الكويت ـ كونا
تناولت مناقشات ورشة العمل حول (معالجة مياه البحر الملوثة بالمواد النووية) مجموعة التحديات المقلقة الناجمة عن الانشطة البحرية والنووية المتزايدة والتطورات البلدية والساحلية والصناعية التي تشهدها المنطقة.
وركزت الورشة التي نظمها معهد الكويت للابحاث العلمية اليوم بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والوكالة الدولية للطاقة الذرية التأثيرات السلبية المحتملة على البيئة البحرية لاسيما ما يتصل بمجالات تقنيات التحلية وانتاج الطاقة الكهربائية وانتاج ومعالجة المشتقات النفطية وانشطة الصيد البحري.
وقال المدير العام للمعهد الدكتور ناجي المطيري في كلمة افتتاح الورشة التي تختتم فعالياتها غدا الثلاثاء ان القضية الدولية المطروحة للمناقشة في هذه الورشة وهي المياه تحظى باهتمام الجميع كونها مصدر الحياة والمحرك الاساسي للنمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والصناعي.
واكد حرص المعهد على القضايا المرتبطة بموارد المياه وسعيه جاهدا الى إيجاد الحلول العلمية والعملية الكفيلة بتأمينها لكافة قطاعات الاستهلاك.
واوضح المطيري انه نظرا للتطورات التي تشهدها منطقة الخليج في الوقت الحاضر اصبحت الحاجة اكثر الحاحا للاعتماد على المنافذ البحرية مما ادى الى بروز مجموعة من القضايا التي تؤرق متخذي القرار في هذه البلدان.
واضاف ان هناك مجموعة من التحديات الاضافية المقلقة برزت بسبب الانشطة البحرية والصناعية التي تشهدها المنطقة لاسيما في مجالات تقنيات التحلية والانتاج وما ترتب عليها من احتمالات ازدياد التأثيرات السلبية المحتملة على البيئة البحرية.
وذكر المطيري ان تلك التحديات تحظى باهتمام متخذي القرار حول الانشطة والاستخدامات المستدامة للبيئة البحرية لاسيما ما يرتبط منها بتلك التي تكون الملوثات البحرية احدى افرازاتها.
واكد اهمية التقنيات النووية في تحلية مياه البحر حيث توجهت دول الخليج العربي خلال السنوات القليلة الماضية للاستفادة منها منوها الى الاثار المحتملة للتسربات النووية من هذه المفاعلات التي اصبحت على رأس سلم الاولويات للجهات المعنية في دول الخليج العربي وهو احد اسباب القلق المتنامي لدى الرأي العام في هذه الدول.
واضاف ان هذا القلق المتزايد مرده الحوادث النووية الخطيرة التي شهدها العالم خلال العقود الماضية في هذه المفاعلات والتي تركز نصفها تقريبا في الولايات المتحدة الامريكية على الرغم من الاجراءات الاحترازية والعلاجية التي تعمد اليها الجهات المعنية بإدارة وتشغيل هذه المفاعلات للتقليل من مخاطر حصول هذا النوع من الحوادث وما يترتب عليها من تسرب الملوثات النووية في مياه البحر.
واشار المطيري الى التسرب الاشعاعي الذي شهده مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان في مارس 2011 والذي يعد من اسوأ الكوارث النووية التي شهدها العالم في العصر الحديث ونتج عنه تهجير اكثر من مئة الف مواطن ياباني ممن كانوا يقطنون تلك المنطقة والمناطق المحيطة بها ضمن منطقة تأثير تجاوزت 20 كيلومتر مربع من المفاعل المتضرر ولازالت تداعيات هذه الكارثة ملموسة على البيئة البحرية لتلك المنطقة حتى اليوم.
وتطرق الى شح موارد المياه الطبيعية في البلاد مما دفعها الى الاعتماد على تقنيات التحلية لتوفير ما يتجاوز 95 في المئة من احتياجاتها من المياه العذبة مبينا ان معدلات استهلاك الفرد من المياه ارتفعت وتتجاوز 500 لتر في اليوم وهو ضعف ما يستهلكه الفرد في الدول الصناعية المتقدمة.
واكد ان مواكبة هذه الزيادة المضطردة في الطلب على المياه عمدت الدولة خلال العقود الستة الماضية الى انشاء وتشغيل ثماني محطات ثنائية الاستخدام لتحلية مياه البحر و توليد الطاقة الكهربائية على امتداد 120 كيلومتر من الشواطئ الكويتية.
من جانبه قال المدير العام لمؤسة الكويت للتقدم العلمي الدكتور عدنان شهاب الدين في تصريح صحافي ان هذه الورشة تناقش قضايا فنية المرتبطة بكيفية التعامل مع احتمال تلوث مياه البحر بالمواد المشعة مبينا ان الملوثات بشكل عام والمواد المشعة موضوع حيوي ويشغل بال الجميع ولابد من معالجته علميا.
واضاف شهاب الدين ان هناك حشد من الاوراق العلمية والخبراء المحليين والاقليميين والدوليين يشاركون في الورشة للتعرف على ابعاد هذه المشكلة وكيفية التعامل معها وماهي الطرق التي اتبعت اثناء التعامل مع مثيلاتها في الدول الاخرى مثل اليابان والولايات المتحدة الامريكية والحدث النووي المعروف فوكوشيما.
واكد اهتمام الخليج بأي حدث نووي صغير وهناك محطات نووية تنشأ حاليا وبعضها قائم ومشغل مثل محطة (بوشهر) وسيكون هناك اربع محطات نووية في الامارات يجري تشييد اثنين منهم كما اعلنت السعودية تشييد بعض منها.
