يخطط قادة الإستخبارات لعملية كبيرة لمنع القراصنة الروس من مهاجمة الإنتخابات الرئاسية الأميركية الأسبوع المقبل في محاولة لتقويض الديمقراطية في الولايات المتحدة، وتم إتهام قراصنة مدعومين من الحكومة الروسية بالفعل بإستهداف المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون وتسريب البيانات إلى ويكيليكس في محاولة لعرقلة حملتها الإنتخابية، وأمر البيت الأبيض وزارة الأمن الداخلي ووكالة الإستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي ووزارة الدفاع لإعداد أنفسهم لهجوم محتمل عبر الأنترنت، وحذر المسؤولون من أن القراصنة ربما يحاولون إسقاط شبكات الكهرباء أو نشر معلومات مضللة على شبكة الأنترنت في محاولة لتخريب العملية الإنتخابية.
وأوضح مايكل ماكفول سفير الولايات المتحدة السابق في موسكو بين عامي 2012 و 2014 " الروس في وضع هجومي حاليا وتعمل الولايات المتحدة على إستراتيجيات للرد على ذلك على أعلى المستويات"، ويفحص مكتب التحقيقات الإتحادي والمخابرات الأميركية بالفعل وثائق زائفة تهدف إلى تشويه حملة هيلاري كلينتون في إطار حملة واسعة النطاق يعتقد مسؤولون أميركيون أنها محاولة من روسيا لتعطيل الإنتخابات الرئاسية، وأشار السيناتور الأميركي توم كاربر وهو ديمقراطي في لجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ إلى إحدى الوثائق لمكتب التحقيقات الفيدرالي لإجراء تحقيق على أرض الواقع بشأن رسالة ظهر فيها إسمه، وجاء في هذه الرسالة الوهمية التي كتبها كاربر لكلينتون "لن ندعك تخسرين هذه الإنتخابات".
وأفادت مصادر أن رسالة كاربر الزائفة بجانب عدة وثائق أخرى قٌدمت إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأميركية لإعادة النظر فيها في الأسابيع الأخيرة، فيما رفضت متحدثة باسم كاربر التعليق، وفي إطار التحقيقات طلب محققوا مكتب التحقيقات الفيدرالية من مسؤولي الحزب الديمقراطي تقديم نسخ من الوثائق المزيفة التي يتم تداولها جنبا إلى جنب مع رسائل البريد الإلكتروني والوثائق الشرعية الأخرى التي أخذت في الإختراق، وأكد متحدث بإسم مكتب التحقيقات الإتحادي أن " الوكالة تلقت شكوى بشأن رسالة وهمية مزعومة تتعلق بالإنتخابات" دون التعليق على أي تفاصيل، فيما أفادت مصادر أخرى مطلعة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يفحص وثائق مزورة أخرى طفت على السطح في الآونة الأخيرة.
وحذر مسؤولون في المخابرات الأميركية من أن حملة مدعومة من الحكومة الروسية لتقويض مصداقية إنتخابات الرئاسة الأميركية ربما تتجاوز قرصنة البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، مشيرين إلى أنها ربما تشمل نشر أدلة وهمية مزورة أو غيره للتضليل في الفترة التي تسبق التصويت في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، فيما ينفي المسؤولون الروس هذه الإتهامات، وذكر مصدر مطلع أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يراجع وثيقة إلكترونية من 7 صفحات تحمل شعارات شركة جويل بينينسون لإستطلاعات الرأي ومؤسسة كلينتون، وزعمت الوثيقة التي أفادت حملة كلينتون أنها وهمية أن استطلاعات الرأي لكلينتون تراجعت ودعت إلى اتخاذ تغييرات إستراتيجية شديدة للشهر المقبل والتي ربما تشمل تنظيم الإضطرابات المدنية والهجوم الإشعاعي بالقنابل لعرقلة التصويت،ولم يتضح على الفور من أي مكان جاءت هذه الوثيقة أو كيف بدأ نشرها.
وغرّد روجر ستون أحد مساعدي ترامب السابقين والمسؤول في الحزب الجمهوري على تويتر ونشر رابطا لنسخة من الوثيقة المزيفة مع تعليق "ماذا لو كان ذلك حقيقي"، ولم تعلق شركة بينينسون على الأمر، وأفاد كريج ميناسيان المتحدث بإسم مؤسسة كلينتون" الوثيقة مزيفة ولا أعرف ما إذا كان مكتب التحقيقات الفيدرالي فحصها"، ولم يستجب ستون لطلب التعليق، وبيّن المتحدث بإسم حملة كلينتون غلين كابلن أن الوثيقة مزورة وأنها جزء من حيلة بائسة للإستفادة من تسريب رسائل البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي بواسطة ويكيليكس، وتسلط هذه التطورات الضوء على الدور الذي تلعبه وكالات إنفاذ القانون والمخابرات على نحو غير عادي في الإنتخابات.
وأثار مدير مكتب التحقيقات الإتحادي جيمس كومي الجمهوري الذي عينه أوباما غضب الديمقراطيين الأسبوع الماضي عندما نبه الكونغرس بأن الوكلاء عثروا على رسائل إلكترونية ترتبط بالتحقيق في إستخدام كلينتون لخادم البريد الإلكتروني الخاص عندما كانت وزيرة للخارجية وهو ما أعاد فتح التحقيق الذي أغلق في يوليو/ تموز، وحذر مصدر في البيت الأبيض من الخطط الروسية لزرع الإرتباك، مضيفا " يجب علينا التأكد من أنه لدينا كافة الأدوات في حوزتنا وأننا مستعدون للإستجابة لما يمكن أن يقوموا به، يجب أن نكون مستعدين من جميع الجهات، لأن أي نشر لتقارير بعدم إنتظام يمكن أن يكون مدمرا بشكل لا يصدق، ويمكن أن يسبب فوضى هائلة".
وأفاد مصدر مطلع ل NBC نيوز أن وزارة الأمن الداخلي والإستخبارات الأميركية تقيم الوضع بأنه ربما يكون صعبا للغاية حتى على ممثلي الدولة بشأن نتائج الإنتخابات، وأضاف أحد المسؤولين " يستند هذا التقييم على طبيعة اللامركزية لنظام الإنتخابات لدينا، وحرصت الولايات على ضمان عدم إتصال آلات التصويت بالأنترنت فضلا عن وجود العديد من الضوابط والمراجعات بالإضافة إلى الإشراف على مستويات متعددة"، وأوضح مسؤولوو وزارة الأمن الداخلي أن أي اختراق محتمل يمكن أن يسبب فوضى وسوء فهم، وعلى سبيل المثال ربما يعبث شخص ما بمعلومات تسجيل الناخبين أو التقارير غير الرسمية ليلة الإنتخابات.
وأشار مسؤولو المخابرات إلى أنه ليس لديهم تحذيرات محددة عن هجوم يوم الإنتخابات، لكنهم يعتبرون أن تعطل الأنترنت الجمعة 21 أكتوبر/ تشرين الأول محاولة محتملة، وبينت آن بارون-ديكاميلو المديرة السابقة لفريق الإستعداد لطوارئ الحاسب الآلي من الأمن الداخلي "يعتبر الهجوم على معدات شركة DYN والذي أسقط مواقع عدة مثل أمازون وباي بال لساعات من إشارات الهجوم المحتملة، وإذا حدث هجوم مماثل يوم الإنتخابات ستتعامل وزارة الأمن القومي مع مزودي خدمة الأنترنت مثل كومكاست وفيرزون للتخفيف من ذلك"، مشيرا إلى أن الحكومة تعتمد على القطاع الخاص للمساعدة في ذلك بإعتبار أن معظم شركات الأنترنت مملوكة من قبل شركات خاصة.
وتقوم كافة مراكز الأنترنت الإتحادية الستة بالعمل مع مراقبة حركة المرور عبر الشبكة بحثا عن أي برامج ضارة، وأضاف مسؤولو الأمن الداخلي " نظرا لسياقات السلوك الماضي للروس فنحن نفهم الطريقة التي يرغبون من خلالها في إحداث إرتباك، ولذلك نريد التأكد من تخفيف هذه الإحتمالات"، وأفاد متحدث في إدارة أوباما الحالية للأمن القومي أن فريق عمل البيت الأبيض يراقب تدخل روسيا الواضح في الإنتخابات الأجنبية الأخرى بقلق متزايد، مثلما حدث في الإنتخابات البرلمانية في Montenegro في 16 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث فاز الحزب الديمقراطي الإشتراكي بفارق ضئيل، وفشل في الحصول على الأغلبية المطلقة بعد مواجهة المعارضة الممولة من تحالف موال لروسيا والذي عارض عضوية البلاد في حلف الناتو.
ويعتقد مسؤولون أميركيون أنه في الفترة التي تسبق الإنتخابات ستقوم روسيا بتسريب المال سرا لأحزاب المعارضة أو تأسيس وسائل إعلام صديقة وشخصيات مؤثرة لتقويض الأحزاب الغربية الموالية وتسليط الضوء على مخاطر الإنضمام للناتو، وأطلقت روسيا حملة تضليل منسقة خلال الإنتخابات بإستخدام وسائل الإعلام التقليدية والإجتماعية لنشر مزاعم بمخالفات التصويت على نطاق واسع، بما في ذلك تسجيل أسماء بعض الموتى في التصويت حسبما أفاد أحد مسؤولي الأمن في إدارة أوباما، وتلقت وسائل الإعلام الإجتماعية وابلا من الشكاوى والإتهامات بسبب أوامر Montenegro بإغلاق شركات الإتصالات مؤقتا وواتس أب وفايبر وتطبيقات الرسائل المماثلة وهو ما خلق مزيدا من التساؤلات حول الإنتخابات.
وأشارت شبكة المدونين المكافحين للرقابة إلى سقوط مركز التحولات الديمقراطية في Montenegro' وهي منظمة غير حكومية تعنى بمراقبة الإنتخابات ما أثار مخاوف بين المسؤولين الأميركيين بشأن التدخل الروسي، فيما أصدرت لجنة الإنتخابات في Montenegro النتائج النهائية بفوز الحزب الموالي لحلف الناتو على الرغم من إحتجاجات أحزاب المعارضة الموالية لروسيا، والتي إستشهدت بالمخالفات التي تلوم فيها الولايات المتحدة روسيا كسبب للتشكيك في نتيجة الإنتخابات، وأضاف مسؤول " نتوقع حدوث نوع من هذه الأشياء هنا، لكنهم سيستهدفون كل ما يمكن لهم بما في ذلك البنية التحتية ونشر قصص كاذبة عن الحزب الديمقراطي بغرض التلاعب بالنتائج عمدا"، فيما إتهم زعماء Montenegro علنا روسيا بالتدخل في الإنتخابات ونفى مسؤولون روس وأعضاء أحزاب المعارضة هذه المزاعم، كما نفت روسيا أي تورط في الإختراقات للجماعات السياسية والنشطاء الأميركيين.
أرسل تعليقك