دمشق - سانا
انطلقت احتفالية "المرأة السورية..حكاية وطن" مساء الاربعاء في دار الأوبرا بدمشق متضمنة معرض كتاب للإبداع النسوي ومعرض لوحات تشكيلية لفنانات سوريات ومعرض منمنمات يدوية وأعمال نحتية خشبية من ملتقى إبداعات شبابية إضافة إلى نشاطات ثقافية متعددة على أن تستمر حتى مساء الخميس.
وقالت الدكتورة لبانة مشوح وزيرة الثقافة في كلمة لها "لقد كان للأحداث المؤلمة التي تشهدها البلاد منذ عامين ونيف إثر سلبي بالغ على كل مناحي الحياة تضرر الاقتصاد الوطني وهدمت البنى التحتية ونهب التراث الثقافي" مضيفة "إن الأذى الأكبر هو ذاك الذي لحق بالإنسان فقد اهتزت منظومة القيم واستبدلت بمفاهيم وأفكار وممارسات غريبة عن أخلاقنا بعيدة كل البعد عن سنن حياتنا وجوهر قيمنا".
وأشارت مشوح إلى أن المرأة السورية تللك الوردة الشامية الرائدة في نضالها الفاضلة في قيمها الأخلاقية والوطنية السباقة إلى الإبداع والتميز لعلها كانت الأكثر تضررا في هذه اللحظة والأكثر استهدافا وكانما أريد تفكيك لحمة أسرتها مملكتها الأولى وإذلالها.
ولفتت إلى أن المرأة السورية في استهدافها كانها كانت تحاسب على ما حققته من إنجازات وحصلت عليه من مكتسبات لتجبر قسرا على التخلي عن دورها الأساس في بناء المجتمع والنهوض به وأن تعود القهقرى فتنكفىء في جحور الجهل وظلمة العبودية.
وتابعت وزيرة الثقافة "نكرم اليوم المراة السورية العظيمة رمز الوطن وعنوان عراقته المفكرة والأديبة والمبدعة والملهمة والشهيدة وأم الشهيد ورفيقة دربه تكريسا للقيم النبيلة التي تجسدها قيم المواطنة والعطاء والنقاء والتفاني" وقالت "ما أحوجنا اليوم في هذا الزمن الصعب زمن الرداءة والقبح والتعصب الأعمى لتكريم من تزرع في النفوس المحبة وتغذي الفكر بمبادئ التسامح والتآخي".
وقال الدكتور هزوان الوز وزير التربية في تصريح خاص ل سانا " إن المرأة هي الأرض والسماء والوطن بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وهي الحياة واستمرارها ولولاها لما كان لنا وجود على هذه الأرض ومهما فعلنا فهو قليل بحق هذه الإنسانة فهي الأم والأخت والبنت والزوجة والصديقة".
وأضاف الوز "نحن كمجتمع سوري أعطينا المرأة القليل مما تستحقه فهي أبدعت في كل مجالات الحياة فعلى سبيل المثال عدد العاملين في القطاع التربوي نحو أربمعمئة ألف معلم ومعلمة سبعون بالمئة منهم من الزميلات".
ولفت وزير التربية إلى أن المعلمين والمعلمات في هذه الأزمة كانوا جنودا أوفياء للوطن بالرغم من كل ما تعرضوا له من تهديدات إلا أنهم ما زالوا مستمرين في عملهم ومدارسهم يستقبلون التلاميذ ليعلموهم حب الوطن لأنهم يرون أن مستقبل هذا الوطن هو من خلالهم.
بدورها قالت الأديبة كوليت خوري "هذه ليست المرة الأولى التي تمر بها سورية بأزمة حيث مرت بازمات كثيرة داخلية وخارجية فسورية مستهدفة على مر الزمان".
وأضافت خوري "المرأة هي الوطن والوطن هو أم فعندما تكون مثقفة وواعية يكون المجتمع مثقفا وواعيا ولا يوجد مجتمع واع دون المرأة مؤكدة ضرورة إيلاء الأمهات كل العناية والإعداد ليتمكن من تربية أبنائهن تربية وطنية صالحة تفيد في بناء المجتمع السوري.
