روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح
آخر تحديث GMT18:47:13
 لبنان اليوم -

روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح

المفكر الفرنسي روجيه غارودي
واشنطن ـ العرب اليوم

وصف المفكر الفرنسي روجيه غارودي الولايات المتحدة الأميركية بأنها: شركة للإنتاج يجمعها بصفة أساسية هدف واحد: الربح والمال، تعتبر كل هوية شخصية، ثقافية، فكرية أو دينية، شيئًا خاصًا، فرديًا للغاية، لا يتداخل مع سير النظام.

 ويمنحنا هذا التعريف المختصر المفيد القدرة على توقع خطوات أميركا كدولة لا تعمل إلا وفق معيار الربح المادي، يمكن بسهولة أن تتخلى عن وعودها وتنقض اتفاقياتها الدولية لو تعارض الأمر مع هذا المعيار وبغض النظر عن نتائج ذلك على الجميع حتى حلفائها، بدا هذا واضحًا للغاية في اجتماع الدول السبع الصناعية الكبرى في كندا حديثًا.

وأعرب دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي، عن هذه الإشكالية حين حذر من أن موقف ترامب بشأن حرية التجارة واتفاقية المناخ والملف النووي الإيراني يشكل خطرًا حقيقيًا، وأكد على أن النظام الدولي المرتكز على حكم القانون يواجه مخاطر، والأغرب هو أن الذي يشكل هذا الخطر ليس المشتبه فيهم المعتادون لكن مهندس (هذا النظام) وداعمه الرئيسي وهو أميركا.

ونجد الرئيس الأميركي الأسبق بوش الأب علق على قمة ماستريخت في أوائل التسعينيات، التي مهدت لتأسيس الاتحاد الأوروبي، قائلًا: تعطي أوروبا الأكثر وحدة للولايات المتحدة شريكًا أكثر فاعلية، قادرًا على تحمل أكبر المسؤوليات، وحذر بوش المجتمعين حينذاك من اتخاذ أي سياسات حمائية، ما حذر منه بوش سابقًا ينفذه ترامب حاليًا بإجراءات حمائية ضد أوروبا واليابان والصين وكندا والمكسيك، فما كان في التسعينيات في مصلحة أميركا العظمى أصبح الآن ضدها!! الدول الصناعية الكبرى لم تصمت على الانقلاب الأميركي بل هددت بإجراءات مماثلة.

ترامب يريد إيقاف الإغراق الصيني لأسواق بلاده، في حين أن أميركا تحتكر، على سبيل المثال، تجارة الصويا وتصدر ملايين الأطنان من الكُسب كعلف للحيوانات يعتمد غذاء أوروبا من اللحوم على ذلك، وحتى يبقى الحال على ما هو عليه نجحت في غلق مصنعين في فرنسا وإيطاليا لمنع الإنتاج الصناعي للبروتين باستخدام عملية صناعية خاصة بتكرير البترول ابتكرها عالم فرنسي.

تحاول أميركا أن تتملص من كل تعهداتها السابقة وكذلك النظام العالمي الذي أرست قواعده لأنه لم يعد في صالحها بعد بزوغ الصين كقوة اقتصادية ومنافستها بقوة على قمة الاقتصاد العالمي، انتخاب ترامب وتصدره المشهد ليس صدفة، فهو أداة الدولة العميقة لإحداث هذا الانقلاب، ولم يكن باستطاعة أي رئيس أميركي آخر أن يقوم بدور المهرج كما يفعل ترامب، فليس هناك عاقل يمكن أن يقبل القيام بهذا الدور، لكنه دور يلائم شخصية ترامب الاستعراضية ووعوده أثناء حملته الانتخابية، وعادة وعود الحملات الانتخابية لا تنفذ إلا في حالة كونها معبرة عن اتجاه الدولة والمؤسسات الأميركية وتكتلات أصحاب المصالح بها، وأنا أعتقد أن بعد انتهاء ترامب من مهمته سيتم الاستغناء عنه.

 استخدمت أميركا ببراعة خدعة الخنازير المعروفة، وبعد أن يتم لها ما تريد ستزيح ترامب عن المشهد العالمي، وهناك اتهامات جاهزة تجيز إقالته وحينذاك سيتنفس العالم الصعداء دون أن ينتبه أن الأمور باقية على ما هي عليه، وستروج آلة الإعلام الأميركية العملاقة لصورة أميركا زعيمة العالم الحر ومنقذة الديمقراطية.

النظام العالمي التي أسسته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية وأجبرت العالم كله على الانصياع له يترنح بسببها، ويذكرني هذا برواية فرانكشتين، النظام العالمي لم يعد صالحًا، ليس لأن أميركا قررت ذلك، لكن لأنه نظام فاسد وغير عادل، لم يضع في حسابه دول العالم الثالث التي تكافح من أجل تنمية حقيقية يتم إجهاضها على يد المؤسسات المالية الدولية التي أسستها أميركا لتنفيذ سياستها وإحكام سيطرتها وهيمنتها على العالم. نحن في مفترق طرق، مصر مثل باقي دول العالم، الكل يبحث عن بديل لنظام أوشك على الانهيار، لكن هذه المرة يجب أن يكون لدول العالم جميعا وكذلك شعوبها رأى وموقف، على العالم كله أن يتحد من أجل الوصول إلى نظام عالمي ذي وجه إنساني، يقوم على المشاركة وليس المغالبة والتسلط.

المشكلة الحقيقية هي في التوافق على المفاهيم التي يجب أن تسود المستقبل والنظام الاقتصادي الأكثر نفعاً لعموم البشر حول العالم، ووضع معايير لأولويات الحياة في عالم تتسارع فيه وتيرة الاستهلاك إلى حد الإبادة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح روجيه غارودي يصف السياسة الأميركية بأنها شركة إنتاج همّها الربح



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon