بكائيات الوداع الأخير يعدُّ الديوان الرثائي الأول في الوطن العربيّ
آخر تحديث GMT07:25:47
 لبنان اليوم -

الشاعرة الفلسطينيّة إيمان مصاروة لـ"العرب اليوم":

"بكائيات الوداع الأخير" يعدُّ الديوان الرثائي الأول في الوطن العربيّ

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "بكائيات الوداع الأخير" يعدُّ الديوان الرثائي الأول في الوطن العربيّ

الشاعرة إيمان مصاروة
القدس ـ مها عواد

 كشفت الشاعرة الفلسطينيّة إيمان مصاروة أنها تنتظر طباعة دراسة العلمية عن "اللفظ في الشعر النسائي الفلسطيني"، و وديوان شعر، إضافة لعدد من المخطوطات التي تنتظر دورها بالنشر، مشيرة إلى أنَّ "بكائيات الوداع الأخير" يعدُّ الديوان الرثائي الأول في الوطن العربيّ.

 وأضافت إيمان، في حديث إلى "العرب اليوم"، "نشرت أخيرًا دراسة عن القدس في الشعر العربي، حصلت على المرتبة الثالثة ضمن مسابقة نظمها اتحاد الكتاب الأردنيين، وبرعاية وزارة الثقافة، صدرت 2014 عن دار الجندي في القدس، والحاصلة على أحسن دراسة عن القدس في مهرجان زهرة القدس للعام 2014".

وتابعت "أعكف على دراسة تحليلية عن شعراء مغاربة، ضمن برنامج التواصل الثقافي العربي، الذي تم مع مؤسسة مدارات الثقافية في المغرب، وكتاب تحليلي أخر لعدد من الشعراء".

وفي شأن الجديد الذي حمله ديوان "بكائيات الوداع الأخير"، أوضحت "يعتبر هذا الديوان الرثائي الأول في الوطن العربي لشاعرة ترثي فيه زوجها وأختها، اللذان رحلا خلال فتره قصيرة، لم تتجاوز العشرين يومًا فيما بينهما، فكان لرحيلهما الأثر الكبير على هذا الكم من قصائد الرثاء، التي كتبت خلال فترة قصيرة، لم تتجاوز الشهر بعد رحيلهما".

وتابعت "العنوان يدل على القصائد وفحواها كافة، فهي قصائد رثاء في غالبها، وحملت عمق الجرح والدموع والحزن والوحدة والوداع بلا عودة، حيث لم يتبق لنا إلا الذكرى الذي سببه هذا الرحيل، وعادت بي للوراء أعوامًا طويلة، لسن الطفولة، مع ذكراي وأختي التي رحلت في سن مبكرة، بعد معاناتها لمرض العضال الذي استمر عشرون عامًا، أما زوجي، الذي رحل للسبب نفسه، فاستمر مرضه تسعة أعوام، كنت لحظة بلحظة أتابعه، مما ترك الأثر الأكبر، لاسيما أنَّ طفلاي عمري وروشان لا زالا بسن الطفولة، وفقدا الوالد، وأصبحت مطالبة بأن أسد هذا الفراغ".

وأشارت إيمان إلى أنّه "حين اخترت عنوان الديوان احترت في اختياره، أو اختيار عنوان (كفن المراثي)، وحتى لا يتشاءم القارئ، وقع اختياري على البكائيات، الذي يعكس الحزن، لكن ليس إلى حد الكفن، وباعتقادي نجحت في العنوان بسبب تساؤل الكثيرين عنه، والوداع هو الأصعب على الإطلاق، إن كان بلا عودة، وهنا أنا وطفلي عمري وروشان نودع الزوج، الذي رحل باكرًا عنا كأسرة وتركنا نصارع قسوة الحياة وليس هناك شيء مؤلم أكثر من نحيب العمر، وهو عنوان قصيدة جاء فيها

تُودّعُنا اللّيالي تَكتسينا

بِلَونٍ فاضَ في

مَنفَى السؤالِ

وقد أَروَيتُ

أطفالِي يقيني

وبِتُّ ألوذُ

بالدّمعِ المُبالي

عليٌّ فيكَ نصفُ

العمرِ وَلَّى

ووَلَّى

النِّصفُ يتبعُه خيالي

أفِقْ يا موتُ

علِّي ألتقيهِ

وألقى ما نَسِيتُ مِن

الجمالِ

كذكرايَ اليتيمةِ

بِتُّ أُسبَى

وأُنحرُ

بالجهالةِ لستَ سالِ

فقُم يا موتُ

واصفَعْ فيَّ دمعي

ورتِّلْ للمَدى".

