على الرغم من أن فصول الأمطار في منطقة جازان معروفة، والغزارة التي تهطل بها في مثل هذه الأيام من كل عام، ليس أمرًا مفاجئًا، وكيفية الوقاية وتفادي الأضرار والمخاطر هي الأخرى أيضًا معروفة، إلا أن مشاهد المعاناة في الأعوام السابقة ما زالت تتكرر بالسيناريو نفسه، بعدما شهدته المنطقة مؤخرًا من أمطار غزيرة ومتوسطة استمرت نحو 9 أيام، شملت جميع المحافظات والقرى والهجر التابعة لها.
تسببت هذه الأمطار في جريان الأودية والشعاب، وحولت الطرق والحواري إلى مستنقعات ضحلة، وأسهمت في انتشار برك المياه الراكدة في العديد من المواقع والأحياء السكنية التي تختلف مساحتها وأعماقها، ولسان حالها ينذر عن وقوع كارثة بيئية وصحية بعد أن أصبحت بيئة خصبة لتكاثر البعوض والحشرات الناقلة للأمراض الوبائية، خصوصًا أن بعض هذه المستنقعات اختلطت بمياه المجاري والصرف الصحي، الأمر الذي قد تتفاقم فيه الكارثة.
ثمة أسباب مشتركة تظل معروفة ولكنها تبقى محل تجاهل، على حد قول ناصر البادي، أحد سكان محافظة أبي عريش، حيث قال إن غياب مشاريع شبكات تصريف مياه الأمطار شبه كلي، هو أهم الأسباب في وجود المستنقعات المائية وما لحقها من أضرار ومخاطر.
وأضاف أن مشاريع سفلتة الطرق والشوارع لا تحظى باهتمام بالغ، بعيدة عن المواصفات والمقاييس، فمع أولى قطرات المطر ترى الطريق ينهار ويصبح الأسفلت عبارة عن حفرة تتجمع فيها مياه الأمطار، مما قد يسبب حوادث مرورية وأضرارًا بالمركبات وخسائر مادية كلها تضاف على كاهل المواطن.
ووافقه الرأي فايع مغفوري، مشيرًا إلى أن بعض الإدارات تفشل في عملها اللازم، حيث يعملون دون إتقان رغم الميزانيات الضخمة التي تصرف من أجلها.
وطالب أمانة المنطقة بسفلتة المواقع الترابية داخل الأحياء، مشيرا إلى أن القرى بحاجة إلى لفتة سريعة وانتشالها من الغرق وذلك بسفلتة شوارعها الترابية واستغلال مساحاتها البيضاء.
أسوا ما في الأمر أن جملة من هذه المستنقعات تجاور المنازل وتخالط السكان، فبعضها تتكون أمام بوابات المدارس والجامعات وفي أفنيتها وساحاتها، تصل أعماقها إلى المتر تقريبًا، والتي تشكل خطرًا كبيرًا على الأطفال وضعاف النظر، وبعضها تتراكم النفايات حولها، مما يؤدي لتكاثر الديدان والطفيليات والبعوض الناقل للحمى، وتكاثر الحشرات والجرذان.
وأوضح مدير إدارة الطب الوقائي ومكافحة الأمراض المعدية في صحة جازان الدكتور أحمد السهلي، أن الأمطار وما تخلفه من مستنقعات مائية، تعد أحد الأسباب الرئيسة لتكاثر البعوض والجراثيم والحشرات الناقلة للأمراض، مثل حمى الضنك وحمى الوادي المتصدع والملاريا، وغيرها من الأمراض الخطرة، مما يتطلب تضافر جهود كل الجهات المعنية بالمكافحة سواء عن طريق الرش بالمبيدات أو ردم المستنقعات للتخلص من أماكن التوالد.
وطالب عدد من سكان الحرث وأحد المسارحة فرع وزارة الزراعة في جازان، بتحمل مسؤولية تأخرهم عن إزالة المستنقعات وردمها، كما أكد أحمد ثابت وموسى شراحيلي من سكان قرى الحرث، أن سبب انتشار البعوض هو الغياب التام لفرق مكافحة البعوض والحشرات، مشيرين إلى أن معاناتهم الكبيرة مع المستنقعات الراكدة، إذ أصبحت مرتعًا خصبًا لانتشار وتوالد البعوض، مطالبين فرع وزارة الزراعة بمنطقة جازان بالمبادرة في اتخاذ حلول جذرية قبل تفاقم الكارثة، وذلك من خلال ردم المستنقعات والقيام بمكافحة البعوض والحشرات بالرش داخل الأحياء بشكل يومي ومكثف.
فيما بيَّن مصدر مسؤول أن دور الزراعة يتجسد في الحد من المستنقعات التي تخلفها مياه الأمطار والسيول في الأودية والمزارع، مشيرًا إلى أن عمليات المكافحة مستمرة تفاديا لتناقل الأمراض والأوبئة.
وأوضح أن هذه المستنقعات هي عبارة عن تجمعات ضحلة موجودة باستمرار خاصة بعد هطول الأمطار.
وأشار المصدر إلى أن دور وزارة الزراعة في مكافحة الكوارث البيئية لمخلفات الأمطار والسيول يكون بالتنسيق مع الجهات الحكومية وردم المستنقعات التي يمكن أن تتسبب في حدوث بؤر في الأراضي الزراعية التي تكثر فيها المستنقعات والمناطق الجبلية والأراضي الزراعية والأودية، بالإضافة لعمليات الاستقصاء الوبائي.
وأكد المصدر بأنه تم تكثيف عمليات الاستقصاء الوبائي، لافتا إلى أن الأوضاع مستقرة في جازان ولا توجد مشاكل وبائية وأن طائرة الرش تعمل بنظام مجدول حسب الوضع البيئي.
ما زال سكان جازان يترقبون على أحر من الجمر، إنشاء مشاريع شبكات تصريف مياه الأمطار، وسط مطالبات ملحة للجهات المختصة للخروج بها من أزمة المستنقعات والحد منها.
وقال علي خواجي أحد سكان محافظة ضمد، تظل مسألة الأعمار وتجنيد الطاقات البشرية والمادية لإنجاز المشاريع العمرانية والبنى التحتية على جانب كبير من الأهمية، وعلى رأس هذه المشاريع، مشروع تصريف مياه الأمطار الذي يغني عن وجود حلول كثيرة وتكاليف باهظة للحد من انتشار هذه المستنقعات.
وأضاف: لجأت أنا وعدد من سكان الحي في ضمد إلى ردم المستنقعات المجاورة، بعد ما التمسناه مجددا من انتشار البعوض والحشرات وظهور روائح كريهة، لافتا إلى أن الردم هو الحل البديل.
وأكد الناطق الإعلامي لأمانة منطقة جازان المهندس طارق الرفاعي، أن محافظة ضمد كإحدى المحافظات التابعة لجازان لها مشاريع للتصريف، مشيرا إلى أن عملية إنجاز مشاريع التصريف تحتاج إلى مراحل للتنفيذ والإنجاز من أجل تفادي تجمعات المياه.
وأضاف: أما فيما يتعلق بتجمعات مياه الأمطار فهناك اعتمادات ومعالجة يتم اتخاذ الإجراء فيها لمحاولة التخلص منها بشكل أسرع حتى لا تتحول إلى بيئة تناسب الحشرات وتوالدها، حسبما ذكرت صحيفة "الوطن".
أرسل تعليقك