الخرطوم - محمد إبراهيم
توافد آلاف الإسلاميين في العاصمة السودانية، الخرطوم ليل السبت، تقدر أعدادهم بنحو 3 آلاف لحضور ليلة فكرية عن عراب الحركة الإسلامية في السودان وتدشين كتاب عن الراحل حمل عنوان "الترابي.. الأثر الباقي" عبارة عن مجموعة من الكتابات المنشورة في الصحف والمجلات المحلية والإقليمية والدولية كُتبت بعد وفاة الترابي.
وشارك في الندوة عدد من المفكرين الإسلاميين على رأسهم المفكر الموريتاني محمد مختار الشنقيطي، ومستشار رئيس الوزراء التركي، عمر الفاروق قرقمار والمُفكر السوداني المحبوب عبد السلام، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل، وتحدث المشاركون في الليلة عن إسهامات الزعيم الإسلامي الراحل الفكرية والسياسية، مطالبين باستمرار أفكار الترابي من خلال تلاميذه المنتشرين في مختلف البلدان.
وقال مستشار رئيس الوزراء التركي، عمر الفاروق قرقمار، في كلمته إن كثيرا من الشخصيات لم تستطع فهم "الترابي"، وأشار إلى أن الترابي فقيه وقانوني في آن واحد، وأضاف "الترابي لم يفهم في السودان كما ينبغي".
وقال المفكرالسوداني المحبوب عبدالسلام، الذي يصنف كأحد أبرز تلامذة الترابي المقربين، إن أولى القضايا التي كتب عنها الراحل كانت المشكلة الدستورية وأشار إلى أنه ظل يكتب عنها إلى أن توفي، مشيرا إلى أن السودان لا يزال يعاني منها.
وأعلنت اللجنة المنظمة للبرنامج والتي تضم عددا من تلامذة الترابي والمفكرين وأسرة الراحل عزمها إنشاء "مؤسسة الترابي للتوحيد والتجديد"، لتقوم بطباعة كتب الترابي، وإقامة مؤتمرات عالمية دورية لنشر أفكار الراحل، كما تقوم المؤسسة بإنشاء كراسي أكاديمية في المؤسسات الجامعية لمنقاشة أفكار الترابي من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه.
وشارك في الليلة أيضا قيادات بارزة في الحكومة على رأسهم مسؤول ملف دارفور أمين حسن عمر سفير السودان في جنيف مصطفى عثمان إسماعيل، ووزير المالية السابق علي محمود، بالإضافة إلى رئيس حركة "الإصلاح الآن" المُعارض غازي صلاح الدين والقيادي في الحزب الشيوعي السوداني د.عبدالله علي إبراهيم الذي ألقي كلمة عن الراحل الترابي وجدت استحسان الحضور وقال إنه تلميذه في أدب الاختلاف.
ويعد الترابي من أشهر قادة الإسلاميين في العالم وأحد أبرز المجتهدين على صعيد الفكر والفقه الإسلامي المعاصرين، وله العديد من الكتب في تفسير القرآن وأصول الفقه، وأخرى في مجالات الإصلاح الإسلامي والسياسي.
ويعتبر الأب الروحي للحركة الإسلامية في السودان، وظل طوال حياته محور جدل متعاظم بسبب آرائه الفكرية والدينية المثيرة، ومواقفه السياسية خاصة بعد أن توجها بالوقوف وراء الانقلاب العسكري الذي أتى بالحكومة الحالية في العام 1989، والإطاحة بالعهد الديمقراطي الذي كان على رأسه صهره الصادق المهدي، ولم يلبث أن اختلف الترابي مع تلاميذه في العام 1999، فانقسم إسلاميو السودان ما بين مشايع للترابي ومؤيد للرئيس عمر البشير، وظل الترابي في صف المعارضة لنحو 15 عاما، قبل أن يقرر تبديل موقفه والقبول بدعوة الرئيس عمر البشير للحوار في يناير من العام 2014، وانخرط في الحوار بكل وأظهر تأييده لكل خطواته متذرعا بضرورة تجنيب السودان الانزلاق إلى دوامة عنف على شاكلة ما حدث في بلدان عربية عديدة، وحرص الرجل على أن يختم حياته بدعوة السياسيين في السودان للوقوف على أرضيات مشتركة تنهي أزمة البلاد، إلى أن توفي في مارس من العام 2016 عن عمر ناهز الـ84 عاما.
أرسل تعليقك