بيروت ـ لبنان اليوم
يعتقد ان ما يسمعه على لسان المسؤولين وما يقرأه من مواقف لا يمكن ان يكون واقعاً ، فدرجة “الفجور” بلغت حد الاستثمار في محرقة بشرية ارتكبوها بدم بارد فاق كل التوقعات.وعوض استقالة السلطة، كل السلطة السياسية من دون استثناء، وافساح المجال للأكفياء والخبراء ونظيفي الكفّ لتنظيف “وسخهم” على مدى ثلاثة عقود، يمضون بممارساتهم ونشاطاتهم الاعتيادية وكأن شيئا لم يكن، يستمعون يوميا الى تقريع الدبلوماسيين الاجانب، مراهنين على ذاكرة اللبنانيين القصيرة وما تبقى من مناصريهم ومحازبيهم من جماعة “بالروح بالدم…”
في آخر حلقات مسلسلهم التراشقي الطويل، ذهب اهل السلطة الى تحميل مصرف لبنان وزر كل ما يجري من صراع واشكالات بين المواطنين على نقطة البنزين وغالون المازوت، بما فيها انفجار التليل الدموي، وتحديدا الى الحاكم رياض سلامة بذريعة انه اقفل حنفية الدعم المفتوحة عن المحروقات التي استنزفت 820 مليون دولار خلال شهر، لتُهرب المحروقات الى سوريا وتخزّن في مستودعات تبين انها تابعة بمعظمها لاحزاب السلطة الحاكمة الفاسدة، بعدما داهمها وضبطها الجيش. وبما ان سلامة هو حاكم مصرف لبنان وليس مصرف سوريا ولبنان، فقد اتخذ القرار الجريء بوقف استهلاك مال اللبنانيين لمصلحة غير اللبنانيين والمحتكرين المتاجرين بدماء اخوتهم في الوطن من اجل حفنة من الدولارات، او في سبيل دعم نظام يقاتل شعبه، فقامت دنيا السياسيين ولم تقعد خصوصا من فريق العهد الذي فتح نيرانه في اتجاه سلامة علّه يقنع الرأي العام بأنه “بريء من دم هذا الصديق” وان المسؤولية تقع كاملة على من اوقف الدعم، حيث اعلن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ان سلامة هو حاكم مصرف لبنان وليس حاكم الجمهورية”.
اوساط مصرفية واقتصادية تجزم عبر “المركزية” ان لا تراجع من قبل المصرف المركزي عن قرار رفع الدعم خصوصا ان الحاكم سبق وحذر من فقدان احتياطي المركزي، وابلغ المسؤولين بذلك بعدما لفت النظر تكرارا وفي اكثر من مناسبة واجتماع الى خطورة المرحلة ووجوب عدم المسّ باحتياطي المركزي وحدد شهر اب الحالي لذلك .وعلى رغم اعلانه انفاق 820 مليون دولار خلال الشهر الاخير على المحروقات واستمرار فقدانها من السوق لم يحرك اي مسؤول ساكنا لفتح تحقيق في وجهة هدرها او تهريبها، علما ان المبلغ يكفي لتغطية فاتورة المحروقات لثلاثة اشهر.
وتوضح الاوساط ان مجلس ادارة مصرف لبنان المؤلف من شخصيات محسوبة على تيار السلطة وعلى حكومة حسان دياب هو الذي اتخذ قرار وقف الدعم. فلماذا لا يسأل باسيل والمعترضين على القرار هؤلاء عن موقفهم وخلفياته؟وهل هم من ينفذون المؤامرة الدولية بالحصارالاقتصادي على العهد؟ وتؤكد “ان الاحتياطي الالزامي ليس لـ”المركزي” ولا لرياض سلامة، بل ملكية خاصة للمودعين لا يمكن ولا يحق لاحد التصرف به لانه يحتاج الى تعديل دستوري كما اعلن الحاكم في مقابلته الاخيرة. وحتى لو صدر قانون باستخدام الاحتياطي الالزامي فسيكون مخالفا للدستور ويمكن الطعن فيه امام المجلس الدستوري.
وتختم الاوساط بدعوة السلطة السياسية والحاملين على مصرف لبنان الى اداء واجبهم والمسارعة الى تشكيل حكومة تنقذ البلد من الحال المأسوية التي اوصلوها اليها عوض المضي في سياسة القاء التهم على الآخرين لانها باتت ممجوجة ولم يعد لها من مكان في عقول اللبنانيين.
قد يهمك أيضا
الادعاء على حاكم "مصرف لبنان" بشأن سوء إدارة الدولار المدعوم
تدقيق سويسري بتحويلات حاكم "المركزي"
أرسل تعليقك