النازحون السوريون في لبنان بين ناري البقاء والرحيل
آخر تحديث GMT11:49:30
 لبنان اليوم -

النازحون السوريون في لبنان بين ناري البقاء والرحيل

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - النازحون السوريون في لبنان بين ناري البقاء والرحيل

النازحون السوريون في لبنان
بيروت ـ العرب اليوم

يعاني آلاف النازحين السوريين في لبنان أوضاعا إنسانية صعبة فرضتها عليهم النار المستعرة في بلدهم وزادت في قسوتها العاصفة الثلجية التي ضربت البلاد والتي تزامنت مع فرض السلطات اللبنانية تأشيرة على السوريين استكمالا لقرار الحكومة اغلاق الحدود أمامهم إلا في حالات استثنائية، ليحشر النازح السوري بين ناري البقاء في لبنان رغم المأساة التي يعيشها أو الرحيل الى ساحات الموت في سوريا.

"بدي ارجع على سوريا، اشتقت لجدتي، لألعابي، بيتنا بسوريا ما في مطر وبرد"، كلمات بريئة وعيون ذابلة هذا ما رددته الطفلة ايمان بدران ابنة الثماني سنوات المقيمة مع عائلتها المؤلفة من سبعة أفراد في غرفة متواضعة والتي التقتها مراسلة وكالة الانباء القطرية (قنا) في لبنان خلال جولة ميدانية لأماكن تواجد النازحين السوريين في بيروت وضواحيها .
هذا الحال الذي تعيشه ايمان ينسحب على أكثرية الأطفال النازحين الذين يعيشون ظروفا مأساوية سرقت أحلامهم وقتلت طموحاتهم وجعلتهم فريسة للمجهول،"تركت المدرسة من سنتين، كان حلمي أن اكون دكتور أو استاذ"، بغصة وذل أجابنا محمد البالغ من العمر "13 عاما" عند سؤالنا عن مستقبله.
وسط البرد القارس وفي عين العاصفة يقف الى جانب الطريق الشاب احمد محمد "18 عاما" الذي كان يحمل امتعته في الشارع بانتظار من يرأف بحاله لينقله من بيروت الى أحد أقاربه في الضواحي.. سألنا الشاب النازح من حلب فأجاب "لا مستقبل لنا، لا شهادة ولا مهنة ولا وطن ولا مأوى".

واضاف الشاب النحيل الذي بدت قسوة الظروف عليه " ابحث عن عمل في أي شيء ، سأنام في مكان عمل قريبي بانتظار عودة ابي الذي تصعب عليه العودة من سوريا بعد قرار لبنان اغلاق الحدود  بوجه النازحين".
مع الغطاء الأبيض الواسع الذي غطى لبنان واستمرار تساقط الثلوج التي وصلت حتى الساحل برزت الى العلن المأساة التي يواجهها النازحون السوريون في مخيماتهم وتجمعاتهم، خاصة أن مساكنهم وخيمهم لا سقف فوقها بل أكياس نايلون ملفوفة على أمتار من الحديد ومثبتة بدواليب سيارات، ومنازلهم لا سجادة فيها بل بعض البطانيات التي اكتسحتها المياه .
"ضاق بنا العيش أنا وأسرتي،موت في سوريا وذل في لبنان، دخلت المياه الغرفة التي نسكنها بعد أن مزقت العاصفة أغطية النايلون عن الشبابيك"، هذا ما قالته فاطمة حسين "أم لستة أولاد". وتابعت بصوت خافت " طفلتي البالغة من العمر عدة أشهر تعاني حرارة واستفراغ بسبب الصقيع والبرد ولا يمكنني أن أذهب بها الى الدكتور" .

حرقة الأم فاطمة لا تختلف عن مرارة الأب عبد الكريم مؤيد، وهو في العقد الرابع من عمره الذي يشعر بالخجل من حال عائلته بعد أن اضطر الى اجبار أربعة من أولاده على ترك المدرسة بسبب ضيق الأحوال المادية .. وقال"أنا خجلان بوضع عائلتي، نحن ثمانية أفراد في شبه منزل، اثنان فقط من أولادي في المدرسة، ذقنا الويل في العاصفة لأن المياه غمرت غرفتنا ، فبتنا في العراء" ظروف عبد الكريم وشعوره بقسوة الغربة الذي اشتغل "عامل تنظيفات في أحد البلديات " لدرء العوز عن أسرته بعد أن كان مالكا لمتجر في سوريا لم تمنعه من تلمس الأعذار للدولة اللبنانية على قرارها اقفال الحدود بوجه النازحين السوريين على الرغم من تمنياته بالتفريق بين هارب من الحرب الى لبنان وارهابي وقال "العبء على اللبنانيين كبير ونشكر لبنان على استقبالنا، وما يقلقنا عدم التمييز بين سوري هرب من الحرب وبعض المخربين من سوريا"، في حين عبرت النازحة نوال حمدو عن خوفها من القرار الذي قد يحرمها من رؤية اهلها بعد ثلاث سنوات من اقامتها في لبنان "أمي ما عاد فيها تجيء ولا نحن نطلع بعد فرض الحكومة اللبنانية اجراءات صعبة علينا ، اخاف موت أهلي وأنا هنا ولا استطيع الذهاب وترك عائلتي المؤلفة من خمسة اولاد".
وكانت الحكومة اللبنانية وافقت في 23 اكتوبر الماضي على خطة وزارية تقضي بإيقاف استقبال النازحين السوريين الى لبنان إلا في حالات استثنائية ، واستكملت هذا القرار بفرض "فيزا" على السوريين ،حيث كان لبنان بدأ في 5 يناير الجاري بفرض تأشيرة دخول للسوريين القادمين الى لبنان تمنح على المعابر الشرعية اللبنانية، على أن ينظم السوري المقيم وضعه القانوني خلال شهر، عبر الحصول على إقامة عمل لمدة عام، بموجب نظام الكفالة" في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات بين سوريا ولبنان .. مع العلم أن السوري لا يحتاج إلى تأشيرة دخول الى لبنان، ولا اللبناني الى تأشيرة دخول إلى سوريا قبل الحرب السورية الحالية حيث كانت عملية التنقل بين البلدين اللذين يتشاركان في حدود تمتد بطول 330 كيلومتراً تتم من خلال ابراز الهوية الشخصية فقط، من دون الحاجة الى أي مستندات أخرى.

وتفاقمت معاناة النازحين السوريين في لبنان مع العاصفة الثلجية "زينة " حيث بات بعضهم في العراء بعد أن اقتلعت الرياح أغطية خيمهم، وقد ولدت "زينة " خسائر بشرية وأضرارا مادية وسط أنباء عن تسجيل ثلاث وفيات على الاقل بينهم طفلة بسبب موجات الصقيع، كما عانى النازحون من نقص في المواد الغذائية ووسائل التدفئة بسبب نقص الموارد لدى هيئات الإغاثة وشح التمويل من قبل الجهات المانحة نظرا لزيادة عدد النازحين السوريين الى لبنان ما يقارب مليون ونصف شخص وسط تقديرات بأن خسائر لبنان المباشرة جراء هذا النزوح 7.5 مليارات دولار منذ بدء الأزمة السورية ولغاية العام الماضي 2014.

وفي هذا السياق، أكد طارق الكعكاتي المسؤول الاعلامي في هيئة الاغاثة والمساعدات الانسانية في دار الفتوى بالجمهورية اللبنانية في تصريح لمراسلة وكالة الأنباء القطرية  ،ان ابرز الصعوبات التي واجهت الهيئة اثناء عملها لتقديم مساعدات الى النازحين السوريين خلال العاصفة هو الشح في "المازوت" لتأمين التدفئة، لافتا إلى الوضع الصعب للنازحين في ظل العاصفة مع انخفاض درجة الحرارة الى 10 درجات تحت الصفر في بلدة عرسال الواقعة شرق لبنان وهي أحد وجهات عمل الهيئة.
وذكر الكعكاتي انه لمس تذمرا كبيرا لدى عدد من النازحين اثناء العمل الاغاثي الذين اشتكوا من عدم تجهيز اماكن سكنهم وخيمهم للعواصف.

واكد ان الهيئة استنفرت طاقمها وكل اجهزتها لمواجهة العاصفة وتخفيف آثارها عن النازحين السوريين ووصلت الى مخيمات عرسال "مخيم ام القرى، رأس السرج، وادي سويد" ،حيث عملت على فتح الطرقات المقطوعة بسبب تراكم الثلوج اضافة الى تقديم حوالي 2500 وجبة ساخنة يوميا من خلال عمل "المطبخ الاغاثي الجماعي، ونقل المرضى بسيارات الهيئة.
ولفت إلى لجوء عدد من النازحين في بعض مخيمات عرسال إلى الجوامع بعد أن اجتاحت الثلوج خيمهم.

قنا

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النازحون السوريون في لبنان بين ناري البقاء والرحيل النازحون السوريون في لبنان بين ناري البقاء والرحيل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
 لبنان اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 لبنان اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon