بيروت ـ أنور ضو
أطلقت "جمعية طبيعة بلا حدود" اللّبنانيّة، بالتعاون مع نشطاء في مجال حماية البيئة، حملة "من أجل إنقاذ بيئة عين دارة"، مناشدة الوزارات المعنية العمل على وقف التعديات القائمة، وإعداد خطة طوارئ، بغية إنقاذ عين دارة.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي، عقد في مركز الجمعية، في مدينة عالية، سبقته جولة على المناطق التي طالها تخريب المرامل والكسارات، وإحدى "الزفاتات"، فضلاً عن مكبات للنفايات، بينها مكب للإطارات المستعملة، التي يتم حرقها فيه، بغية الاستفادة من أسلاكها المعدنية، ورصد تلوث مياه الينابيع والأنهر الشتوية.
وأشار الناشط البيئي روجيه حداد، في المؤتمر، إلى أنّه "فضلاً عن المشكلات القائمة، والمعروفة، من مرامل وكسارات، هناك على ارتفاع نحو 2000 متر في عين دارة كميات ضخمة من الإطارات المستعملة، يتم تجميعها، وكل فترة يتم إحراق كميات منها، بغية استخراج الحديد وبيعه"، موضحًا أنّه "على هذا الارتفاع يتسبب الدخان الناجم عن الحرق في تلوث الهواء، والترسبات في التربة تجد طريقها إلى مصادر المياه الجوفية، وتلوثها من ارتفاع 2000 متر نزولاً".
وبيّن حداد أنَّ "مخاوف النشطاء تعاظمت بعد أن علمنا أنّهم في صدد إقامة منشأة ومعمل، وتمّ عرض المشروع على البلدية، التي وافقت، وبرّرت موافقتها بأن المعمل يندرج ضمن القطاع الصناعي، ويؤمن فرص عمل"، مؤكّدًا أنه "من غير المنطقي أن توافق الجهات المعنية على مثل هذا المشروع"، لافتًا إلى أنّ "البلديّة تراجعت عن المشروع تلبية لطلبات الأهالي، إلا أنَّ عمليات إحراق الاطارات مستمرة، في أعلى منطقة في قضاء عالية"، معتبرًا أنَّ "في ذلك تدميرًا نهائيًا للقطاع الزراعي في منطقة مشهورة تاريخيًا بزراعة التفاح والكرز".
وعرض الناشط البيئي حافظ يحيى واقع تلوث المياه، الناجم عن الكسارة و"الزّفاتة" الموجودة قرب إحدى الكسارات، لافتًا إلى أنه "مع تفجّر الينابيع، وذوبان الثلوج، تتسرب كل المواد الملوثة في أحد الجداول الموجودة على ارتفاع 2000 متر، وتجد طريقها إلى نبع (عين الجوزة)، الذي يغذي أكثر من 300 وحدة سكنية في عين دارة".
وأشار إلى أنَّ "هذه المياه يستفاد منها في ري البساتين، والامر لا يقتصر على نبع واحد، فهناك أيضا نبع (عين العدس) الذي يستخدمه المواطنون للحصول على مياه الشفة، فيما لا تقوم البلدية، كما هو مفروض، بإجراء فحوصات مخبرية كل خمس عشرة يومًا، كما ينص قانون البلديات، وإعلان نتائجها على مبنى البلدية".
وأكّد أنَّ "الملوثات تتسرب إلى نبع حفر التنور، الموجود في منطقة وادي عين دارة، ومن ثم تصل إلى (عين البركة) التي يستفيد منها الأهالي كمياه شفة ولري مزروعاتهم، وما يفيض من مياه يستفيد منه أهالي بلدة مشقيتي، وفائض المياه يصل عبر نهر إلى وادي البصيل، وبلدة بريح، ومن ثم إلى ملتقى النهرين، فالدامور، فضلاً عن أنَّ المياه تمر في مجرى نهر (نبع الصفا)، أي مياه الباروك التي تغذي قضاء عالية".
وعرض يحيى كميّة من المياه، أحضرها خلال الجولة التي سبقت المؤتمر، ولونها رمادي قاتم، مشيرًا إلى أنَّها "من المنطقة المحيطة بـ(الزفاتة)، التي تعمل دون وجود منقي هواء، ما يتسبب بتلوث الهواء والتربة والمياه"، ومؤكّدًا أنَّ "الجمعية قرّرت إخضاع المياه للفحوص المعمليّة، بغية تحديد نوعية السموم، التي تهدّد صحة أولادنا، وما هو تأثيرها على البيئة".
وأكّد رئيس "جمعية طبيعة بلا حدود" المهندس محمود الأحمدية أنّه "على الرغم من وجود مرامل وكسارات في كل المناطق اللّبنانيّة، إلا أنها ليست في حجم ما هو موجود فيعين دارة، حيث لا توجد منشأة واحدة خاضعة لتقييم الأثر البيئي، الذي أقر في عهد وزير البيئة السابق ناظم الخوري".
وحذّر الأحمدية من أنَّ "كل هذه الممارسات لن تمر، لاسيما ما رأيناه من مياه جداول وينابيع لوثتها إحدى الزفاتات، فضلاً عن المواد السامة الناجمة عن حرق الإطارات، وكأنه لا يكفي عين دارة مصائب الكسارات والمرامل لتصبح إحدى أجمل تلالها مكبًا للإطارات المستعملة".
أرسل تعليقك