وافاد شهاب الدين انه في حال حدوث حادث لابد التعرف على كمية المواد المشعة التي ستطلق ومدى تأثيرها وكيفية التعامل معها خصوصا ان معظم دول الخليج تشرب المياة من تحلية مياه البحر فلابد التعرف على افضل طرق الرصد والترقيات ومستويات السلامة وكيفية التعامل مع حالة الطوارئ بطريقة علمية ينقلها العلماء والباحثين للمسؤولين وكافة المهتمين.
من جهته اكد المدير التنفيذي لمركز ابحاث المياه في المعهد الدكتور محمد الراشد ان المركز ومن خلال طاقاته وكوادره الوطنية ومختبراته ومعداته الحديثة في مجال تحلية المياه يمضي نحو تنفيذ الخطط الاستراتيجية للمركز والتي تعتمد بالدرجة الاولى على الطرق والتقنيات المبتكرة في مجال تحلية المياه بما يضمن تحقيق الأمن المائي للبلاد وتوفير العيش الكريم للمواطنين والمقيمين في البلاد.
وقال الراشد ان المركز استحدث برنامجين مهمين يعدان من الركائز الاساسية له في مجال توفير المياه العذبة هما (برنامج التقنيات المبتكرة لتحلية المياه) و(برنامج التقنيات الحرارية لتحلية المياه) مبينا ان انشطة ومشاريع هذين البرنامجين تركز بالدرجة الاولى على تقنيات التحلية المبتكرة والواعدة والطرق والوسائل غير التقليدية لضمان خلو مياه التغذية الداخلة الى محطات التحلية من الشوائب والملوثات.
وضمت الورشة سبعة متحدثين الاول البروفسور شريف الصفطي المتخصص في علم النانو وهندستها في كلية الدراسات العليا والتكنولوجيا جامعة واسيدا في طوكيو اذ تناول في محاضرته مدى فاعلية مواد اسفنجية لانظمة تنظيف مواد اشعاعية تم تطويرها من قبل مجموعة باحثين يابانيين عملوا بقيادته اثناء حادثة محطة فوكوشيما النووية لتوليد الطاقة الكهربائية.
وبدوره استعرض الدكتور راؤول بيريانس وهو باحث رئيسي في دائرة الفيزياء التطبيقية لجامعة سيفيل بأسبانيا نماذج رياضية لانتشار الملوثات الاشعاعية في انظمة المياه العذبة والمناطق الساحلية بعد حصول الكوارث النووية مؤكدا اهمية النمذجة الرياضية في التنبؤ بمسارات الملوثات النووية لدعم متخذي القرار بعد حدوث تسربات اشعاعية الى المياه وتقييم مستقبل نوعية المياه بعد كارثتي محطة شيرنوبل الروسية ومحطة فوكوشي اليابانية.
واوضح البروفسور جوتا كاندا وهو نائب عميد كلية العلوم البحرية في جامعة طوكيو لتكنولوجيا وعلوم البحار في محاضرته احداث ال11 من مارس 2011 وضياع الطاقة الكهربائية لمحطة فوكوشيما النووية وتعرض القضبان النووية للمحطة للانصهار واحداث اضرار بالغة بخزانات المفاعل النووي وانفجارات الهيدروجين حول المفاعل والاضرار المصاحبة له.
من جهته افاد تيموثي ميلنر الخبير والمتخصص في معالجات المياه العادمة الناتجة عن تشغيل المفاعلات النووية والذي تناولت محضارته الوصول الى معايير جديدة في معالجة المياه العادمة الملوثة اشعاعيا من محطة فوكوشيما مبينا ان استخدام تقنية تحلية المياه بطريقة التناضح العكسي كانت فعالة جدا في خفض تراكيز السيزيوم المشع والاملاح الذائبة لاعادة استخدام المياه في تبريد المفاعلات النووية للمحطة.
من جانبه تطرق الدكتور محمود عبد الجواد وهو باحث رئيسي في مركز ابحاث المياه في معهد الكويت للابحاث العلمية الى واقع الخليج العربي وخصائصه ومميزاته واهميته والحاجة الى المحافظة على مياه البحر فيه صالحة لاستدامة توفير مياه الشرب لكافة قطاعات الاستهلاك في الكويت ودول الخليج العربية الاخرى كما شملت محاضرته الوضع الحالي والمستقبلي لمستويات الملوثات الاشعاعية الطبيعية والاخرى التي تتم من صنع الانسان نتيجة انشطته الاخرى في الخليج.
واشار الدكتور عبدالجواد الى وجود محطات تعمل بالطاقة النووية التي تثير القلق من امكانية واحتمال حدوث مشاكل تشغيلية نتيجة هزات ارضية وغيرها من الاسباب التي قد تؤدي الى وصول ملوثات اشعاعية الى مياه بحر الخليج العربي والتأثير على عمليات تحلية المياه بالذات مؤكدا ان المعلومات المتوفرة حول الملوثات الاشعاعية في مياه الخليج العربي ورواسبه محدودة جدا ويجب التركيز على مراقبة وقياس هذه التراكيز باستمرار لتدارك المحافظة على المورد الرئيسي لتحلية مياه البحر وطرق المعالجات المتقدمة لازالة النظائر المشعة والاستعداد لتطبيقها في حالات الطوارئ.
بدوره أكد المهندس سيد مسعود مدير شركة الخدمات التقنية لشمال امريكا المحدودة والمتخصصة بأنظمة الرصد والكشف المبكر عن الملوثات الاشعاعية اهمية عملية الكشف المبكر عن الملوثات النووية وتطور اجهزة القياس المتوفرة حاليا.
واضاف مسعود ان مستوى الاشعاع الطبيعي في مياه البحر يمكن ان يرتفع نتيجة احداث طبيعية كالزلازل والبراكين او بفعل الانسان
أرسل تعليقك