وبيّنت الشاعرة الفلسطينيّة "الحزن أو الفرح شعور لا يقرره الشخص، وأي كان قدره وانعكاسه كبيرًا أم صغيرًا، وهذا الحزن الذي يجتمع عليه الشاعر الإنسان والمرهف"، مشيرة إلى أنّه "من الصعب أن نترجم ذلك عمليًا بغير تلك الكلمات التي تشرح مكنونات الفاقد لأعمق درجات الحزن، وهذا ما حصل معي، علمًا أنني كنت على ثقة بأن الرحيل لا بد منه، في مثل هذه الحالة المرضية، وأنني أؤمن بأن الموت حق، ولكن تقبل الرحيل بحد ذاته يختلف من شخص لآخر، ولا أخجل بأن أقول أنَّ أثره لا زال ومنذ أكثر من عام ونصف وكأنه اللحظة، الحياة ستستمر، ولا يمنع ذلك من بصيص أمل والتوكل على الله عز وجل".

واستطردت "طغت الحالة الخاصة لي على الحالة العامة للشاعر، في بكائيات الوداع الأخير، ولا يخجلني أن كل كلمة في الديوان عكست حالتي وشعوري، ولكن ربما في المقابل تعبر أيضًا عن الغير ممن يكبتون هذا الإحساس، الفقد والوداع في مكنوناتهم".

 وعن الصعوبات التي تواجهها إيمان مصاروة كامرأة من ناحية الرعاية الأدبية، أكّدت "نحن في أمس الحاجة لاحتضان من جهة رسمية، لا تكاد تكون موجودة إلا بالاسم، وأستطيع القول أنه ومن حظي أن قامت أميرة الشارقة هند القاسمي بطباعة دراسة على نفقتها الخاصة (القدس في الشعر العربي)، وديوان شعر حمل عنوان (دموع الحبق)، أما في وطننا الحبيب، لم نجد ثمة من يسأل عن إبداعاتنا إلا بعد معاناة طويلة، وكما حصل معي في دراسة أثر الاحتلال الإسرائيلي على التعليم في القدس، بعد أن بقيت مدة عام ونيف في وزارة الثقافة الفلسطينية لتأخذ دورها، لأنها تعنى بشأن هام في المدينة المقدسة، وإن كانت غير ذلك كانت ستأخذ أعوامًا عدة".

وتابعت "دون أدنى شك نواجه الكثير من المعوقات في مسيرتنا الأدبية،وكل ذلك وكما أعلم أن لا ميزانية كافية لاتحاد الكتاب والمؤسسات الثقافية الرسمية الأخرى، وهذا بالتأكيد ينعكس سلبًا على مبدعينا، سواء كانوا ذكورًا أم إناث، في الوقت الذي كثرت فيه المسميات الثقافية هنا وهناك، والعمل الفردي دون التنسيق، وانعكست قضية الشللية والعلاقات غير المنصفة، مما أدى إلى تراجع الحركة الثقافية بمستواها، على الرغم من الحراك الثقافي الواسع الذي تشهده الأراضي الفلسطينية، والعالم العربي، حيث يقف مبدعونا الكبار متفرجين، لأن الدعوات ترسل بصورة شخصية وليست رسمية".

 ورأت الشاعرة أنَّه "لا يجب أن يكون هناك فصل بين الحركة الإبداعية النسائية أو غيرها، أؤمن أن الإبداع هو من يفرض نفسه على المتلقي، سواء كان أديبًا أو أديبة، شاعرًا أم شاعرة ، فأنا ممن يعارض هذا الفصل الإبداعي، لاسيما أنَّ الإحساس الذي يكتب فيه الشاعر هو وحده من يقرر عمق النص وصدقه، وعمق كلماته، والمتلقي من يقرر بعيدًا عن التحيز والدلالة".

وأبرزت أنَّ "هنالك أعلام نسائية إبداعية نعتز بها، كفدوى طوقان ونازك الملائكة ومي زيادة، وغيرهن، الشاعر الحقيقي هو من يعيش هموم شعبه لحظة بلحظة وبالتأكيد كان حضوري ظاهرًا في الأحداث الأخيرة التي نشرت فيها عشرات القصائد على شبكة التواصل الاجتماعي، وفي المواقع الإلكترونية والمكتوبة أيضًا، وكنت كرمت على قصيدة لغزة، في مسابقة شعرية شاركت فيها، حملت عنوان كلنا غزة، وجاء فيها

 مدّي على طرفِ الظلالِ نحيبا

واستنطقي وجعاً أتـــاكِ مجيبا

هو ذا يرتلهُ الوجـــودُ نبوءةً

أدرتْ جحيمَاً في دجــاكِ مهيبا

ما العيدُ إن عادَ اللئامُ وأفسدوا

في الأرضِ بطشاً لايرى تأنيبا

ياعيدُ عدْ نصــراً لأُمةِ أحمدٍ

سكبتْ من القلبِ المجيبِ لهيبا

ياغزةَ الأحرار إنـــكِ رايـــةٌ

فينا تشقُ من المحـــالِ عصيبا

يومَ انتصاركِ يولدُ العيدُ الذي

من بوحِ دمعكِ ينتشيكِ مصيبا".

وأوضحت إيمان، في شأن كتابها الثاني "القدس والشعر العربي"، أنّه "دراسة علمية توثيقية، تعد الأولى التي رصدت مئة عام على القدس في الشعر العربي، لاسيما أنّ المدينة تحظى ومن القدم بمكانة أدبية في تاريخ الأدب العربي، فهي أيقونة مقدسة، وذات مكانة دينية رفيعة، فلا غرابة أن الشعراء تناولوها من العصر الإسلامي إلى يومنا هذا، لكن مع غياب خطة إستراتيجية ثقافية عربية أدى إلى تهميش مكانة القدس أدبيًا، وكانت القصائد في الدراسة قد أوضحت فرق وعمق الحروف التفصيلية، التي تحدثت عن ألمها وفرحها تاريخها وحزنها تلك التفاصيل الصغيرة التي رسمها الشاعر العربي، ودون تكلف، الذي عاش بأحاسيسه، وكما لمسناه من شعرائنا العرب الذين عايشوا الفلسطيني

المناضل في وطنه، علمًا أنّ الشاعر الفلسطيني كتب عن جراح وطنه المغتصب إلا أنه لم يتجاهل أو ينسى المدن العربية الأخرى".

واستطردت "كان لأدب المقاومة الدور الأكبر في عكس هذه الحالة والذي أوجدته الظروف ونيران الحروب ولا زال حتى يومنا هذا، وما يميز قصائد القدس التي تناولها العرب إنها تعدت الحالة الكلاسيكية الاعتيادية لتخرج إلى مستوى تطور الحالة التي تعيشها القدس على مدار عشرات الأعوام، حيث تنوع التناول الشعري بما يقتضي تنوع الدوافع واللغة والأسلوب التي تعبر عن المدينة المقدسة والشيء الأهم المساهمة في التأكيد على العلاقة التاريخية بين القدس ودولنا العربية والإسلامية، وما تحمله من دلالات قومية وعقائدية".

يذكر أنَّ ابنة الجليل والقدس صقلت سنابل كلماتها في مدينة السلام، بعد أن ارتبطت بسن مبكرة، وانتقلت للعيش بها مع أسرتها، فعاشت حياة الزهد الإبداعي، وحصلت على درع تكريمي من متحف أحمد شوقي في العاصمة المصرية القاهرة، في حزيران/يونيو الماضي، ودرع تكريمي من ملتقى تاج الثقافة في العاصمة الأردنية عمان، في 11 أيلول/سبتمبر 2014، لتنظيمها مهرجان تأبيني للشاعر الراحل الكبير سميح القاسم .

 ولدت وترعرعت في الجليل، وتزوجت واستقرت في مدينة القدس، عملت في العديد من وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة المحلية والعالمية، وعلى رأسها صحيفتي الصنارة، وكل العرب، والعودة المقدسية، ووكالة قدس برس، وراديو بيت لحم الفين، وتلفزيون وطن، ومراسلة لتلفزيونات ووكالات دولية عدة.

 وعملت إيمان مديرة لدائرة الأبحاث في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، أعدت خلال فترة العمل ثلاث دراسات علمية متخصصة، وعشرات التقارير الصحافية المحلية، وأخرى مترجمة عن اللغة العبرية، فيما أضافت لرصيد خبرتها الإعلامية العمل كمراسلة لوكالة وفا في مدينة القدس.

 وحصلت على العديد من الجوائز التقديرية سواء على مستوى الوطن أو العالم العربي، إضافة لوجودها ضيفة شرف لعشرات الأمسيات الشعرية، وتم تكريمها في مناسبات عدّة، على مشاركتها ومساهمتها في إثراء الحركة الثقافية المحلية والعربية.

وصدر لها أخيرًا كتابان، ديوان "بكائيات الوداع الأخير"، ودراسة "القدس والشعر العربي".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكائيات الوداع الأخير يعدُّ الديوان الرثائي الأول في الوطن العربيّ بكائيات الوداع الأخير يعدُّ الديوان الرثائي الأول في الوطن العربيّ



GMT 08:47 2024 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

شاعرات يتحدثن عن آخر أعمالهن في ضيافة دار الشعر بتطوان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon