اللاذقية – سانا
المعرض الفني الأول للفنان والإعلامي صلاح صالح في مقهى هيشون في اللاذقية حظي بحضور ثقافي متنوع ضم فنانين وأدباء ومثقفين قدم فيه الفنان حصيلة ثلاثين عاما وجمع فيه 45 لوحة فنية متنوعة الأساليب والتقنيات والطروحات الفنية.
عن معرضه قال صالح إنه قدم في هذا المعرض تجربته التشكيلية بجهد ما يزيد على ثلاثين عاما عبر 45 عملا فنيا فيها اختزالات للطبيعة السورية بساحلها وصحرائها وجبالها وكافة تفاصيلها وأراد أن يتصرف بها بطريقته الخاصة.
والإنسان كما يقول الفنان صالح في أي معالجة يحتاج الى مرجعية بصرية حتى في التخيل والحلم في سبيل انتاج مادة جميلة فاللوحة لها ميزة عن القصيدة فقد لا تكون تلبي كامل الحاجة التي يريدها الفنان بأبعادها كافة فاللوحة شيء مادي له قدسية كما تقول الثقافة الفنية الصينية ففن الرسم لا يكتفي برسم مظاهر الكون وإنما يقلد عملية الخلق بحد ذاتها ويظهر جماليتها فعندما تكتمل اللوحة يكون الفنان قد انتهى من انجاز شيء عظيم له محسوسيته الجمالية الخاصة به.
وأضاف صالح في حديث لـ سانا أعترف انها كلها متأثرة بوعي ومعرفة وثقافة لا يستطيع الإنسان تحييدها عما نعالجه من المعرفة البصرية الخالصة واللوحات المرسومة قد لا تكون موجودة بذات الدقة الحقيقية لأنها مصاغة بناء على مرجعية طبيعية.
وفي إطار البورتريهات وتصوير الشخوص كان هناك جانب لها في معرض الفنان صالح وقال عنها قد تكون في بعضها تعبر عن موقف ما هجائي للحياة الاجتماعية المعقدة التي نعيشها لذلك دائما الانسان يعبر بامتعاض وتبرم وضجر والم عن الوجود الكثيف للبشر أو محدوديتهم من حوله أو يعبر عن الحالة النفسية الإنسانية وكأنها تسجيل لمذكراتنا اليومية في هذه الحياة كونها تحوي مجموعة من الانفعالات المختلفة التي يعيشها الانسان خلال وجوده في هذه الحياة وهناك لوحة تعبر عن التأثر الكبير بالحالة الذهنية لمجانية الوجود والمسير في الحياة فيها طرقات تشرف على الهاوية ورغم ذلك فاذا لم يجرب الإنسان النهاية بنفسه فغنه لن يشبع غروره وفضوله.
وضم المعرض لوحات لتشكيلات صخرية بمرجعية بصرية أساسها الطبيعة السورية وفيها منح للمشهد شيئا من الغربة ومحاولة لنزع الألفة فالعمل الفني كما يقول يكون فنيا عندما ننزع عنه الالفة ونبالغ باحد عناصره غير المألوفة كما تقوم المدرسة النقدية الروسية على اظهار جماليته أو اظهار فكرته عبر رؤية بصرية غير مألوفة تختلف في المعالجة عن المعالجة الفوتوغرافية لكنها كلها تعني تسجيل لحظة جمال مهما كان نوعها.
وضم المعرض عددا من اللوحات التي رسمت باللونين الأبيض والأسود فيها رؤى بصرية فضائية وفيها هجاء للاحجية الاجتماعية والسياسية والإنسانية إضافة إلى التشكلات الكونية المحيطة بنا تضم أشخاصا بمواقف هجائية قاسية من البشر وانفعالاتهم وتقدم رؤية كونية متحررة من كروية الارض وهناك لوحات تعبر عن مرحلة تضم كثافة غير مسبوقة للموقف المتأذي فلذلك فيها الكثير من الاضطراب والشعور بالأذى من الواقع والحياة المعاشة ورغم كل الألم يضيف صالح ينبغي على الفنان تقديم رؤية جمالية في خضم هذا الألم وهناك لوحة تعبر عن الوجع الوطني الذي حصل في بيروت عندما كانت قيد التهديم والتخريب في احدى الفترات الزمنية فكانت خلفية بيروت المهدمة باقية في ذهني عندما رجعت منها فأردت التعبير عن هذا الهدم ومنح هذا الخراب شيئا من الأمل بالبناء والحياة مجددا كافة اللوحات مرسومة بالألوان المائية فقط من القياس المتوسط وكل لوحة تعبر عن رؤية ما بعضها حقيقي وبعضها أسطوري وميثولوجي وغيره وتعبر عن علاقات ما وكل متلق يشاهد اللوحة من منظور رؤيته واحساسه الذي انجذب لها.
واعتبر الفنان صالح أن اللوحة لا يمكن شرحها انما هي عبارة عن خطاب بصري لها مرجعية بصرية ما بجو حلمي أو كابوسي وغيره وخاصة عندما تشحن بمعان تعبيرية خاصة عندما تكون أصول الرسم المائي كاملة بالحدود الممكنة والمتاحة وتلك اللوحات بدقتها اللونية والتصويرية تستغرق زمنا طويلا وخاصة مع عدم التفرغ الكامل للفن ولاسيما اني متفرغ للعمل البحثي النقدي بشكل أكبر بعد سنوات طويلة انصرفت فيها عن ممارسة هذا النوع من النشاطات الفنية الثقافية لاتجه إلى النقد الأدبي.
وقال: عملي الثقافي الآخر متمحور في مجال العمل النقدي الأدبي والدراسات والأبحاث الأدبية ولدي مجموعة من الدراسات والأبحاث في هذا المجال حول المساهمة في تأسيس ثقافة بصرية وهو آخر كتاب صدر لي عن دار المدى حمل عنوان عتبات لرؤية مضاعفة طرحت فيه بعض المقدمات الدراسية لتأسيس ثقافة بصرية من الناحية النظرية مواكبة للثقافة البصرية التي تخاطب العين خطابا مباشرا بمفهوم اللوحة والتشكيل السوري.
وختم حديثه بالقول إن عملي الأساس في البحث النقدي لكن اتاحت لي الحياة في وطني سورية اكتساب خبرة الانتاج الجمالي ومن الحماقة أن يتخلى عنها المرء لذلك كان لا بد من امتلاك الخبرة وألا ننحيها جانبا وانتاج أشياء جميلة أو مرشحة للجمال الإعلامي.
أرسل تعليقك