لندن - سليم كرم
التقى الطلاب والأكاديميون من مختلف أنحاء انكلترا وويلز في جامعة كاردييف مؤخرًا بمناسبة الذكري السنوية العاشرة لمشروع براءة الجامعة لمناقشة بعض الحالات الأكثر تعقيدًا في النظام القانوني البريطاني، وكانت نحو 30 جامعة تساعد ضحايا إساءة تطبيق العدالة المزعومين لتبرئة نفسها، ومر نحو 12 عامًا على إطلاق مشروع البراءة الرائد إلى جامعة بريستول إلا أن إدانة واحدة تحولت إلى نقطة قوة للالتحاق في الجامعة.
وكان لدى الطلاب الكثير لمناقشته في الجلسات الجانبية لمؤتمر كارديف وطرح الطلاب تساؤل عما إذا كانت مشاريع براءة الجامعات تخلق أملاً كاذبًا؟، وذكر أحد الطلاب " وضع السجناء أملهم فينا فنحن ملاذهم الأخير"، وروت طالبة من جامعة أخرى قصة مأساوية لكنها متكررة عن شريكها السجين، حيث اقتربت من أحد المواقع المتخصصة في الطعون الجنائية إلا أن الموقع طلب 60 ألف أسترليني قبل النظر في القضية، وأضافت الطالبة " اضطرت عائلته إلى رهن المنزل، وربما يكون السجين بريء إلا أن الواقع يشير إلى ضعف احتمال نجاح الاستئناف".
ويعاني المدانون بالخطأ من قلة الأماكن التي يمكنها مساعدتهم، فليس هناك سوي عدد قليل من المحامين الذين يقبلون هذه القضايا ذات الأجور الزهيدة، كما أن منظمة مراقبة تطبيق العدالة تعاني من نقص التمويل نتيجة زيادة الاكتتاب الواسع، وتعاني لجنة مراجعة القضايا الجنائية (CCRC) من تخفيض النفقات نتيجة التقشف أكثر من أي جزء أخر من نظام العدالة الجنائية، حيث تم تخفيض ميزانيتها خلال عشر سنوات مضت بنسبة الثلث مع زيادة عبء العمل بنسبة 70%.
وتعاني حركة مشاريع البراءة ذاتها من حالة من الفوضى عقب حل مجموعة شبكة البراءة البريطانية عام 2014، حيث سحب مؤسس المجموعة الدكتور مايكل نوتون، مكونات الخطط، متهمًا بعض الجامعات باستخدام مشاريع البراءة كأداة توظيف لجذب الطلاب للدراسة بهم، فيما تخلت بعض الجامعات عن الشبكة من قبل، بسبب مخاوف حول نقص المسائلة الديمقراطية فضلاً عن انخراط المشروع في حالة من الاقتتال الداخلي، وعند سؤال رئيس لجنة مراجعة القضايا الجنائية (CCRC) ريتشارد فوستر الشهر الماضي عن قيمة المشاريع الجامعية أجاب " إذا كنت تعاني من مرض خطير هل تدع حالتك محل نظر طلاب الطب أو ترسلها إلى طبيب استشاري؟".
وأفادت لجنة مراجعة القضايا الجنائية (CCRC) أن مشاريع براءة الجامعات حققت مع 25 طلبًا فقط من 6 جامعات وأصبحت جامعة كاردييف مسؤولة عن ما يقرب من نصف المجموع الإجمالي، وكانت جامعة كاردييف في بريطانيا أول جامعة بريطانية لديها قضية مُحالة إلى المحكمة للاستئناف بنجاح، حيث ألغيت إدانة دواني جورج في ديسمبر/ كانون الأول عام 2014.
وأوضحت باحثة الدكتوراة من جامعة كاردييف والتي عملت على مشروع البراءة لمدة 7 أعوام، هولي غرين وود (28 عامًا)، ويتركز بحثها بتمويل من ESRC على صعود وهبوط حركة مشاريع البراءة " تحكم لجنة (CCRC) على مشاريع الجامعة بناءً على الطلبات التي تم تقديمها ولكن هناك طرق أخرى للنظر في الأمر، والأرقام ربما لا تروي القصة بأكملها، والناس الذين يأتون إلينا هم من رفضهم المحامون ولجنة (CCRC) ولذلك فنحن نبدأ من نقطة صعبة للغاية".
وتتعرض لجنة (CCRC) إلى بعض التحديات مثل أي شخص أخر، ففي العام الماضي تلقت لجنة(CCRC) في برمنغهام 1599 طلبا لكنها أعادت فقط 36 حالة إلى محكمة الاستئناف، وهو ما يمثل 2.2% من العدد الإجمالي، ولا يحصل السجناء المدانون على عفو أو ظروف أفضل، وأثار أريك أليسون من الجارديان مؤخرًا " ليس هناك معنى بأن الكثير يقولون إدعاءات كاذبة".
ويجب أن تعمل الجامعات و لجنة (CCRC) في نظام العدال الجنائية مع محكمة الاستئناف والتي فشلت في السيطرة على حالات إساءة تطبيق العدالة، ووردت مثل هذه المخاوف من قبل العديد من الشهد الذين مثلوا أمام لجنة العدالة في مجلس العموم العام الماضي، وكتب البروفيسور دينيس إيدي والبروفيسور جولي برايس من مشروع البراءة في جامعة كاردييف وبعض الأكاديميين والنشطاء والمحامين "أصبحت اللجنة هيئة تصفية قدمت عقبات إضافية وعززت التعنت التقليدي لمحكمة الاستئناف"، وقبل مجلس النواب هذه النقطة ودعا لجنة القانون إلى إعادة النظر في أسباب سماح محكمة الاستئناف بالطعون، إلا أن مايكل غوف وزير العدل وأحد المستشارين رفضوا التوصية.
وشهد المؤتمر الذي عُقد مؤخرًا في جامعة كاردييف إعادة تجميع لحالات العمل لدى الجامعات، وربما يحدث بعض الاضطراب إلا أن الجامعات العالقة مع هذا المفهوم عليها الإلتزام في هذا العمل المهم واكتشاف الاختلاف وطرق أكثر فعالية للعمل، وعلى سبيل المثال تعمل 6 جامعات بالتعاون مع مركز جديدة للاستئناف الجنائي (CCA)، بينما تعمل جامعة إسيكس مع منظمة "العدالة الداخلية" وهي وحدة أقامتها وحدة التايمز الداخلية للتحري عن حالات إساءة تطبيق العدالة عام 2010.
وأسست إيميلي بولتون مؤسسة (CCA) مشروع براءة نيو أورلينز والذي ساهم في تحرير 25 سجينًا بريئًا، وذكرت بولتون " المسألة مسألة وقت، ونوعية القرارات التي تتخذها محكمة الاستئناف ترتبط في الوقت المستغرق للتحقيق في الخطأ الذي حدث في القضية مسبقًا، وتحتاج حركة البراءة بالطبع إلى طاقة وحماس الطلاب، إلا أنه يجب قيادة وتوجيه هذا الحماس بواسطة المحققين والباحثين والمحاميين أو الصحافيين"، وليس من الغريب أن جامعة كاردييف التي لديها موظف متفرغ لمتابعة القضايا وهو دينيس إيدي حققت أعلى رقم في طلبات لجنة (CCRC).
وأوضح طالب القانون في جامعة شيفيلد كريس موسغيف (22 عاما) " ألهمتنى هذه الحالات لأكون محامي دفاع جنائي، إنه شيء أتحمس للحصول عليه"، وعمل كريس على حالة "سوزان ماي" التي أدينت في قتل خالتها لكنها دومًا ما تقول أنها بريئة، وسلطت الغارديان الضوء على حالتها على مدار أعوام، وأضاف كريس " تعتبر برائتها واضحة بشكل صارخ، وأحيانا كانت رائعة وأحيانا مروعة".
وقضي كريس ثلاثة أشهر في مركز الإدانات الخاطئة الذي تديره كلية الحقوق في جامعة نورث وسترن، وفي عامه الأخير قبل التخرج كتب كريس ورقة بحثية تنظر في المناهج المختلفة لإساءة تطبيق العدالة في بريطانيا والولايات المتحدة، وخلص كريس إلى " لدينا نظم يهتم بعضها في الحفاظ على إساءة تطبيق العدالة من خلال العقبات الكبيرة لإبطال الإدانة"، وزعم كريس أن تصريحات ريتشارد فوستر الأخيرة مثبطة للهمم، موضحًا " لم أراجع قضية في بار ولا أعرف أي طالب في أي جامعة اتخذ الأمر في عدم جدية".
وتعتقد بولتون أنه أصبح من الواضح أن لجنة (CCRC) غير قادرة على وضع الوقت اللازم للحالات التي تراجعها، مضيفة " تخميننا أنه يتم العمل في متوسط 50 ساعة عمل في القضايا القوية على مدار عامين، إذا كنت مريض سرطان لن أرغب أن تكون مواعيد الاستشاري غير جادة".
أرسل تعليقك