزل خاص للملكة، وتعكس أي دعوة هناك مدى استعداد الملكة للتأكيد على العلاقة الخاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة.
وأعلن المتحدث باسم قصر باكنغهام أنه "حاليا لم يتم الإعلان عن أي زيارة خلال عام 2017 ونحن لن نعلق على التكهنات بشأن الخطط المستقبلية، وكما هو معروف فإن جميع الزيارات الرسمية الخارجية تتم بناءً على نصيحة من الحكومة"، وأوضح أحد المقربين من ترامب إلى جريدة التليغراف أن ترامب اعتاد على دعوة السيدة ماي "ماغي" بشكل خاص، مضيفا أنه "تعود العلاقات على نطاق واسع لم يسبق له مثيل منذ ماغي"، ويبقى السؤال هل تبادل السيدة ماي ترامب نفس الود الدافئ؟.
وأعرب ترامب في أول اتصال هاتفي له مع السيدة ماي بعد أن أصبح رئيسا في نوفمبر/ تشرين الثاني عن أمله في إحياء العلاقات الأميركية البريطانية الوثيقة التي كانت موجودة في الثمانينات، وذكر السير كيم داروش السفير البريطاني في واشنطن الشهر الماضي أن الإثنان أكدا على أن العلاقة الخاصة بين بريطانيا وأميركا تعد أقوى من أي وقت مضى، مضيفا أنه "في محادثتهما الهاتفية أوضح ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية السيدة ماي أن العلاقة الخاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة تعد أقوى من أي وقت مضى، إنهما سيعملان معا بشكل وثيق للبناء على إرث الزعماء السابقين مثل الرئيس ريغان ورئيسة الوزراء مارغريت تاتشر"، وأشار المراقبون إلى أنه في ظل وفاء السيدة تاتشر لعب ريغان دور الزوج الذي يخشى زوجته، وعندما كانت تقاطعه باتصالا هاتفيا أثناء اجتماع له كان يقول لأصدقاء " إنه مارغريت ، أليست رائعة".
وقال ريغان لمارغريت عندما غزا غريندا وهي عضو في الكومنولث البريطاني دون إخبار بريطانيا مسبقا " لو كنت هناك لألقيت قبعتي على الباب قبل الدخول" فيما أجابت تاتشر "ليس هناك حاجة لذلك".
وظهرت تفاصيل الاحتجاجات ضد ترامب حول العام عندما أكمل يومه الأول في البيت الأبيض، حيث تظاهر نصف مليون محتج بينهم ممثلات مثل كاتي بيري وسكارليت جوهانسون وإيمي شومار في واشنطن في مسيرة للمرأة ضد ترامب، وتبعهم نحو 100 ألف شخص في لندن فضلا عن تظاهرات في بلفاست وكارديف وأدنبره ولانكستر وليدزو ليفربول ومانشستر وبريستول، ووقعت مسيرات أخرى في مدن مثل دلهي وأكرا وبريشتينا وموسكو، وكان من المتوقع أن يزور ترامب مقرات وكالة المخابرات المركزية لرأب الصدع الذي حدث في العلاقة بينهما بعد أن ألقى ترامب اللوم على وكلاء المخابرات في الملف السيئ المسرب لترامب، وكان أول قرارات ترامب كرئيس إعادة التمثال النصفي للسير ونستون تشرشل في المكتب البيضاوي على عكس قرار أوباما لإزالة العمل الفني، كما غرد ترامب إلا أنه واجه سخرية بسبب خطأ إملائي معربًا عن فخره لخدمة البلاد كرئيس، فيما تم تصحيح الخطأ الإملائي قريبًا.
وستعرض السيدة ماي عند ذهابها إلى واشنطن الدعم على السيد ترامب في طلبه بشأن إنفاق حلفاء الاتحاد الأوروبي المزيد على حلف الناتو ومكافحة "داعش" وفقا للعديد من المصادر، ويتم التخطيط للإعلان عن العلاقات التجارية الوثيقة بين البلدين، مع احتمالية الإعلان عن مجموعة عمل للنظر في الحواجز بحيث يمكن إزالتها، فيما أوضحت السيدة ماي أنها ستكون صريحة جدا مع الرئيس الأميركي بشأن مجالات الاختلاف السياسية، ومن المتوقع أن تؤكد على أهمية الاتحاد الأوروبي بعد أن أشار ترامب إلى أن الكتلة ربما تتفكك في مقابلة أجريت معه مؤخرا، كما ستدافع عن التجارة الحرة في ظل محاولة ترامب إقامة حواجز جديدة لحماية الاقتصاد الأميركي مع التأكيد على أهمية حلف شمال الأطلسي.
وبيّن مصدر رفيع في الحكومة البريطانية أن السيدة ماي تأمل في استخدام امكانية إبرام اتفاق التجارة مع أميركا لتعزيز يدها في طاولة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد، وأضاف المصدر " هناك فرصة كبيرة للتوصل إلى اتفاق التجارة مع أميركا، ويعزز ذلك العزيمة البريطانية ويوضح للأوروبيين أن البريطانيين يمكنهم الخروج، يجعلهم يدركون أننا لا نخادع بشأن بناء مستقبل خارج الاتحاد الأوروبي مع الجلوس على طاولة المفاوضات مع صفقة خروج جيدة".
أرسل تعليقك