بعد يوم واحد عن تقديم استقالته من حزب الحركة الشعبية مساء الأربعاء، فاجئ وزير السياحة، الحسن حداد، بتزكيته من قبل حزب "علال الفاسي/الاستقلالي" وكيلًا للائحة الميزان في خريبكة, ونشر عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، رحال المكاوي، في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وكلاء لوائح حزب الاستقلال في جهة بني ملال- خنيفرة، والتي تضمنت اسم الحسن حداد، كوكيل للائحة حزب الميزان في دائرة خريبكة، فيما عادت دائرة بني ملال إلى عبدالرحمن خير، ودائرة خنيفرة إلى صالح أوغبال، فيما تم اختيار عبد الله شباكي وكيلا للائحة الحزب في دائرة الفقيه بن صالح، وإبراهيم حسناوي في دائرة بزو وأويزغت إلى جانب محمد احراد في دائرة دمنات.
وقدّم حداد الأربعاء، استقالته رسميا، من حزب الحركة الشعبية، ووجه رسالة مطولة إلى الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محند العنصر، يخبره فيها بقرار انسحابه من حزب السنبلة، وأكد له أن قراره "“نهائي لا رجعة فيه"، مبرزًا في رسالته أنه "تعرض لمضايقات عديدة"، بعد تقديمه ترشحه لمنصب الأمين العام، خلال المؤتمر الثاني عشر للحركة عام 2014، واعتبر أن "المضايقات” المذكورة قد تم تتويجها بمنعه من الحصول على تزكية الحزب للانتخابات المقبلة"، وهو الأمر الذي "رافقه ضغط نفسي عليه لمحاولة ثنيه عن الاستمرار في طلب التزكية، من خلال تصريحات إعلامية لعدد من مسؤولي الحزب"، وفق تعبير حداد الذي توجه إلى العنصر بالخطاب، وقال "وهذا يستنتج منه أنكم لم تستطيعوا حسم التزكية لصالحي رغم كل ما قدمته للحزب", وكشف حداد في رسالته أن صفته الحالية في الحكومة "غير مرهونة قانونيا بضرورة الحصول على أي موافقة من الحزب للتخلي عن الانتماء إليه"، إلى جانب أنه "لا يمتلك أي منصب مسؤولية تدبيرية داخل الحزب".
ووجَّه وزير السياحة و عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، لحسن حداد الأربعاء بواسطة مفوض قضائي بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية في خريبكة يقضي بتبليغ الأمين العام للحزب و للمنسق الجهوي قرار انسحابه منه مرفقا برسالة توضيحية و تأكيدية لقرار الإنسحاب من الحزب في إطار مقتضيات قانون الأحزاب و ضمن قواعد النظام الأساسي للحركة حسب ما جاء في نص رسالة الإنسحاب.
وكشف أنه طلب تخليه عن الإنتماء للحزب غير مشروط بضرورة التجريد من العضوية في الحكومة المنتهية ولايتها، و ذلك طبقا للحصول 20 و 22 من قانون الأحزاب الذي يلزم فقط أعضاء مجلسي البرلمان و المنتخبين الجماعيين و أعضاء الغرف من التجريد من الصفة التمثيلية في حال طلبهم الإنسحاب من أي حزب.
وعلل حداد انسحابه من الحزب نظرا لكثرة المضايقات التي تعرض لها داخل الحزب، أبرزها عندما قدم ترشيحيه لمنصب الأمين العام خلال المؤتمر الثاني عشر سنة 2014 و الذي اعتبره ترشيحًا مبشرًا بالزمن الديمقراطي داخل الحزب و محسنا لصورته أمام عموم المواطنين و مقويا لموقعه أمام الحلفاء السياسيين و كذا الخصوم, وأشار إلى أنه تعرض لعدة تهجمات لفظية داخل المجالس الوطنية التي تمت تعبئة إنزالات داخلها بهدف الشتم والقذف في شخصي، وأوضح أن آخر هذه المضايقات و الإستفزازات فبركة قصص و روايات عما يروج في اجتماعات المؤسسات الدستورية الكبرى للبلاد، و هي تهجمات وصفها في الرسالة بأنها لا تليق بتاريخ الحزب.
