في دراسة نشرها معهد "بروكنز"، رأى السفير الأميركي السابق إلى لبنان جيفري فيلتمان، إن الاحتجاجات في لبنان تظهر "بعض التصدعات على واجهة حزب الله التي لا تقهر".
وكتب فيلتمان قائلاً إن الاحتجاجات في لبنان "بينت أن ما كان غير وارد في السابق قد يصبح الآن ممكنا. إذ يبدي وكلاء إيران وسوريا في لبنان، بعد سنوات من التضامن، إشارات تباعد أولية، مع نزول متظاهرين شيعة حتى إلى الطرقات ومع عدم الانصياع لدعوات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالتفرق"، مشيراً إلى أنّ "الانتقادات ضد "حزب الله" تتزامن مع ازدياد الدعم الشعبي للجيش اللبناني".
ورأى الديبلوماسي الأميركي السابق أن "هذه التوجهات واعدة، مع أنها ناشئة وهشة، وتتماشى إلى حد كبير مع المصالح الأميركية"، معتبراً أنّ هذا شكل فرصة للأميركيين "لكن عوضا عن تعزيزها، قام البيت الأبيض، في قرار أتى توقيته بشكل غير مناسب على الإطلاق، بتعليق مساعدات أمنية بقيمة 105 ملايين دولار للمؤسسات ذاتها التي تحدت مطالب حزب الله بإنهاء التظاهرات".
وأكد فيلتمان أن هذه الخطوة التي اتخذتها إدارة ترامب تعطي لدمشق وطهران على حد سواء هدية تقديم رسالة موحدة موجهة إلى اللبنانيين حول عدم موثوقية الولايات المتحدة كشريك، بحسب ما كتب. وتابع: "وتقوّض الخطوة أيضاً الحجّة القائلة إنّ الجيش اللبناني، الذي بات يتحلّى بقدرات متحسّنة بفضل الدعم الأميركي بشكل أساسي، يؤمّن أمناً أفضل وأكثر احترافياً من صواريخ حزب الله، التي لا تُفضي سوى إلى المخاطر عوضاً عن تأمين حماية حقيقية".
وأعرب فيلتمان عن قناعته بأن التظاهرات الراهنة يمكنها "زعزعة أسس التضافر الإيراني السوري في لبنان والعلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر"، مضيفا أن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله لجأ "إلى خطابات مليئة بالتلميحات وإلى قطاع طرق على دراجات نارية في محاولات غير ناجحة حتى الآن لتقويض التظاهرات والحؤول دون استقالة حكومة سعد الحريري".
ولفت فيلتمان إلى أن بعضا "من حلفاء سوريا التقليديين في لبنان، ومن بينهم سليمان فرنجية، صديق الطفولة لبشار الأسد، صامتون بشكل واضح أو حتى أرسلوا أقرباء لهم للانضمام إلى التظاهرات"، وفقاً لما كتبه.
وقال: "وربّما بدأت إيران وسوريا تنظر الواحدة إلى الأخرى بعين الشكّ في لبنان. فلن تكون هذه المرّة الأولى التي تستعمل فيها الجهات الفاعلة الخارجية لبنان مسرحاً للمنافسة في ما بينها. فقد طرح سياسيان لبنانيان نظرية تحكي عن علاقةٍ بما يجري في المناطق السورية العلوية، حيث قد يرى بشار الأسد النفوذ الإيراني والدعوات الشيعية خطراً لقاعدته العلوية العلمانية. وقد يمتعض أيضاً الأسد، الذي كان ليعتبر حزب الله شريكاً صغيراً في فترة الاحتلال السوري للبنان قبل العام 2005، من القوّة والحضور الراهنَين لحزب الله في سوريا. فأيّ جهة باتت شريكاً صغيراً الآن؟ وما مدى السيطرة التي يتحلّى بها الأسد على حزب الله في سوريا؟ ونظراً إلى أنّ الأسد ما زال بحاجة إلى مساعدة إيران وحزب الله في سوريا، بإمكانه استعمال لبنان لبعث رسالة، بحسب هذه النظرية".
ومن الممكن التصوّر الآن أنّه في حال أودت صحّة ميشال عون المتراجعة إلى فراغ رئاسي الآن، سيبرز أيّ تباعد سوري إيراني بشكل أوضح، مع دعم حزب الله و(إيران) باسيل ومع رغبة سوريا في استعادة سيادتها في لبنان من خلال شخص مثل فرنجية. وسيكون الترشيح المفترض لقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، مع مصداقيته المتزايدة بالاستقلالية، متماشياً أكثر مع رغبة الشارع. لكنّ الرئيس اللبناني ينتخبه البرلمان وليس الشعب، وفيما يعكس البرلمان اللبناني الراهن المؤسّسة ذاتها التي يريد المتظاهرون إسقاطها، يأمل المرء أن يفكّر النوّاب في آراء المتظاهرين في حال باتوا في موقع الاختيار بين دمشق أو طهران أو ناخبيهم اللبنانيين.
وقد يمتعض أيضا الأسد، الذي كان يعتبر حزب الله شريكا صغيرا في فترة الاحتلال السوري للبنان قبل العام 2005، من القوة والحضور الراهنين لحزب الله في سوريا. فأي جهة باتت شريكا صغيرا الآن؟ وما مدى السيطرة التي يتحلى بها الأسد على حزب الله في سوريا؟ ونظرا إلى أن الأسد ما زال بحاجة إلى مساعدة إيران وحزب الله في سوريا، بإمكانه استعمال لبنان لبعث رسالة، بحسب هذه النظرية".
وأضاف: "ومن الممكن التصوّر الآن أنّه في حال أودت صحّة ميشال عون المتراجعة إلى فراغ رئاسي الآن، سيبرز أيّ تباعد سوري إيراني بشكل أوضح، مع دعم حزب الله و(إيران) باسيل ومع رغبة سوريا في استعادة سيادتها في لبنان من خلال شخص مثل فرنجية. وسيكون الترشيح المفترض لقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، مع مصداقيته المتزايدة بالاستقلالية، متماشياً أكثر مع رغبة الشارع. لكنّ الرئيس اللبناني ينتخبه البرلمان وليس الشعب، وفيما يعكس البرلمان اللبناني الراهن المؤسّسة ذاتها التي يريد المتظاهرون إسقاطها، يأمل المرء أن يفكّر النوّاب في آراء المتظاهرين في حال باتوا في موقع الاختيار بين دمشق أو طهران أو ناخبيهم اللبنانيين.
وعلى الرغم من عظمة التظاهرات الراهنة، من الصعب التحلّي بالإيجابية عندما لا يبرز قادة بمصداقية عابرة للطوائف لتوجيه طاقة الطرقات بشكل بنّاء. ويزيد الوضع الاقتصادي والمالي الأعباء. مع ذلك، تبرز الإمكانية لتحقيق تغيير إيجابي بشكل لم يكن وارداً أبداً قبل بضعة أسابيع. ولا ينبغي علينا أن نسهّل الأمور على القوى المؤيدة لسوريا ولإيران لتخطّي أيّ خلافات والانتصار على الاحتجاجات في نهاية الأمر".
وقد يهمك ايضا:
"قسد" تؤكد أنه لا يوجد جدول زمني لبقاء القوات الأميركية في سورية
منصور يؤكّد براءة "الأونروا" من الفساد بشهادة الأمم المتحدة
أرسل تعليقك