من جانبه قال وضاح الخطيب المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب "عندما قررنا المشاركة في هذه الاحتفالية للمرأة السورية تبين لنا أن أكثر من ثلث الكتب التي تصدرها وزارة الثقافة ولاحقا الهيئة العامة السورية للكتاب والمؤسسات التابعة للوزارة هي لمؤلفات ومترجمات ومبدعات وكاتبات سوريات فهذه المرأة السورية منذ فجر التاريخ لم تكن ملهمة للرجل فقط بل هي مشاركة بشكل فعال في عملية الإبداع والكتابة والبحث وصياغة القرار".
وبين الخطيب أن أهمية إقامة مثل هذه المعارض تكمن في إظهار مركزية دور المرأة العربية السورية في هذا المجتمع بصفتها فردا مساهما في صياغة الوعي الجمعي وهوية هذا المجتمع ولكي يرى جيل الشباب كيف ساهمت المرأة السورية في بناء مجتمعها وأثبتت وجودها في المشهد الثقافي.
وتعمل الهيئة العامة السورية للكتاب على تحويل هذه الكتب إلى معرض دائم حيث يستطيع الباحث أن يأتي ويتطلع على بعض هذه الكتب ضمن بيئة تسمح له بقراءتها والتفاعل معها علما أن بعضها يعود لعام 1963.
وتضمن معرض الاحتفالية أكثر من ألف كتاب جميعها عن المرأة السورية وتنوعت مواضيعها بين ثقافية وسياسية واجتماعية وأدبية وفنية وعلمية وسير ذاتية لأهم المبدعات السوريات ككوليت خوري وثريا الحافظ وسامية صادق وماري عجمي ودلال حاتم وغيرهن الكثير فهي من منشورات وزارة الثقافة منذ ستينيات القرن الماضي ومن منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب خلال المرحلة الماضية.
كما احتوى المعرض مجموعة من اللوحات التشكيلية لفنانات سوريات بتقنيات واساليب فنية متعددة وبأحجام متنوعة عالجت مواضيع إنسانية ووجدانية ووطنية عبرت عن هواجس الفنانات التشكيليات السوريات إضافة إلى أعمال نحتية بخامات متنوعة وأساليب تراوحت بين الواقعي والتعبير والتجريدي.
كما تضمن المعرض الفني أعمالا يدوية مختلفة تنوعت بين المنمنات الدمشقية وهي عبارة عن الرسم على الزجاج "عجمي" والديكوباج بطريقة الرسم على الورق وطباعته على الزجاج إضافة إلى بعض المعروضات الخاصة بالضيافة خلال المناسبات كالحج والعمرة والزواج والولادة وبعض الأعمال الصوفية كالشالات والطواقي وبعض المعروضات التي استمدت من التراث القديم مثل مجسمات يدوية للخيمة العربية والجمل.
وبدأت الاحتفالية بعرض فيلم وثائقي قصير بعنوان "نساء من بلدي" تضمن ذكر أبرز الأعلام من المبدعات السوريات في كل مجالات الحياة الثقافية والأدبية والرياضية والفنية.. كالأديبة ثريا الحافظ التي أصدرت أول مجلة نسائية والشاعرة وداد شجاع شاعرة الإنسان والوطن والدكتورة نجاح العطار والبطلة الرياضية غادة شعاع وغيرهن الكثير اللواتي قدمن لوطنهن إنجازات عظيمة ما زلنا نفتخر بها إلى الآن.
وقدمت الشاعرة ليندا ابراهيم قراءة لعدد من قصائد المجموعة الشعرية "لدمشق هذا الياسمين" بمصاحبة آلة القانون بانامل العازفة ديمة موازيني.
وقدمت الفرقة الوطنية للموسيقا العربية التابعة للمعهد العالي للموسيقيا بقيادة المايسترو عدنان فتح الله مجموعة من الأغاني الوطني الجميلة منها "دمشق القديمة" من تأليف وتوزيع عاصم مكارم و"منحبك ومنحمي بوابك" من تأليف رياض مرعشلي توزيع عدنان فتح الله و"شام يا ذا السيف" للأخوين رحباني بصوت الفنانة ميس حرب وأغنية لأم الشهيد بعنوان "أم البطل" من تأليف علي اسماعيل وتوزيع كمال سكيكر وختمت الفرقة الأمسية بأغنية "شام يا ست الحسن" من تاليف سمير كويفاتي وتوزيع عدنان فتح الله.
وفي نهاية الاحتفالية قامت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح بتكريم عدد من أسر الشهداء.
أرسل تعليقك