وأضاف أنه لم يسبق له أن أخل بالتزاماته الحزبية أو السياسية و أنه لم يسبق أن كان موضوع مشاكل سياسية، إعلامية أو تدبيرية طول مدة تحمله للحقيبة الوزارية في السياحة، وأنه كان حريصا طيلة هذه المدة على خدمة البلاد، و على صيانة صورة الحزب، واستقرار التحالف الحكومي، وفاء لالتزامات الحزب الأخلاقية و السياسية مع شركائه في التدبير العمومي، كما كان حريصا على الوفاء لتاريخ الحركة الشعبية وقيمها وكرامة مناضليها وأفكار مؤسسيها محاولا تطويرها داخل السياق المغربي الجديد.
وصرَّح بأنه تقدم إلى لجنة الإنتخابات بالحزب بطلب للحصول على تزكيته للترشح في الدائرة الإنتخابية لإقليم خريبكة، و أن البت في الطلب تأخر بشكل ملفت للنظر رغم عدد الاجتماعات التي خصصت له، و عدد محاولات الصلح و إيجاد حل مع المرشح المنافس، خصوصا و أن عددًا من طلبات التزكيات قد بت فيها بشكل سريع و دون مشاكل، الشيء الذي أعتبره و اعتبره عدد من المناضلين و المتتبعين تماطلا غير مبرر و غير ملاءم بالنظر إلى قرب موعد الإستحقاقات، و بالنظر أيضا إلى التصريحات المتتالية إعلاميا و كذا داخل هياكل الحزب لعدد من قيادييه البارزين، لمحاولة الضغط النفسي عليه و محاولة ثنيه عن الإستمرار في طلب التزكية, مضيفا أنه أسس طلبه على معايير وضعها الحزب، و أهمها العضوية في الحكومة و المحصلات العلمية، الأكاديمية و الثقافية و على المسار المهني و الإداري، إضافة إلى عضويته في المكتب السياسي، و فوزه بالمقعد الإنتخابي خلال الولاية التشريعية الحالية بإسم الحركة الشعبية، إضافة إلى مساندة عدد كبير من المنتخبين الحركيين بإقليم خريبكة و عدد من الأعيان و الحركيين بالإقليم، الذين قدموا طلبات و عرائض مكتوبة و موقعة، في الوقت الذي لم يستطع منافسه أن يحصل عليها رغم الوقت الذي أعطي له، و الإسناد السياسي و الإعلامي الذي وفر له من قبل عدد من قياديي الحزب و أعضاء المكتب السياسي، هذا في الوقت الذي يعلم الجميع أن منافسي وافد جديد على الحركة الشعبية و قد كان بالأمس القريب، ممثلا لحزب آخر قدم إستقالته منه خلال 2015 ليلتحق بالحركة الشعبية و يلقى هذا الدعم كله ليستعمل لمحاصرته إنتخابيا، و لتصفية حسابات لها ارتباطات بالماضي القريب و بمخططات المستقبل الحركي.
وأوضح أن الحزب لا يعير إهتماما للتوجه الديمقراطي و للمنهجية الديمقراطية في جميع إختياراته، وأضاف, "أصبح من الصعب بل و من المستحيلات حاليا، تمرير أي قناعات إصلاحية داخله من أجل إعادة بنائه؛ و نظرا لكونه أصبح فارغا من النخب الكفؤة و المواطنة و من الأعيان ذوي الإمتداد الحقيقي داخل المجتمع، الشيء الذي جعله يشكل عبئا على المشهد الحزبي، منفرا بذلك منه جميع الأطر المؤهلة ذات الخبرة و المثقفة و الواعية بمصير البلاد، و أصبح هم المتحكمين في قراره الداخلي مركزا بشكل أولوي و مصيري على تنصيب الموالين لهم في مناصب المسؤولية التمثيلية أو المؤسساتية العمومية و كذا الحزبية الداخلية، دونما أي اعتبار للمصلحة العامة و المصالح العليا للأمة المغربية و لتوجهات الدولة المغربية في العهد الجديد، حتى أصبح الحزب بمثابة عائلة تستفرد بالقرار و تقصي النخب المطالبة بالتشارك، متناسية أن الحزب هو ملك لعموم المغاربة و أنه أحد أعمدة منظومة الدولة كما هو الشأن بالنسبة لجميع الأنظمة السياسية عبر العالم، و مفضلة تبني عقلية الزبائن على ثقافة النضال و المناضلين".
واعتبر أن تدبير الحزب و أهدافه خرجت عن أسسه و مراميه التاريخية التي رسمها جيل الرواد، و حاد بذلك عن سكة الإصلاح، متجها رأسا و بأقصى سرعة، و بدون بوصلة نحو المجهول، في الوقت الذي أصبح للأحزاب المغربية وعيا مواطنا قويا و ثقافة إنتماء جديدة للعيش المشترك و نفس إصلاحي حقيقي متجدد و مستميت للتصدر و المشاركة في بناء الدولة الحديثة, وأضاف أنه اقدم على الإنسحاب من الحزب بعد التشاور مع عدد كبير من مناضلي الحزب، مضيفًا, "ان على مستوى إقليم خريبكة الذي ينحدر منه و يرغب الترشح فيه، أو على مستوى قياديين آخرين على المستوى الوطني"، و تابع" بعد تفكير عميق و تحليل لوضعية الحزب الراهنة المتسمة بالتخبط و العشوائية و عدم الإنسجام الداخلي و عدم الإحترام لأدنى قواعد الديمقراطية و التشارك، و بعد تأمل للمستقبل الغامض للحزب و لمآلاته و نخبه المقررة حاليا، في ظل التجاذبات الحيوية الكبرى داخل المشهد السياسي بالبلاد، و بعد معايشة للإحتياجات السياسية للجماعة المغربية، و لرغباتها في التعايش مع قوى سياسية قوية و شجاعة و ذات قرار سياسي بناء و فاعل، مؤثر و متأثر بشكل إيجابي في سيرورة تطور النظام السياسي المغربي داخل الثوابت التي أقرها و أجمع عليها المغاربة منذ زمن بعيد".
وكشف المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، عن ثلاث سيناريوهات دستورية أمام وزير السياحة، لحسن حداد، بعدما حصل على تزكية حزب الاستقلال ليكون وكيلا للائحته في دائرة خريبكة خلال استحقاقات 7 تشرين الأول/أكتوبر المقبل, ويتجاوز “العبث الدستوري” الذي سيبقى فيه وزيرًا في حكومة بنكيران ويجلس مع وزراء الحركة وينتمي في الوقت نفسه لحزب الاستقلال المعارض الذي سيدافع عن برنامجه الانتخابي.
وقال الشرقاوي في تدوينة على صفحته على الفيسبوك إنه أمام الوزير لحسن حداد ثلاث سيناريوهات لتجاوز هذا الوضع، أولها أن يلتمس من الملك إعفاءه من منصبه الذي أصبح غير ذي معنى بعد أن انتقل للعمل ضمن أحد أحزاب المعارضة، حيث يمكن له تقديم استقالته لرئيس الحكومة الذي يرفع ملتمسه للملك لقبول استقالته لإنهاء حالة العبث الدستوري.
أما السيناريو الثاني الذي يمكن أن يسلكه حداد، سيكون أخذ رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران المبادرة ويطالب وفق ما تنص عليه الفقرة 4 من الفصل 47 من الدستور من الملك إعفاء الوزير الحركي الأسبق، حيث تنص الفقرة على إمكانية رئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة”.
ويبقى ثالث سيناريو أمام حداد هو تدخل الملك محمد السادس بشكل مباشر ويعفي الوزير المستقيل من حزبه وفق الفقرة الثالثة من الفصل 47 بعد استشارة رئيس الحكومة في حالة تعذر اللجوء للسيناريوهين السابقين أو في حالة اختيار الملك لهذا السيناريو دون باقي الاحتمالات الأخرى.
أرسل تعليقك