بيروت- لبنان اليوم
تمنى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "لو يشارك المسؤولون السياسيّون عندنا في الحياة الليتورجيّة، ويَدَعوا الله يكلّم قلوبهم وضمائرهم وعقولهم، معتبرًا أنّهم لو فعلوا لما أوصلوا البلاد إلى حالة البؤس والإنهيار على مستوى الشعب والمؤسسات.
وقال في عظة قداس الأحد: "أمام الإستهتار بصرخة الشعب اللبناني الجائع وثورته، وأمام جراح بيروت المنكوبة من جرّاء إنفجار مرفئها في 4 آب الماضي، من دون أن تحرّك الدولة ساكنًا، وأمام إلحاح الدول الصديقة على تشكيل حكومة جديدة والشروع بالإصلاحات، مع الدعم الدوليّ الجاهز، ترانا مضطرّين إلى طرح أسئلة مصيريّة:
هل هذا التمادي في تعطيل تشكيل الحكومة والإستهتار بمصالح الشعب والوطن جزء من مشروع إسقاط دولة "لبنان الكبير" لوضع اليد على مخلّفاتها؟ لا نستطيع أن نرى هدفًا آخر لهذا التعطيل المتمادي المرفق بإسقاط ممنهج للقدرة الماليّة والمصرفيّة، وبإفقار الشعب حتى جعله متسوّلًا، وبإرغام قواه الحيّة وخيرة شبابه المثقّف على الهجرة.
ألا تريدون بعد اليوم، أيّها المعطّلون المتمادون من مختلف الأطراف، دولة مدنيّة تفصل بين الدين والدولة، ودولة متعدّدة الثقافات والديانات، كما أرادها المؤسّس البطريرك الكبير المكرّم الياس الحويّك حين أعلن في مؤتمر السلام في Versailles سنة 1919: "في لبنان طائفة واحدة إسمها لبنان، والطوائف المتعدّدة فيه تشكّل نسيجه الإجتماعيّ؟".
لا تريدون بعد مئة عام من حياة لبنان دولة ديمقراطيّة منفتحة على جميع دول الأرض، عُرفت بثقافتها أنّها مكان العيش معًا مسيحيّين ومسلمين بالتعاون المتوازن والإحترام المتبادل، ومكان التلاقي والحوار؟ لا تريدون بالتالي دولة حياديّة ذات سيادة كاملة تفرض هيبة القانون والعدالة في الداخل، وتدافع عن نفسها بقواها الذاتيّة بوجه أيّ إعتداء خارجيّ، وتلعب دور الوسيط من أجل الإستقرار والسلام وتعزيز حقوق الإنسان والشعوب في المنطقة؟".
وأضاف الراعي: "إذا كنتم لا تريدون كلّ ذلك، فإنّكم تستبيحون الدستور والميثاق وهويّة لبنان ورسالته في الأسرتين العربيّة والدوليّة. وهذه هي الهوّة بينكم وبين الشعب اللبناني الّذي هو سيّد الأرض لا أنتم، وهو مصدر كلّ سلطة، كما ينصّ الدستور في مقدّمته. إنّه يريد حكومة مستقلّة بكامل وزرائها لا بقسم منهم. هذا هو المخرج الوحيد لحلّ الأزمة العالقة".
وأكّد أنّ الكنيسة تؤمن مع المخلصين للبنان أنّ هذا الوطن هو مشروع عيش مشترك يُبنى كلّ يوم، ومشروع شراكة حضاريّة، لا شراكة عدديّة، ولذلك ترفض أيّ إصطفاف تقسيميّ، يفتّت الشراكة، ويحوّل لبنان إلى ساحة صراع بين مشروعي الأقليّات والأكثريّات في المنطقة.
قد يهمك ايضا :
بشارة الراعي يستقبل السفير ناصيف حتي وفريج صابونجيان
الكنيسة تُحذر من "أي اصطفاف تقسيمي" يحوِّل لبنان إلى "ساحة صراع"
أرسل تعليقك