القندسعن الحب وخذلان الأمكنة
آخر تحديث GMT18:19:39
 لبنان اليوم -

"القندس"عن الحب وخذلان الأمكنة

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "القندس"عن الحب وخذلان الأمكنة

الدوحة ـ وكالات

يبدأ الروائي السعودي محمد حسن علوان روايته 'القندس' باستهلال يحاول فيه مقاربة عجائبية، إذ يتخذ من حيوان القندس وملامحه الخارجية محاولة اختزال صفات العائلة التي ينتمي إليها البطل، وفي الأثناء لا ينسى إجراء مفارقات بين الحيوان النهري وبين سكن عائلته هناك في الرياض. ويعدد 'غالب' ملامح العائلة، فأخته نورة لها سنان بارزان يشبهان سن القندس، وعيناها تشبهان عيني أمه في حدتهما وصرامتها، كما أن للقندس يدين واحدة شحيحة تشبه أخاه سليمان في تقتيره، وأخرى قوية تنزع ثمار الحياة كأبيه. يوميات وإشراقات تبدو تلك الإشراقة في رواية علوان صنارة يصيد بها قارئا، يتوقع أن تأخذه إلى عالم مشحون بالغرائبية، لكن ما إن تمضي الصفحات قليلا حتى ينقطع معها نفس الروائي في بناء معمار روائي جذاب، ومعها ينقطع نفس القارئ الذي يشعر أنه يقرأ يوميات لشاب سعودي ينتقل في البلدان ويحط في بورتلاند، وينتقل معه القارئ في رحلاته وعودته الدائمة إلى الرياض مسقط رأسه وموطن حكاياته. ولأن الرواية سرد يقترب من السيرة الذاتية واليوميات، فقد بدا أن الأسلوب الأمثل للسرد يتمثل في استخدام ضمير المتكلم. وإذا كان هذا أسلوبا شائعا وسهلا يسمح للكاتب بالتدفق وأن ينوب عن شخصياته، فإن صعوبته تكمن في الحاجة إلى مخيلة تديم السرد وتبعد الملل عن المتلقي، ومن جهة أخرى، قدرة على إغناء الشخصيات وتركها تتجول بحرية في فضاء الرواية، بدلا من أن تتحول إلى دمى يحركها السارد. وهكذا عندما يفلت علوان شخصياته ويفك أسرهم تدب في روايته حيوية وجاذبية، كما في حال 'ثابت' صديق جده وأبيه، عندما يأخذ على عاتقه سرد حكاية جد البطل، وجدل القرية والمدينة (الرياض). يحفر عميقا في ذاكرة المكان ويقدم لوحات ساحرة عن الجد الذي يكسي حياته بالأسطورية، لتكون واحدة من الشخصيات الغنية والمعقدة التي تحضر في الرواية، وإن كان الحديث عنها بضمير الغائب من خلال ثابت. حكاية مكان يعاين الروائي الشاب مدينة الرياض في تحولاتها وقد 'شربت النفط' واتسعت شمالا وجنوبا، ومعها حكاية الأب الذي تشي الرواية بغناه، بينما تفاجئ خاتمتها بقلة ما يتركه للورثة إلى حد أن ابنه سليمان ينوي نبش قبر الوالد (تخييل روائي) للمقلب الذي شربه. وفي حكاية البطل غالب نشأة في كنف أب قمعي يعذبه بالفلقة، وحكاية عن حب غير مكتمل يجمعه مع غادة (زوجة دبلوماسي) ولوحات وصفية طويلة عن اغترابه في أميركا. لولا خيط السرد الذي يفلت مرارا من علوان ويبدو مرده إلى رغبة في بناء رواية طويلة، لكانت لغته التي لا تخلو من إشراقات وصفية ومتانة في تراكيبها، قادرة على إنجاز عمل مدهش لو لجأ فيه إلى الاختزال والتكثيف وإغناء شخصيات بأصواتها، ضمن بناء سردي يوجز حكاية يمكنها أن تشوق وتشد متلقيها إليها. ثمة في الرواية حالة اغتراب يعيشها البطل لا تختلف كثيرا عن تلك التي يحياها الكثيرون في أي من مجاميع المجتمع الذي ينتمي إليه، ويحمل غالب اغترابه المقيم من الرياض إلى أي مكان يحل فيه ويرتحل إليه. ومن باب حسن الظن بقدرة الروائي الذي يمتلك لغة عالية وحكائية غزيرة، فإن الملل الذي يتسرب إلى المتلقي مقصود، لأن بطله وسارده تختزل حياته كلها بالملل والمشاريع غير المكتملة: طفولة ناقصة ودراسة لم تكتمل بسبب بحث عن العائلة لم يكتمل. ولعل الرواية بكل تفاصيلها هي البحث الذي لم يقدمه غالب لجامعته، وحب ناقص لا نهاية سعيدة له رغم استمراره عشرين عاما، وخذلان الأمكنة التي لم تكن كسد القندس.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القندسعن الحب وخذلان الأمكنة القندسعن الحب وخذلان الأمكنة



GMT 18:18 2021 السبت ,27 آذار/ مارس

حكايات من دفتر صلاح عيسى في كتاب جديد

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 11:07 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

"بنات كوباني" كتاب أميركي عن هزيمة "داعش"

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

الفري يعلن عن تأجيل معرض الكتاب 46

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon