رأى خبراء اقتصاد أن التدخل الحكومي في عمل البنك المركزي العراقي خلال الفترة الماضية عرقل تنفيذ الكثير من المشاريع التي من شأنها إحداث اصلاحات اقتصادية كبيرة ومن ضمنها مشروع حذف الأصفار من العملة العراقية.
وفي حين أكد الخبراء أن الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية غير مؤاتية في الوقت الراهن لحذف الأصفار من العملة، أشاروا الى ان اعتراضات الحكومة على عمل المركزي "محترمة" لكنها لا يجب ان تصل الى حد التدخل في عمل البنك وتعرقل نشاطه كون المركزي هيئة مستقلة عن الحكومة وترتبط ارتباطا مباشرا بمجلس النواب.
وكان البنك المركزي العراقي قد أكد، في (25 نيسان2013)، بأنه لا توجد نية في الوقت الحالي لهيكلة العملة وحذف ثلاثة أصفار منها، نافياً الأنباء التي تحدثت بهذا الشأن.
وفي سياق متصل، قال محافظ البنك المركزي الأسبق سنان الشبيبي ان "مشروع حذف الأصفار هو مشروع يمكن تنفيذه خلال الأمد القصير وهو بلا شك يتطلب استقرارا سياسيا لا يتوفر في الوقت الراهن"، مبينا انه "يجب إكمال التحضيرات وكأن العمل في مشروع حذف الأصفار سينفذ حالا".
وأوضح الشبيبي بالقول إن "التحضيرات قد انتهت تقريبا أيام إدارتنا السابقة بما في ذلك الفئات والتصاميم والاتصالات مع الشركات العالمية ،إلا ان الموقف السلبي للحكومة من الإدارة السابقة للبنك في الكثير من اعمالها أخّر التنفيذ كثيرا خاصة ان موضوع من هذا القبيل يحتاج الى تعاون وتنسيق وثيقين بين البنك المركزي والحكومة والقطاع الخاص".
وأكد الخبير ان "الاقتصاد العراقي كبير من ناحية الإنفاق، والبديل عن حذف الأصفار هو اللجوء إلى فئات نقدية أكبر مع الإبقاء على الأصفار، وهذا سيؤدي الى مشاكل عملية وحسابية"، لافتا الى ان "الهدف من رفع الاصفار هو لتسهيل التعامل، خاصة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الاقتصاد سيشهد زيادات في الإنفاق الذي سيظل نقديا لفترة غير معلومة".
وتابع الشبيبي بالقول ان "عملية حذف الاصفار هي ليست عملية اقتصادية ،لذلك لا يؤثر على التضخم" موضحا ان "ما يؤثر على التضخم هو السياسة النقدية، وان حذف الاصفار لا يدخل ضمن السياسة النقدية وهو ليس من أدواتها".
وخلص الشبيبي بالقول ان "عملية حذف الاصفار ستشجع استخدام فئات نقدية أصغر وستساعد على استخدام الفئات المعدنية".
هذا وقد قال خبير الاقتصاد ميثم لعيبي ان "استحداث محافظ جديد للبنك المركزي يمكن ان يكون خطوة جيدة لفتح حوار بموضوع حذف الاصفار، خاصة ان السيد العلاق يعد مستمعا جيدا، ويحاول فتح قنوات حوار مثمرة مع المتخصصين"، مبينا ان "رفع الأصفار عن العملة العراقية ليس بالمشروع الجديد، لأن بواكيره كانت منذ 2005 وقد حصلت الموافقات المبدئية بشأنه في العام 2010 وهي السلطة التي لا أزال أؤمن بقوة انها الجهة المسؤولة عن المركزي، وهو امر يحفظ لها الاستقلال عن الحكومة".
وأضاف لعيبي بالقول ان "اعتراضات الحكومة على عمل البنك المركزي محترمة، لكنها بنفس الوقت لا يمكن ان تصل الى مرحلة عرقلة نشاطه، وأظن ان مشروع رفع الاصفار كان له ان يتم لولا اعتراضات الحكومة التي تحولت الى كرة ثلج أطاحت بإدارته السابقة".
واستغرب لعيبي من "مناسبة الحديث عن موضوعة حذف الاصفار في الوقت الحاضر"، معتبرا ان "مشروع رفع الاصفار هو عمل إصلاحي يقع في خاتمة اعمال اخرى كان المركزي قد نجح فيها إلا ان الظروف الامنية والسياسية الحالية غير مؤاتية بالمرة لمثل هذا الإجراء".
وتابع بالقول "كان من المفترض ان يكون مشروع رفع الأصفار تتويجاً لجهود البنك المركزي، ليضعنا امام إنجاز حقبة تاريخية مهمة في التاريخ النقدي العراقي المعاصر"، منوها الى ان "مشروع رفع الاصفار سيظل قائما بانتظار الظروف الاقتصادية والسياسية والامنية الملائمة لإطلاقه".
ودعا لعيبي الى "ضرورة استعداد الجهات ذات العلاقة بمشروع حذف الاصفار واستكمال ادواته والتهيئة له جيدا"، معتبرا "عملية تبديل العملة من فئة العشرة آلاف دينار بطبعة جديدة وبمواصفات فنية وأمنية عالية الجودة وما سيلحقها من استبدال لباقي الفئات مدخلا ملائما لتطبيق مشروع رفع الاصفار في مرحلة لاحقة". وكانت اللجنة المالية في مجلس النواب السابق قد كشفت في، (15 اب 2013)، عن تأجيل عملية حذف الاصفار من العملة الى ما بعد الانتخابات البرلمانية، فيما اكدت أن الحكومة تطالب بضمانات لعدم عودة العملة المستبدلة الى الاسواق وتزويرها.
ويعتمد العراق الذي يملك رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم على 95 بالمئة من موازنته السنوية على صادراته النفطية وينتج حالياً نحو مليونين و900 ألف برميل يومياً، فيما يصدر بحدود مليونين و200 ألف برميل يومياً، حسبما افادت صحيفة المدى.
أرسل تعليقك