الرياض - كريم ابوالعلا
ثلاث زيارات رسمية أجراها جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى السعودية في الأشهر الخمسة الفائتة، الأولى التقى خلالها خادم الحرمين الملك سلمان في مكتبه بقصر اليمامة منتصف ديسمبر 2017، وبعد 10 أيام عقد السويسري اجتماعا بولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحضور تركي آل الشيخ رئيس هيئة الرياضة، وتكرر اللقاء مجددا البارحة بين الطرفين في جدة.
قبل 26 عاما أطلق السعوديون بطولة كأس الملك فهد في الرياض وبمشاركة منتخبات الأرجنتين وأميركا وساحل العاج، وبعد نجاح البطولة أقيمت مجددا بمعية أبطال أوروبا وأفريقيا وآسيا وكوبا أميركا والكأس الذهبية، وكان نجاح البطولة ينسب إلى الأمير الراحل فيصل بن فهد وفريق عمله في تلك الحقبة.
أثناء إعداد السعوديين لإقامة النسخة الثالثة من البطولة، تهافت الشركات التجارية والمحطات التلفزيونية طلبا لرعاية البطولة وتشفير مبارياتها، ما جعل الاتحاد الدولي لكرة القدم يبارك البطولة رسميا عام 1997 مع تغيير اسمها إلى كأس القارات والتي فازت بها ألمانيا أمام تشيلي الصيف الفائت في سان بطرسبورغ.
تقول وكالة الأنباء السعودية "واس"، إن اجتماعا عقد في التاسع من رمضان بين الأمير محمد بن سلمان ونظيره إنفانتينو، نوقش خلاله تعزيز التعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، بينما تؤكد وكالة الأنباء العالمية "رويترز" أن المسؤول السويسري يبحث عن دعم لوجستي لتطبيق أفكاره الكروية الجديدة على أرض الواقع؛ وهو ما يفسّر زياراته المتكررة إلى السعودية وقبلها روسيا والصين واليابان والإمارات.
يعقد مجلس "فيفا" اجتماعا حاسما انطلاقة كأس العالم في روسيا (20 يوما من الآن)، وذلك لمناقشة الاقتراحين اللذين تقدم بهما الرئيس جياني في الاجتماع السابق بمدينة بوغوتا الكولومبية شهر مارس الفائت، حيث سيتم التصويت على اقتراحين أولهما إلغاء كأس القارات وإقامة دوري الأمم بمشاركة 200 بلدا حول العالم، والاقتراح الثاني بخصوص إصلاح كأس العالم للأندية ورفع الأندية المشاركة به إلى 24 ناديا ضمن بطولة تقام كل 4 أعوام.
معظم البلدان الأوروبية ترفض اقتراحات إنفانتينو، بينما وصفها ألكسندر تشيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بالأنانية التجارية المعيبة التي لا تعرف الرحمة، واتهم الرئيس السلوفيني نظيره السويسري ببيع روح اللعبة. من جانب آخر يريد الأوروبيون معرفة هوية المستثمرين الذين وعدوا إنفانتينو بأرباح 25 مليار دولار في حال إقامة البطولتين الجديدتين بين أعوام 2021-2033، ولكن الرجل السويسري يرفض البوح بالتفاصيل نظرا لسرية الاتفاقيات المبرمة مع المستثمرين حتى اعتماد البطولتين.
في منتصف أبريل الفائت، أعلنت صحيفة الـ"فايننشال تايمز" عن اقتراب "فيفا" من إطلاق بطولات دولية جديدة عبر تحالف دولي يضم مستثمرين من السعودية والصين والولايات المتحدة ويقوده سوفت بنك الياباني الذي يملك صندوقا استثماريا بقيمة 100 مليار دولار ويعتبر السعودية أكبر شريك فيه
بـ45 مليار دولار ضمن مشروع ينهض بالاقتصاد لمرحلة ما بعد النفط.
ولا يخفى على أحد حبّ الأمير محمد بن سلمان للرياضة وخاصة كرة القدم، إذ طلب تحويل الدوري السعودي للمحترفين إلى دوري نجوم بتواجد 7 لاعبين أجانب لكل فريق في الموسم المقبل، كما يطمع في تصنيف الدوري السعودي بين أفضل 10 دوريات حول العالم، وهو ما تزامن مع سداد الأمير لديون الأندية الخارجية وتقديمه دعما لا محدود لقطاع كرة القدم الأسبوع الفائت بقيمة مليار و200 مليون ريال سعودي.
حينما أطلق ولي العهد رؤية 2030 قبل عامين، أكد على إعادة هيكلة للقطاع الرياضي وتخصيص برامج ومبادرات واضحة لاستهداف الأنشطة الرياضية أولها كرة القدم، ومع تسارع وتيرة الأحداث الأخيرة، تبدو الأمور واضحة باعتزام السعودية استعادة مكانتها الرياضية عالميا وأن تكون شريكا مع الاتحاد الدولي لكرة القدم ضمن عهد سعودي مشرق ومختلف يتحكم في مفاصل اللعبة لا يركض خلفها فقط.