واشنطن - يوسف مكي
رد وزير الخارجية جون كيري على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بعد أن طالب أميركا بتسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا والمتهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت ليلة الجمعة، واتهم اردوغان غولن بمحاولة الانقلاب التي خلفت 365 قتيلا على الأقل وأكثر من 1500 جريح، ويعيش غولن في منفاه الاختياري في أميركا ويقود حركة "حزمت" الاسلامية المعتدلة التي تدافع عن الديمقراطية والمؤسسات العلمانية والتي لها شعبية لدى الطبقات العليا في تركيا.
وغادر الرجل البالغ من العمر 75 عاما تركيا عام 1999 قبيل اتهامه بالخيانة، وصرح اردوغان السبت " اتوجه الى الولايات المتحدة والى الرئيس باراك اوباما وأقول له، عزيزي السيد الرئيس: طلبت منك ذلك من قبل اما أن تعتقل فتح الله غولن او تعيده الى تركيا، ولكنك لم تستجب لذلك فسأكرر ما اقول بعد محاولة الانقلاب، سلم الرجل الموجود في ولاية بنسلفانيا الى تركيا، لو كنا شركاء استراتيجيين فعليك ان تفعل ما هو ضروري."
وتصاعد التوتر بين أميركا وتركيا في وقت لاحق من يوم السبت، فأشار المتحدث باسم كيري " أوضح وزير الخارجية ان الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة للسلطات التركية لإجراء تحقيق، ولكن أي تلميحات أو ادعاءات بأن الولايات المتحدة لديها يد في محاولة الانقلاب الفاشلة ليست صحيحة وتضر بالعلاقات الثنائية"، وجاء بيان الموقف أكثر تساهلا بكثير من كيري الذي أشار انه أحبط من خطاب أردوغان، وأضافت " نحن نتوقع تماما أن هناك أسئلة كثيرة أثيرت حول السيد غولن وبالطبع ندعو الحكومة التركية كما فعلنا في السابق ان تقدم لنا دليل قانوني على ادانته وستقبل أميركا ذلك وننظر في الأمر ونصدر حكما حول الموضوع بشكل مناسب."
وأصر غولن ان لا علاقة له بأي انتفاضة وذهب للقول أن اردوغان نظّم الهجوم بنفسه من أجل اضفاء شرعية على حملة جديدة ضد الجيش والقضاء، والقى باللوم على غولن في السابق بسبب كشفه لقضايا فساد استهدفت كبار الوزراء من بينهم نجل أردوغان بلال في عام 2013، وكان اردوغان في عطلة على شاطئ البحر عندما كانت الدبابات في شوارع انقرة واسطنبول ليلة الجمعة مغلقة الجسور الرئيسية، والقى كلمة بثها التلفزيون من خلال هاتف خلوي دعى فيها الجماهير للخروج والدفاع عن ديمقراطية تركيا وهذا ما فعله الناس في انقرة واسطنبول، ووقفوا في مواجهة الجنود الذين أغلقوا جسر البوسفور الرئيسي الذي يربط طرفي المدينة الاسيوي والأوروبي.
واستسلمت مجموعات الجنود في عدة مواقع رئيسية في أنقرة واسطنبول في عدة مواقع رئيسية بما في ذلك جسر البوسفور حيث استسلم 100 متمرد رافعين سلاحهم مسلمين أنفسهم لضباط الشرطة، ودعى اردوغان انصاره على تويتر صباح يوم السبت الى منع أي عمل عسكري اضافي قائلا " يجب علينا أن نحافظ على سيطرتنا على الشوارع بغض النظر في أي مرحلة لان انقلابا جديدا يمكن ان يحدث في أي لحظة."
وألقى أنصار ادروغان بأنفسهم طوال الليل أمام الدبابات في المعالم الرئيسية للبلاد لمنع الجيش من احكام قبضته على البلاد ولا سيما خارج مطار اتاتورك في اسطنبول حيث رمى بعض المدنيين أنفسهم تحت عجلات الدبابات لمنعها من التقدم، وقتل نحو 104 شخص من المنقلبين بينما قتل 160 شخص من بينهما 41 رجل شرطة و 47 مدني من جانب الحكومة، اعتقلت الشرطة أكثر من 2800 شخص من المتمردين بعد فشل الانقلاب العسكري كما تعهد أردوغان بالانتقام من هذه الانتفاضة الدامية، واعتقل أيضا 2745 قاضي وأعضاء من النيابة العامة بعد التشكيك في ولائهم للنظام بينما سجن 2839 جندي، وطالت اتهامات اردوغان دائما غولن الذي كان حليفا سابقا له بمحاولة قلب نظام الحكم ولكن واشنطن لم تعثر على أي دليل على ذلك.
وأشار رئيس الوزراء بينالي يلديريم انه بالرغم من أن حكومة الاعدام الغيت في تركيا في عام 2004 الا أن البلاد ستنظر في أي تغييرات قانونية لردع أي محاولة انقلاب ثانية، ووصف يلدريرم محاولة الانقلاب بالعلامة السوداء على الديمقراطية التركية وقال أن الجناة يستحقون كل العقاب، وتابع أن ليلة 15 تموز/يوليو ستذكر دائما على أنها "مهرجان للديمقراطية" وهو يوم تصدى فيه الشعب لمحاولة الانقلاب، وقالت وزارة الشرطة اليونانية أن طائرة هليكوبتر عسكرية تركية هطبت في اليونان هذا الصباح وعليها ثمانية رجال يعتقد انهم من كبار مدبري الانقلاب وطلبوا اللجوء السياسي، وطالبت تركيا بالمجموعة التي تتكون من سبع عسكريين ومدنى واحد أن تسلم لها.
وأطلق جزء الجيش المنقلب على نفسه اسم " مجلس السلام" وكان يحاول استعادة الديمقراطية من حزب العدالة والتنمية الذي وجه له مرارا وتكرارا انتقادات من جماعات حقوق الانسان بسبب قمعه الوحشي للمتظاهرين المناهضين للحكومة، واتهم دائما رجل الدين فتح الله غولن وهو خصم اردوغان ورئيس حركة دينية تحتكم على مليار دولار بالاضطرابات السياسية في تركيا، وحث الرئيس باراك أوباما جميع الاطراف في تركيا يوم الجمعة على دعم الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا والتي تعتبر حليف رئيسي لحلف شمال الأطلسي، وحث اوباما بعد اجتماع مع مستشاريه للأمن القومي تركيا على ضبط النفس وتجنب العنف وإراقة الدماء، وتابع كيري للصحفيين " نحن نتوقع تماما أن هناك تساؤلات حول السيد غولن ولكننا ندعو الحكومة الى تقديم دليل قانوني على تورطه وسننظر في الامر، انا واثق انه سيكون هناك بعض النقاش حول ذلك."
ويعرف عن غولن أنه يحظى بدعم الجيش والمستوى المتوسط من البروقراطيين، وتضم حركته مؤسسات فكرية ومؤسسات رأي ومدارس ومؤسسات اعلامية واختلف مع اردوغان في السنوات الاخيرة، وأكد الرجل في بيان " أدين بأشد العبارات محاولة الانقلاب العسكري في تركيا، وينبغي أن تتشكل الحكومة بعد انتخابات حرة ونزيهة وليس بالقوة، أدعو الله من أجل تركيا ومن أجل المواطنين الاتراك، وأتمنى أن يعود الوضع للسلم بسرعة"، ورفض غولن وبشدة ان يتحمل المسؤولية قائلا " كشخص عانى في ظل الانقلابات العسكرية المتكررة خلال العقود الخمسة الماضية، فمن المهين خصوصا أن أتهم بوجود أي صلة لهذه المحاولة، انا انفي بشكل قاطع هذه الاتهامات."
أرسل تعليقك