تزايدت الضغوط الداخلية على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في أعقاب اعترافه بامتلاك أسهم في شركة بليرمور القابضة للاستثمارات، التي شارك في تأسيسها والده الراحل إيان كاميرون، حينما كان الأول نائباً معارضاً، مؤكدًا أنه قام ببيعها منذ ستة أعوام مضت، ولكن بعض نواب حزب العمال يطالبونه بالاستقالة لتأخره في إعلان الحقيقة طوال تلك المدة.
وتعهد كاميرون بالإفصاح عن الإقرار الضريبي الخاص به؛ في محاولة للحد من الأضرار الناجمة عن الإعلان، مصراً على أنه كان واضحاً بشأن الخطط في الحاضر والمستقبل في ما يتعلق بالضرائب، والتي تضمنت تقديم وعد بعدم الانتفاع من الأموال المهربة في الخارج، إلا أن الإعتراف الذي أحدث ضجة كان حينما أخبر قناة أي.تي.في الإخبارية بأنه "لابد وأن يتعامل مع الماضي كذلك، لأنه بالطبع كان يمتلك أسهماً وأوراقاً مالية في الماضي، بالنظر إلى أن والده كان مضاربًا في سوق الأوراق المالية، وأنه قام ببيع هذه الأسهم والأوراق المالية جميعها العام 2010 تجنباً لما قد يثار عن وجود أجندات ومصالح أخرى لديه إذ كان ذاهباً لشغل منصب رئيس الوزراء".
وكان لدى رئيس الوزراء البريطاني حساب مشترك مع زوجته سامنثا ويمتلكان 5,000 وحدة في بليمور للاستثمارات قاما ببيعها في كانون الثاني/ يناير العام 2010 بما يقارب 30,000 جنيه إسترليني، وأقرّ بأنه لا يمكنه التأكد من أن ميراث والده الذي يقدر بنحو 300,000 جنيه إسترليني قد جاء من استثمارات خارجية.
وبدأ النواب في حزب العمال التساؤل عن السبب وراء عدم تصريح كاميرون بشأن أمواله طوال ستة أعوام إلا بعد أيام من إثارة التساؤلات في أعقاب تسريب أوراق بنما، فضلاً عن استغراقه ثلاثة أيام من أجل الرد على أسئلة الصحافيين المشروعة.
ووصف نائب زعيم حزب العمال، توم واتسون، تصريحات كاميرون بأنها "اعتراف غير عادي"، مشيراً إلى أنهم داخل الحزب يريدون من الحكومة تضييق الخناق على التهرب من دفع الضرائب، وتمسك رئيس الوزراء بأعلى المعايير، وأضاف أن رئيس الوزراء قد يضطر إلى تقديم استقالته على الرغم من أنه من المبكر جداً الحديث بشأن هذا الأمر.
وذكر جون مان، وهو النائب في حزب العمال عن لجنة الخزانة، أن كاميرون ينبغي عليه التنحي عن السلطة؛ بسبب قيامه بالتغطية والتضليل بشأن كيفة حصوله على الأسهم في شركة بليرمور، ما يجعل الخيار الوحيد أمامه هو تقديم الاستقالة، وأصرّ داونينغ ستريت على أن الموارد المالية الخاصة بعائلة كاميرون تبقى "شأن خاص"، بينما ذكر كاميرون أنه يسدد بانتظام ضريبة الدخل على أرباح الأسهم، ولكن لم يكن عليه دفع ضريبة أرباح رأس المال، لأن الربح من مبلغ 19,003 جنيه إسترليني عند البيع كان ضئيلًا للغاية.
وأوضح داونينغ ستريت أن السيد والسيدة كاميرون قاموا بشراء حصتهم في نيسان/ أبريل العام 1997 مقابل 12,497 جنيهاً إسترليني، بينما قاموا ببيعها في كانون الثاني/ يناير العام 2010 مقابل 31,500 جنيه إسترليني، وأكد كاميرون أنه ليس لديه ما يخفيه، ويفتخر بوالده وبما قدمه والتجارة التي أسسها، ولكنه اختار طريقاً آخراً غير ذلك الطريق الذي سلكه والده وجده وكذلك جده الأكبر، والذين كانوا جميعهم مضاربين في البورصة ويدرك جيداً أن سداد الضريبة المستحقة هي قضية أخلاقية.
كما دافع كاميرون عن سوء الفهم الذي دفع إلى توجيه الانتقادات لشركة بليرمور للاستثمار، وأنه جرى تأسيسها للتهرب من سداد الضرائب المستحقة، مشيراً إلى أن الشركة كغيرها من آلاف الصناديق الاستثمارية الأخرى تتعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يرغبون في الاستثمار في الأسهم والشركات المقومة بالدولار.
وتباينت ردود فعل النواب عن حزب العمال بشأن تصريحات كاميرون خلال المقابلة التلفزيونية له، حيث علق بول فلين على تصريحه بشأن مبلغ 300,000 إسترليني التي ورثها عن والده الذي استفاد من الملاذات الضريبية، متسائلاً عن السبب وراء تأخر الإعلان عن الحقيقة، في حين قال العضو المنتخب في لجنة الخزانة ويس ستريتينغ، إن ديفيد كاميرون اعتاد الحديث عن أنه لا يوجد ما يخفيه، ومن ثم لماذا استغرق الإعلان عن الحقائق أياماً.
وكان أيان مور قد تمّت تسميته في التسريب الهائل لما يزيد عن 11 مليون ملف من ملاذ بنما الضريبي، فقبيل رحيله كان المضارب السابق في سوق الأوراق المالية يمتلك ما يزيد عن 6,000 سهم في صندوق جيرسي الذي ساعد في إدارته، وقد تركت الأصول في جيرسي لوالدة رئيس الوزراء ماري العام 2010، ما ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية استفادة كاميرون من هذه الأصول في شكل ميراث.
أرسل تعليقك