رام الله ـ أ ش أ
كان الفلسطينيون يفرحون باستقباله كل عام ويصفونه بأنه فصل خير وبركة تنهمر أمطارها لتزيد خصوبة الأرض وتزيد معها نسبة المحاصيل المزروعة.. إنه الشتاء الذي حل هذا العام ضيفا ثقيلا على الأراضي الفلسطينية بشكل غير مسبوق بعواصفه الثلجية العاتية التي سببت تلفا لرقعة كبيرة من الأراضي الزراعية ونفوق الآلاف من الماشية والدواجن، لكن بعد انحسار الثلوج والبدء في حصر الخسائر اتضح أن كارثة الثلوج سيكون لها أيضا جانب اقتصادي سيشكل عبئا آخر على الفلسطينيين بخلاف الكوارث التي حلت بهم مع توقعات بارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة بنسبة تصل إلى 15%.
وتقدر خسائر القطاع الزراعي الفلسطيني حتى الآن بـ42 مليون شيكل، وهو رقم مرشح للارتفاع بعد التخلص من الآثار الكارثية للعواصف الثلجية وحصر كل الخسائر بشكل دقيق.
وبدأ بعض التجار بالفعل في استغلال الأزمة التي تعرضت لها المحاصيل الزراعية وحاجة المواطنين إلى بعض السلع الأساسية، خاصة في ظل البرد القارس، ورفعوا أسعار بعض منتجات الخضروات والفواكه بحجة قلة التوريد بسبب إغلاق العديد من الطرق بفعل الثلوج المتراكمة.
وقد شهدت أسواق محافظة طولكرم بشمال غرب الضفة الغربية على سبيل المثال ارتفاعا كبيرا في أسعار الخضروات والفواكه في وقت وجهت فيه دعوات للتجار من أجل مراعاة ظروف المواطنين والاستعداد لموسم زراعي جيد بعد كمية الأمطار الكبيرة التي هطلت على المحافظة.. ودعت بعض الجهات المختصة التجار إلى العمل على ضبط الأسعار وعدم التلاعب بها مراعاة للظروف الاقتصادية للمواطنين على ضوء الارتفاع الملحوظ في الأسعار بحجة صعوبة قطف المحاصيل.
وكان أحد أهم أسباب هذا العبء الاقتصادي الجديد الذي سيتحمله المواطن الفلسطيني العادي الخسائر الفادحة التي لحقت بالمزارع في محافظة طوباس التي يصفها البعض بـ"سلة غذاء فلسطين" حيث تعرضت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إلى موجة من الصقيع والتجمد أثرت بشكل مباشر على المحاصيل، مما ألحق أضرارا جسيمة بالمزارعين الذين ناشدوا الجهات المختصة حصر حجم الأضرار والعمل على تعويضهم.
واستغل بعض التجار موجة الصقيع لرفع الأسعار دون الالتفات للأعباء الاقتصادية للمواطنين في ظل غياب الرقابة عن التجار.
كما تعرضت محافظة جنين ومنطقة الأغوار أيضا لخسائر فادحة لتخسر الأراضي الفلسطينية مرة أخرى بعد طوباس اثنتين من أهم المناطق المساهمة بسلة غذاء مواطنيها.
ففي جنين يعاني الزارعون من خسائر كبيرة وتشكل الصقيع على المحاصيل وتطاير الصوبات البلاستيكية بسبب العواصف العاتية التي تسببت في أضرار لمئات الدونمات من الأراضي الزراعية، وتقدر الخسائر الأولية هناك بملايين الشواقل.
كما تعرض أكثر من 100 دونم من الأراضي المزروعة بالخضروات لتلف كامل في قرية الجفتلك بمنطقة الغوار الفلسطينية بسبب تشكيل بركة ضخمة للمياه في مستوطنة "مسواه" الإسرائيلية بالقرب من القرية والتي انفجرت بشكل مفاجئ لتغمر وتجرف أراضي القرية الزراعية.
وقالت المؤسسات الرسمية إنها "شكلت لجانا لتقدير حجم الأضرار لرفعها إلى مجلس الوزراء الفلسطيني لدفع تعويضات إلى المزارعين المتضررين"، لكن أحدا لن يلتفت فيما يبدو للمستهلك العادي الذي سيتكبد عناء عبء اقتصادي جديد يتمثل في رفع الأسعار قبل أن يفيق من الأضرار المادية التي تسبب بها المنخفض الجوي الأشد ضراوة منذ سنوات
أرسل تعليقك