لا تتوقف الالتهابات الشعبية التي تحدث للمدخنين إذا لم يتوقف عن التدخين، ولكي نعرف العلاقة بين "التَّدخينِ" و"النَّزلةِ الشُّعبية" لابدَّ أن يتوقف التدخين ستة أسابيع كاملة توقفًا تامًّا، وفي الوقت نفسه التوقف عن كل علاج للسعال والبلغم حتى يعرف النجاح الذي أحرز من وقف التدخين وحده.
ومن تجاربنا الكثيرة اتضح أن الشبان الصغار الذين يدخنون بكثرة تفارقهم أعراض الصدر جميعًا خلال أسبوعين من توقفهم عن التدخين.. وخلال ستة أسابيع فجميع الاختبارات الفسيولوجية التي سبق أن بيَّنت أوجه الضرر والانسداد الشعبي الناتجة عن الالتهابات الشعبية المزمنة تذهب ويرجع التنفس إلى طبيعته.
وقد جرى بحث وتقرير عن حالات من النزلات الشعبية الشديدة في المدخنين قبل وبعد ستة أسابيع من انقطاعهم عن تدخين أي سيجارة فكانت النتيجة كما يلي:
- رجل عمره (42 سنة) يعمل في الصناعة، ويدخن ثلاثين سيجارة في اليوم. ففي مدة خمسة عشر سنة من ذلك نشأت له نوبات من السعال مع بلغم، وقد زادت الحالة شدة في السنة الأخيرة، وبالفحص السريري لم يوجد سوى نقص في أصوات التنفس على كلتا الرئتين (بالسماعة).
- وبالأشعة وجد القلب صغيرًا طبيعيًّا، والحجاب الحاجر يتحرك 9ر6 سم 3 في اليمين، و9سم 3 في الشمال، ولو أن حركة الحجاب الحاجر ضعيفة وبطيئة عن البدء بالتنفس وتزيد مع التنفس.
- وقد عُمل جدول عُرف منه أن الطاقة الحيوية في التنفس زادت بعد ستة أسابيع من 51% إلى 82% إذا أخرج النفس بقوة بعد ثانية واحدة. وكان أساس رجوع الرئتين إلى طبيعتهما الأولى = إبطال التدخين فقط بدون علاج آخر معها مثل: "الأفدرين" الذي يوسع الشعب، أو المضادات الحيوية كـ"البنسلين" أو الأمزجة الصدرية.
تدخين السجائر:
ولتدخين السجائر آثار عامة على الجهاز التنفسي أهمها:
1- زيادة إفراز المخاط.
2- توقف النشاط الشعيري في إخراج البلغم.
3- زيادة تقلص العضلات الصغيرة المحيطة بشعب الهواء.
4- توقف نشاط البلاعيم (خلايا أكالة) الموجودة في الحويصلات الهوائية.
5- تغيرات في الغشاء المخاطي المغطي للقصبة الهوائية والشعب الهوائية.
وهذه الآثار تثقل الرئة بالإفرازات الغريبة وتقلل من الحركة الشعرية للأهداب الموجودة على سطح الخلايا المبطنة للقصبة الهوائية والشعب الهوائية، والتي تعمل كمكانس للغبار والأوساخ.. وبالتالي تتعطل عملية التخلص من الأتربة والأوساخ التي تدخل الرئة وتقل كمية الهواء النقي الداخلة للرئتين، ويصعب إخراج النَّفس ويحدث السُّعال، ويتعرض الجهاز التنفسي للإصابة بالبكترية.
وكذلك فإن نسبة الوفيات في الشبان الصغار الذين يدخنون نتيجة الالتهابات الرئوية أكثر بكثير مما يحدث لمن لا يدخنون.. وعلى هذا فمعظم هذه الآثار الضارة تتعارض مباشرة مع تأثير العلاج، وكما سبق أن قلنا فالتوقف عن التدخين قد يحدث وحده آثار عجيبة في التخلص من أعراض السعال وضيق التنفس، وينتج تحسينات محسوسة في وظيفة الرئتين، كما يقلل الالتهابات الميكروبية في الجهاز التنفسي.
وبالرغم من هذه الحقائق فالعقبات لإبعاد هذا العنصر الخطر عن المدخنين كثيرة، فالمرضى يحاولون المجادلة بأن الهواء نفسه ملوث بدخان المصانع والسيارات.. الخ. ولكن تدخين السجاير يكون أكثر تلويثًا للرئة بملايين المرات من أشد الأجواء امتلاءً بالدخان.
و160 مرة أكثر تركيزًا من الجوِّ السليم لمصنعِ سَمِّ السيانيد.
و50 مرة أكثر تركيزًا من الجوِّ لديأكسيد النتروجين.
و420 مرة أكثر تركيزا من الجو الملائم لأول أكسيد الكربون.
والمواد العضوية الموجودة في الدخان تترسب في الرئتين وتخزن في الخلايا الأكالة (البلاعيم = ماكروفاج).
ولاشك أن ضرر الدخان لا يتساوى بين جميع المرضى، فالأبحاث الحديثة عن داء النفاخ (انفيزيما) تؤكد الأثر الوراثي لنقص الأنزيم (ألفا أنتي تريسين Elphaentytrisin) مما يجعل أناسًا أكثر تعرُّضًا للأخطاء من بقيَّة الناس لداء النفاخ.
فالايفزيما تتزايد في المدخنين الذين يرثون هذا الاستعداد في حين أن الآخرين يكونون في حمى من هذا النقص الوراثي.
وقد يهمك أيضًا:
علماء يكتشفون علاج يمنع سقوط شعر مرضى السرطان
تقرير أميركي حديث يكشف عن "مرض نادر" مرتبط بـ"السجائر الإلكترونية"
أرسل تعليقك